محاولات «أبو الفتوح» لكسب تأييد الفرقاء السياسيين تربك مناصريه

دافع عن مواقفه.. واعتبر نفسه «رمزا للاصطفاف الوطني»

TT

تحمل اللافتات المصممة حديثا للمرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح شعارات حزب «النور» السلفي، وحزب «البناء والتنمية» الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وحزب «التيار المصري»، المكون من منشقين إخوانيين، إلى جانب شعار حركة «مصرنا» الليبرالية. وفيما بدا أن هذا التأييد الواسع والمتنوع لأبو الفتوح عامل قوة ودفع له في الانتخابات؛ إلا أنه شكل عامل طرد لكثير من أنصاره أيضا، بعد أن أبعد تأييد السلفيين له الكثير من أنصار الدولة المدنية. ويعتقد مراقبون أن الأمر يثير تساؤلات حول كيفية جمع أبو الفتوح لغرماء سياسيين في مركب واحد نحو قصر الرئاسة.

ومن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مرورا بالسلفيين، يحاول أبو الفتوح جمع أكبر قدر ممكن من الكتل التصويتية للناخبين المصريين، وهو ما بدا أنه نجح فيه فعلا قبل الاستحقاق الانتخابي الذي ينطلق بعد 10 أيام، لكن النجاح في جمع الكثير من الخصوم المتناقضين أثار جدلا واسعا حول تعهداته للفرقاء السياسيين، مفقدا أبو الفتوح الكثير من الأنصار بسبب عدم وضوح مواقفه وفقا لهم، لكن عضوا بارزا في حملة أبو الفتوح قال إن الأمر كله يتعلق بالعملية الانتخابية وحسبة الأصوات المعقدة.

ويقدم أبو الفتوح نفسه كرمز للاصطفاف الوطني، وهو الأمر الذي يشدد عليه في كل حواراته ومؤتمراته، كما يضم فريق المستشارين الخاص به شخصيات يسارية وليبرالية وأساتذة علوم سياسية محسوبين على التيار الإسلامي، وهو ما انتقده المرشح عمرو موسى أثناء مناظرته معه الخميس الماضي، قائلا «أبو الفتوح ليبرالي مع الليبراليين.. وسلفي مع السلفيين».

وينظر كثيرون لأبو الفتوح باعتباره يمثل «ميدان التحرير» الذي تجمعت فيه كل القوى السياسية باختلاف توجهاتها لإسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، ويرون فيه القدرة على إنهاء حالة الاستقطاب السياسي الحاد المسيطرة على المشهد السياسي في مصر حاليا.

وأوضح الدكتور سيف عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجماعة القاهرة ومستشار أبو الفتوح السياسي، أن أبو الفتوح جمع كل الفرقاء بتحقيق الاتفاق على الحد الأدنى من التوافق القائم على المصلحة الوطنية، وقال سيف: «لم تكن هناك ازدواجية في الخطاب.. قدر ما كانت هناك مظلة واسعة للمواطنة، فلا يمكن إنكار وجود أحد على حساب آخر».

وظهر أبو الفتوح بلحية خفيفة جدا، أقل كثافة من السابق، في مناظرته مع موسى، ويقول مراقبون إن ذلك كان مداعبة منه للتيار المدني، الذي يمثل موسى خيارا مفضلا له.

وكانت حركة الدعوة السلفية بالإسكندرية، وحزب «النور» السلفي، قد أعلنا دعمهما لأبو الفتوح مرشحا لرئاسة الجمهورية قبل نحو أسبوعين، وهو ما أثار مخاوف الكثير من الناخبين حول ماهية التعهدات التي قدمها أبو الفتوح للحصول على تأييد السلفيين المعروفين بتشددهم الديني.

ويعتقد الباحث السياسي، أحمد عبد العليم، أن تأييد السلفيين مكسب سياسي يضيف لأبو الفتوح ولا ينتقص منه، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: «بغض النظر عن فكرة الضمانات والتفاهمات التي تمت، فإننا أمام معركة سياسية، وكل طرف يحاول أن يكسب أكبر عدد ممكن من الأصوات».

