استهداف ذوي القبعات الزرقاء والهلال الأحمر.. و43 قتيلا بينهم 20 في خان شيخون

ضابط بالجيش الحر: لم نعتد على المراقبين رغم أننا نعتبرهم «شهود زور».. ورددنا بتفجير دبابتين للنظام

لقطة من مقطع مصور أثناء الانفجار الذي أصاب سيارة لبعثة المراقبين في خان شيخون أمس (أوغاريت)
TT

في يوم دموي جديد، وصل عدد القتلى في سوريا أمس، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى نحو 43 قتيلا، بينهم 20 في إطلاق نار على موكب تشييع في بلدة خان شيخون في ريف إدلب، وأغلب الباقين في دير الزور. كما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 16 شخصا في محافظات مختلفة بينهم سيدتان وطفلان إضافة إلى قتيل بسبب التعذيب. كما أفاد المرصد عن مقتل أربعة أشخاص في مدينة بانياس السورية الساحلية بانفجار فجر الثلاثاء في أحد الأحياء الجنوبية للمدينة، ولم تتضح ملابسات الانفجار بعد.

ولا تزال مدينة الرستن في واجهة العمليات العسكرية التي تنفذها قوات النظام، إضافة إلى عمليات الاعتقال والمداهمات المستمرة في عدد كبير من المناطق السورية ولا سيما تلك التي تشهد مظاهرات. وتحدّث الناشطون عن تدهور خطير للوضع الإنساني في الرستن، حيث ظهرت آثار الدمار في بعض الشوارع نتيجة القصف العنيف الذي تعرّضت له في الآونة الأخيرة. كذلك، كان كلّ من الهلال الأحمر العربي السوري وبعثة المراقبين يوم أمس أيضا، في مرمى الاستهداف، وأكّدت رباب الرفاعي، المتحدثة باسم بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، تعرّض أحد المتطوعين لإطلاق الرصاص في حمص، نافية أن يكون الهلال الأحمر قد أعلن توقّفه عن القيام بمهامه في سوريا، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «حتى الآن ليس لدينا أي معلومات عن اعتقال متطوعين».

ونشر الناشطون على مواقع الثورة فيديو يظهر تعرّض سيارة المراقبين للاستهداف في منطقة خان شيخون في إدلب خلال زيارتهم التي شملت بعض الأحياء وبلدة تفتناز في ريفها وحيي الخالدية والقصور بمدينة حمص ومدينة دوما بريف دمشق وكفرزيتا في حماه.

وفي حين أعلن الجنرال روبرت مود رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا أن عدد المراقبين وصل إلى أكثر من مائتي مراقب وقد تم إنشاء موقع للفريق في محافظة دير الزور، نفى ضابط في الجيش الحر أي علاقة لهم بالاستهداف الذي تعرّض له وفد المراقبين، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم أنّنا نعتبر أنّ هؤلاء المراقبين هم شهود زور، لكنهم بالنسبة لنا يمثلون الورقة الأخيرة.. واستهدافهم هو من أساليب النظام الذي فشل في اتهام القاعدة والإسلاميين». وأشار الضابط إلى أنّه - وردا على هذه العملية - قام الجيش الحرّ بتفجير دبابتين «تي 72» على الأوتوستراد الدولي في خان شيخون، مما أدى أيضا إلى وقوع إصابات في صفوف قوات النظام.

وقال مود في تصريح له إن «زياراتي ونشاطاتي واهتماماتي في سوريا مستمرة بطريقة جيدة»، وأوضح أن المراقبين يرصدون كل الاختراقات ويقومون بتوثيقها ويقدمون تقريرا كل أسبوع، وهذا ما يساعدهم على فهم ما يجري على أرض الواقع من حقائق. وقال «نحن نتناول موضوع العنف بالتحديد، والطريقة التي يجري بها على الأرض، والمراقبون يرسلون لنا التقارير وبعدها نجمعها ونقيمها».

وأظهرت صور بثها ناشطون إصابة عدد من المدنيين بجروح بالغة في مدينة الرستن في محافظة حمص السورية. وقال الناشطون إنّ عشرات الإصابات وقعت جراء قصف عنيف للجيش استخدم فيه المدفعية والصواريخ وقذائف الهاون.

وأشار المرصد أيضا إلى تنفيذ القوات النظامية حملة مداهمات واعتقالات في مناطق عدة من مدينة دوما التي تعد أحد مراكز الاحتجاج في الريف الدمشقي. وأفاد اتحاد تنسيقيات الثورة استمرار القصف من قبل القوات النظامية السورية على مدينة الرستن في حمص، مما أدى إلى إصابة العشرات بجراح بعضهم بحالة خطرة.

