مجموعات جهادية غير معروفة تدخل على خط النزاع في سوريا

خبراء: لا مصلحة للثوار في التفجيرات

TT

يرى خبراء أن النزاع السوري يساهم في بروز مجموعات إسلامية متشددة تتبنى اعتداءات دامية، وتنطلق في عملياتها من تلقاء ذاتها أو بإيعاز من النظام بهدف تشويه صورة المعارضة.

ويقول الخبير في شؤون العالم العربي والإسلامي ماتيو غيدار، الذي يتخذ من فرنسا مقرا: «تنظيم القاعدة غير موجود في سوريا. إلا أن هناك بعض المجموعات الجهادية التي تعتمد أسلوب عمل تنظيم القاعدة المتطرف». ويضيف غيدار لوكالة الصحافة الفرنسية: «المعروف أن أعضاء هذه المجموعات سوريون وليسوا أجانب، وأن عددهم قليل جدا، وأن أحدا لا يعرفهم حتى الآن، لا (القاعدة) ولا المتمردون في سوريا».

وتبادل النظام والمعارضة الاتهامات بالوقوف وراء انفجارين وقعا في دمشق في 10 مايو (أيار) الجاري، واللذين تبنتهما «جبهة النصرة»؛ وهي مجموعة إسلامية لم تكن معروفة قبل أحداث سوريا. كما تبنت هذه المجموعة انفجارات أخرى سابقة في دمشق ومناطق أخرى. ويرجح الخبير في شؤون الشرق الأوسط جوشوا لانديس «ظهور مجموعات متطرفة بشكل مطرد»، كلما غرقت الأزمة في الفوضى والتعقيد.

ويقول غيدار، الذي وضع كتبا ودراسات عدة حول «القاعدة»، إن منفذي هذه الاعتداءات، مهما كانت هويتهم، «يوقعون عملياتهم باسم (القاعدة)، حيث إن الاعتداءات المتزامنة مع أحداث معينة تطبع هذا التنظيم»، الذي أسسه أسامة بن لادن والذي يعمل على شكل خلايا سرية لا تعرف بعضها.

وتذكر التفجيرات الدموية - التي تقول السلطات السورية إنها من تنفيذ انتحاريين - بالاعتداءات التي أدمت العراق والتي تبنتها مجموعات مرتبطة بتنظيم القاعدة. إلا أنه في غياب أي دليل أو معلومة أكيدة، يشير غيدار إلى احتمالين: «إما أنها مجموعات تشبه (شباب الصومال) تسعى للحصول على اعتراف بها كأحد مكونات تنظيم القاعدة، وإما أنها مجموعات يتم دفعها إلى تنفيذ اعتداءات بهدف محدد؛ هو نسبة هذه الاعتداءات إلى (القاعدة)».. مرجحا صدقية الاحتمال الثاني.

ويرى الخبراء أن انتشار الفوضى في سوريا يخدم بالدرجة الأولى النظام السوري. ويقول غيدار «هذا الغموض يصب في خانة النظام وحده، والذي ينتهج منذ أكثر من عام سياسة تقوم على الدمج بين الإرهابيين والمناهضين له».

ولا تقر السلطات السورية بوجود حركة احتجاج، بل تتحدث عن «مؤامرة» مدعومة من الخارج، تنفذها «مجموعات إرهابية مسلحة» تعيث فسادا وتخريبا في البلاد. واعتبرت روسيا، حليفة النظام السوري، أمس أن «القاعدة» ومجموعات متحالفة معها تقف «وراء الاعتداءات» التي وقعت في الأيام الماضية في سوريا. حيث قال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف لصحافيين: «بالنسبة لنا من الواضح جدا أن مجموعات إرهابية تقف وراء ذلك.. (القاعدة) وتلك المجموعات التي تعمل مع (القاعدة)».

وبحسب تقرير لمجموعة الأزمات الدولية (إنترناشيونال كرايزيس غروب)، فإن هذه الاعتداءات أداة في يد النظام «ليشوه صورة أعدائه.. ويزيد من تحفظات الغرب على التورط في نزاع يغرق في الفوضى».

ويقول مدير مركز بروكينغز للأبحاث في الدوحة سلمان شيخ: «بشار الأسد قال: (إذا تحديتم سلطتي ستحصل فوضى)»، ويبدو أن نبوءته تتحقق. لقد أوجد النظام هذا الجو من اللااستقرار عبر اعتماد الحل الأمني. ويشير إلى أن المعارضين «يناضلون ويجدون صعوبة بالغة للحصول على الذخيرة ولتهريب السلاح الخفيف ووسائل الاتصال عبر الحدود»، بينما التفجيرات تحتاج إلى أطنان من المتفجرات يصعب الحصول عليها. ويضيف شيخ أن عمليات التفجير تنفذ «بأسلوب متطور»، يدل على أن مجموعة مثل «جبهة النصرة» لا يمكن أن تعمل من دون مساعدة «قوى محترفة».

وتتهم المعارضة النظام بإنشاء هذه المجموعات من أجل الإساءة إلى حركة الاحتجاج السلمية.. واتخذت الانتفاضة الشعبية السورية طابعا عسكريا متصاعدا مع حملة القمع العنيف التي قامت بها السلطات ثم توسع حركة الانشقاق في صفوف الجيش السوري، ثم مع بدء القوات النظامية عمليات قصف واقتحامات عسكرية لعدد من المناطق التي يتجمع فيها المنشقون، إلى جانب التفجيرات المتنقلة.

ويقول غيدار «لا يمكن أن يستفيد الثوار من هذه الاعتداءات، ولا مصلحة لهم في أن تلصق بهم صفة (القاعدة)». ويشير إلى أن المعارضة السورية رفضت «تدخل» مسؤول تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في الشؤون السورية يوم أعلن دعمه للثورة. ويرى المحللون أنه لا علاقة بين تنظيم القاعدة وتيار الإخوان المسلمين، الذي نما بشكل سري في سوريا بسبب القمع الذي تعرض له على مدى السنين. ويقول شيخ: «إنهما كالزيت والماء.. لا يمكن أن يتم مزجهما».