اجتماع فيينا حول «النووي» الإيراني: مطالب بتفتيش «بارشين» ولقاء مسؤولين محددين

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: لا تفاؤل أو تشاؤم بصدد النتائج.. والقرار النهائي من خامنئي

رئيس فريق المفتشين التابعين للوكالة الدولية والطاقة الذرية يقابل الصحافيين خارج مقر السفارة الإيرانية في فيينا أمس (إ.ب.أ)
TT

مغلفة بصمت رسمي وعبارة «لا تعليق» تتواصل اليوم جلسات جولة المفاوضات الثالثة بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران التي بدأت صباح أمس واستمرت لمدة 5 ساعات بالعاصمة النمساوية فيينا بهدف الحصول على توضيحات لما تصفه الوكالة بقضايا ما تزال عالقة وأسئلة تحتاج لردود مستعجلة لا سيما الشكوك والاتهامات التي تطال النشاط النووي الإيراني بنوايا وأهداف عسكرية.

وبينما لم يدل مندوب إيران لدى الوكالة السفير علي اصغر سلطانية بأي تعليق وهو يشق حشدا من الصحافيين ممن تجمعوا أمام مقر البعثة الإيرانية لدى الوكالة بالحي الثالث في العاصمة النمساوية قبيل العاشرة صباح أمس، اكتفى هيرمان ناكيرتس، رئيس وفد الوكالة عند مغادرته بعد الثالثة بقليل بعبارة «لا تعليق» بينما تبعه للركوب في ذات السيارة كل من الأميركية لاورا روكورد المستشار القانوني بالوكالة والفرنسي جاك بوت رئيس قسم بإدارة الضمانات والأرجنتيني رفائيل غراسي مدير مكتب مدير الوكالة الياباني يوكيا أمانو. ومعلوم أن هيرمان ناكيرتس البلجيكي الجنسية يعمل نائبا للمدير العام ورئيسا لقسم الضمانات.

ومما يجدر ذكره أن ناكيرتس عند وصوله ووفد الوكالة كان قد اكتفى بتصريح مقتضب ردا على أسئلة الصحافيين أشار فيه إلى أن أولوية المفاوضات تتمركز حول توضيحات بشأن الأهداف العسكرية مشددا على ضرورة أن تطلع إيران مفتشي الوكالة على معلومات وأن تسمح لهم بإجراء لقاءات ومقابلة مسؤولين وزيارة مواقع.

ومما أثار الانتباه أن ناكيرتس قال في تصريحه «مواقع» دون أن يذكر موقع بارشين العسكري بالاسم. مع العلم أن بارشين هو الموقع الذي تشير معلومات الوكالة إلى أنه قد شهد انفجارات وجرت فيه تجارب تثير الريبة وتقوي الشكوك حول أهداف عسكرية للنشاط النووي الإيراني وأن إيران تسعى لصنع رؤوس نووية لصواريخها المسماة «شهاب 3».

وفي هذا الصدد أوضح مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «مواقع» التي اكتفى بها ناكيرتس مقصود بها مواقع معينة داخل بارشين حددتها الوكالة تحديدا واضحا ولن ترضى بغير معاينتها وتفتيشها أي لن تكتف الوكالة بزيارة مواقع داخل بارشين قد تقترحها إيران فحسب تماما كما لن تقبل الوكالة بغير لقاءات مع أسماء لمسؤولين بعينهم.

وردا على سؤال حول مسألة السيادة الإيرانية بحكم أن موقع بارشين موقع عسكري لم تعلنه إيران موقعا نوويا وبالتالي فإنه يعتبر خارج نطاق المواقع المنصوص عليها بموجب اتفاقات الضمان الموقعة بين إيران والوكالة والتي تراقبها الوكالة ويفتشها المفتشون الدوليون، وأوضح ذات المصدر أن إيران كانت قد سمحت للوكالة عام 2006 بزيارة بارشين، متسائلا بدوره عما استجد وعما يمنع السماح بتكرار زيارة بارشين هذه المرة.

وفي سياق مواز أجمعت مصادر استطلعتها «الشرق الأوسط» أن الوكالة وإيران لا بد أن يتفقا على الأقل على «ورقة تفاهمات مشتركة» أو خارطة طريق حتى يعملا في تعاون، مبدية مشقة في إظهار تفاؤل أو تشاؤم بصدد نتيجة هذه الجولة من المفاوضات بحكم أن الإطار الأكبر هو المباحثات التي ستنعقد ببغداد في 23 من الشهر الجاري، منبهين لحقيقة أن جولات التفاوض بين الوكالة وإيران وإن كانت ذات طابع تقني فإنها في النهاية ذات مرجعية سياسية لذلك فإن القرار الإيراني الأخير لا بد أن يأتي من طهران بل ومن قمة هرم السلطات الإيرانية المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وفي هذا تتساوى هذه المفاوضات رغم صبغتها الفنية مع جولة المفاوضات السياسية القادمة بين إيران والمجموعة الدولية التي يشار إليها بـ5+1 المتكونة من الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا بتاريخ 23 القادم واقترحت لها إيران العاصمة العراقية بغداد.

وبينما كان اجتماع فيينا يجري على قدم وساق، جدد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد حق بلاده في إقامة المشاريع النووية السلمية، ودعا الغرب إلى «تغيير موقفه» حيال إيران قبل استئناف محادثات بغداد.

وقال أحمدي نجاد كما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية خلال زيارة له إلى قوشان (شمال - شرق) «إذا قام الغرب بتغيير موقفه واحترم الشعب الإيراني، فإنه سيربح في المقابل احترام الإيرانيين»، وأضاف «عليهم أن يعرفوا أن الأمة الإيرانية لن تتراجع أبدا عن حقها الجوهري» في المجال النووي.

وبدوره أكد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمنبرست أمس أن طهران سترحب باجتماع بغداد إذا كان مجردا من «الضغوط والشروط المسبقة». وأرجع السبب في فشل المفاوضات السابقة حول البرنامج النووي إلى «الدور السلبي لبعض الدول»، وأضاف «لو جاءت دول 5+1 إلى اجتماع بغداد بحسن نية سنرحب بذلك».

وجاء ذلك بعد أن حذر كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي سعيد جليلي الغرب من «الحسابات الخاطئة» التي يمكن أن تؤدي إلى إفشال قمة بغداد وذلك خلال لقاء مع رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ميشال روكار. وبعد اللقاء أكد روكار الذي يقوم بزيارة خاصة لطهران، أمس لوكالة الصحافة الفرنسية أن إيران مستعدة «لبدء مرحلة جديدة» والقيام «بخطوات إلى الأمام» للتوصل إلى حل متفاوض عليه للمسألة النووية.