ويقول عضو بارز في حملة أبو الفتوح لـ«الشرق الأوسط»: «بالنظر للصورة الكبيرة.. أبو الفتوح يحظى بتأييد الليبراليين واليساريين والسلفيين والكثير من (الإخوان) والأقباط، وهو الأمر الذي يعني أنه رمز وطني بالأساس»، متابعا: «بالطبع، مؤيدو أبو الفتوح ليسوا أغبياء ليخطئوا الاختيار ولا يمكن المزايدة على موقفهم».

وأضاف العضو: «أبو الفتوح سيعقد مؤتمرا خاصا للنساء.. فهو منفتح على الجميع»، نافيا أن يكون مرشحه تأثر سلبا بالتأييد السلفي، واصفا ما يحدث باستمرار مسلسل التشويه ضده.

وفي مؤتمر جماهيري له في محافظة الشرقية، اصطحب أبو الفتوح عضوا في الهيئة العليا لحزب «النور» السلفي للرد على تخوفات الناخبين بخصوص تأييد السلفيين له، وأوضح محمد مصطفي، عضو الهيئة العليا لحزب «النور» السلفي، أن الحزب قرر دعم أبو الفتوح لثلاثة أسباب «أولا أبو الفتوح ولاؤه الأول لمصر، ثانيا نعرف على وجه الدقة تاريخه السياسي، ثالثا لديه التزام داخلي بتطبيق الشريعة الإسلامية»، وشدد مصطفي في كلمته على أن أبو الفتوح لم يعد السلفيين بأي وعود انتخابية.

ويقول مراقبون إن أبو الفتوح من أقدر المرشحين للرئاسة على تمرير المشروع الإسلامي دون إثارة غضب الناخبين. ويتبني أبو الفتوح فكرة إعداد المجتمع اجتماعيا واقتصاديا أولا، قبل تطبيق الشريعة الإسلامية، وهو ما صرح به في الكثير من المؤتمرات الجماهيرية.

وقبل أيام من موعد الانتخابات الرئاسية في 23 و24 مايو (أيار) الحالي، أعلن الكثير من الناخبين تغيير موقفهم من تأييد أبو الفتوح، وحظي المرشح اليساري حمدين صباحي بأغلبية تأييد الناخبين المتحولين. ويكشف عضو في فريق عمل صباحي أن الأخير استفاد بشدة من تأييد السلفيين لأبو الفتوح، وقال العضو، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه: «أبو الفتوح وقع في شر أعماله.. هو يتلون مع الجميع وغير واضح»، وتابع: «الزخم الشعبي زاد مؤخرا بشكل أكبر حول صباحي بسبب ذلك».

ويمثل أبو الفتوح وصباحي ومعهما المرشح خالد علي المرشحين المفضلين للناخبين المؤيدين للثورة، وهو يجعل خسارة أبو الفتوح تصب في مصلحة الأخيرين.

ويعتقد الدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الأصل أن يكون للمرشح الرئاسي موقف فكري محدد وواضح، قائلا: «من الضروري أن يكون أبو الفتوح أعطى السلفيين تعهدات محددة»، وتابع: «يبدو أن مشروع أبو الفتوح للدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة يرضي توجهات السلفيين».

ويواجه أبو الفتوح انتقادات واسعة تتعلق بانتمائه السابق لجماعة الإخوان المسلمين التي قضى فيها نحو 40 عاما، وتساؤلات حول احتمال عودته للجماعة حال فوزه بالرئاسة، كذا انتمائه للجماعة الإسلامية، التي تبنت خيار رفع السلاح ضد الدولة حتى منتصف تسعينات القرن الماضي، لكن الدكتور حسني يرى أن «تأييد السلفيين أضره أكثر.. فقد بين أنه ارتد لقناعته الأولى حول مرجعية الدولة للدين وإمكانية استخدام العنف» وهو ما يعتقد أنه أفقده الكثير من الأنصار.