وفي حماه، وتحديدا في كفرزيتا حيث كان للمراقبين محطة، أعلنت لجان التنسيق المحلية أنّ المراقبين وصلوا إلى مدخل البلدة ووقفوا عند الحاجز الأمني على مدخل المدينة الشرقي لمدة ربع ساعة، قبل مغادرتهم من دون الدخول إلى المدينة.

وفي دير الزور، أفادت لجان التنسيق المحلية بتعرض أحياء المدينة لإطلاق رصاص كثيف من القوات النظامية وسماع دوي انفجارات في ظل تقدم مدرعات الجيش باتجاه المدينة، فيما سُجل فيها خروج مظاهرة صباحا «استنكارا للحملة التي تشنها قوات النظام على المدينة».

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن ارتفاع عدد القتلى في دير الزور إلى خمسة، بينهم شرطي منشق من قرية موحسن وسقوط أكثر من خمسة عشر مصابا معظمهم في حالة خطرة نتيجة إطلاق الرصاص العشوائي من قبل قوات النظام.

وفي حلب أعلنت لجان التنسيق أنه سجّل وجود أمني كثيف في كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية وإجراءات مشددة على دخول الطلاب إلى مبنى الكلية. وفي درعا اقتحمت قوات الأمن معززة بعشرات الآليات بلدة عامر وتم تدمير وحرق عدة منازل فيها. كما سجلت لجان التنسيق في درعا إطلاق نار من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة طيلة الليلة الماضية وحتى ساعات الصباح الباكر من قبل الهجانة الحدودية والمصفحات العسكرية ومنع المزارعين من الدخول إلى مزارعهم المتاخمة للحدود السورية الأردنية.

وبث ناشطون صورا تظهر خروج مظاهرات مسائية في أحياء جوبر والميدان وجورة الشريباتي في دمشق، وشارع برنية قرب فرع الأمن السياسي في العاصمة. وفي ريف دمشق أيضا خرج متظاهرون في شوارع بلدات السبينة وداريا وزملكا وعقربا وجديدة عرطوز، وردد المتظاهرون شعارات تطالب بالحرية وتؤكد استمرار الثورة حتى إسقاط النظام. كما خرجت مظاهرات مسائية مناوئة في مدينة دير الزور حسب صور بثها ناشطون سوريون على مواقع المعارضة.

إلى ذلك, نفي أحمد فوزي، المتحدث باسم كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، تعرض المراقبين الدوليين للإصابة جراء انفجار عبوة ناسفة في منطقة خان شيخون بالقرب من مدينة حماه. وقال فوزي في بيان صحافي، إن بعثة الأمم المتحدة بسوريا أبلغت أنها تعرضت في الثانية ظهرا بتوقيت دمشق إلى انفجار عبوة ناسفة أثناء مرور أربع سيارات تابعة لمراقبي الأمم المتحدة في منطقة خان شيخون.

وقال البيان إن ثلاث سيارات تابعة للأمم المتحدة قد تضررت من الحادث، بينما لم يصب أحد من أفراد الأمم المتحدة، وشدد البيان على أنه تم إرسال بعثة فريق دورية إلى المنطقة لإعادة مراقبي الأمم المتحدة العسكريين.

كانت الأنباء قد تداولت عن تعرض فريق من المراقبين الدوليين لقذائف صاروخية عند مدينة خان شيخون، حيث اعترضتهم مجموعة مسلحة وطلبت منهم التوجه إلى مدينة خان شيخون للمشاركة في جنازة. وطلب الفريق الأممي النجدة من الجيش السوري وعند تدخل القوات الحكومية السورية تعرضت إحدى السيارات التابعة للقوات السورية لقذائف صاروخية. بينما أشارت تقارير إخبارية أخرى إلى اختطاف المراقبين واقتيادهم إلى جهة مجهولة. من جانبه، قال مارتن نيسيركي، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إن «بعثة المراقبين الدوليين موجودة في سوريا لمساعدة الشعب السوري وتنفيذ خطة المبعوث الأممي كوفي أنان ذات النقاط الست، وأي شيء يعرقل عملهم ويعرض حياتهم للخطر هو شيء ندينه بشدة».

وأوضح نيسيركي خلال المؤتمر الصحافي بالأمم المتحدة، أمس، أن الأمين العام يحاول الحصول على تفاصيل الحادث، وأشار إلى وجود عنف كبير في المناطق التي قام المراقبون بزيارتها، وقال: «مهمة المراقبين في سوريا هي وقف العنف، لكن من الواضح أن العنف لم يتوقف.. والمسؤولية هنا على عاتق السلطات السورية للعمل على تنفيذ وقف العنف بكافة أشكاله».