«الحرس القديم» لنظام مبارك في قبضة الثوار

«امسك فلول» و«ما يحكمش» تلاحقان «موسى» و«شفيق» في القاهرة والمحافظات

TT

شارع واسع مزدحم، ضوء خافت يخرج من شاشة عرض قديمة، آلة عرض فيديو على كرسي بلاستيكي متهالك، شباب يحملون لافتات لصور تجمع مرشحي الرئاسة أحمد شفيق وعمرو موسى مع الرئيس السابق حسني مبارك، عشرات المارة يقفون لمشاهدة مقاطع فيديو للقاء تلفزيوني لشفيق يقول فيه: «إن مبارك مثله الأعلى في الحياة»، مقاطع متتابعة تظهر موسى في لقاء تم تصويره قبل الثورة، يقول بحماس «صوتي في الانتخابات لحسني مبارك».

إنهم مجموعة من النشطاء التابعين لحركة «امسك فلول»، تجمعوا على جانب طريق رئيسي بضاحية السيدة زينب بالقاهرة ضمن حملة توعية للناخبين بعدم التصويت لرموز نظام مبارك، وبعد انتهاء العرض، وتفرق المواطنين لمقاصدهم، توزع النشطاء على المنازل المجاورة لتعليق لافتات تحمل الرسالة ذاتها لمن فاته العرض، مختومة بكلمة «مرفوض» فوق صور شفيق وموسى.

وقبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية، نشطت في مختلف المحافظات المصرية حملات تستهدف توعية الناخبين بعدم ترشيح أحمد شفيق وعمرو موسى، متهمين الاثنين بالانتماء لفلول النظام السابق.

وكان البرلمان المصري، الذي يسيطر الإسلاميون على أغلبية مقاعده، عدل قانون مباشرة الحقوق السياسية لتطبيق عزل سياسي على رموز النظام السابق خلال 10 سنوات سابقة للثورة، وهو ما انطبق على شفيق دون موسى. ومن ثم استبعدته اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، لكنها سرعان ما أعادته للسباق الرئاسي بعد قبول تظلمه، ما جعل النشطاء يقودون حملات لعزله شعبيا.

ويخشى كثيرون أن يقود شفيق، الذي استعان به مبارك رئيسا للوزراء أثناء الثورة، وعمرو موسى، الذي شغل منصب وزير الخارجية لعشر سنوات، عملية إعادة إنتاج نظام مبارك والتساهل مع رموزه المسجونين، والالتفاف على فضاء الحرية الذي حققته الثورة.

وقبل 6 أشهر، نجحت حركات «امسك فلول» و«الجبهة الوطنية للتغيير السلمي» في حملة لعزل أعضاء الحزب الوطني (المنحل) في الانتخابات البرلمانية، حيث فازوا بـ17 مقعدا من أصل 498.

وبحسب شريف دياب، المنسق العام لحركة «امسك فلول»، فحركته تنشط في 22 محافظة، وأعضاؤها يتجاوزون 14 ألفا في القاهرة وحدها، وقال دياب لـ«الشرق الأوسط»: «شفيق وموسى خدما النظام السابق.. ولا ينتميان لروح ومبادئ الثورة المصرية وبالتالي لا يصلحان للمرحلة الحالية»، أضاف دياب «لا نعتمد فقط على العروض في الشوارع أو تعليق لافتات ضد الفلول.. نحاول الوصول للمواطنين في بيوتهم وفي المواصلات العامة»، لكن دياب قال: إن مهمة حملته أصعب حاليا، خاصة أن «استمرار الانفلات الأمني والأداء الضعيف للإسلاميين في البرلمان جعل المواطنين أقرب لموسى وشفيق.. وهو ما عقد من مهمتنا». وفي مدينة المنصورة (دلتا مصر)، تنشط حملة «ما يحكمش» التي تنظمها حركة 6 أبريل لعزل شفيق وموسى شعبيا، وتميزت الحملة بمشاركة أعضاء حملات مرشحين للرئاسة مثل عبد المنعم أبو الفتوح، وحمدين صباحي وخالد علي، ومحمد مرسي، وتقول آمال المهدي، مسؤول العمل الجماهيري بالحملة، «لا نهتم بمن سيأتي رئيسا.. المهم ألا يكون من فلول نظام مبارك»، وتابعت المهدي «نذهب إلى القرى والكفور لتوعية المواطنين البسطاء بخطورة عودة نظام مبارك».

وبينما يدافع موسى عن وصفه بالفلول، قائلا: «إن المصريين يدركون أنه ترك الحكم قبل سقوط نظام مبارك بعقد كامل»، قال أحمد سرحان، المتحدث الإعلامي لحملة شفيق، إن تلك الحملات تأتي بنتيجة عكسية لصالح شفيق، وقال سرحان لـ«الشرق الأوسط»: «الفريق شفيق يمثل الأمل في إعادة الأمن والاستقرار للمصريين والقضاء على الفوضى».

ويجادل كثيرون بأن تلك الحركات تسبح ضد تيار الديمقراطية وتفرض وصاية على آراء المواطنين، لكن آخرين يقولون: إن مصر الثورة لا يمكن أن يحكمها رئيس ينتمي للنظام الذي تم إسقاطه.

ويقوم الكثير من النشطاء بعقد حلقات حوارية في المقاهي والمطاعم لمناقشة المواطنين في اختياراتهم، وقال عصام الشريف، منسق الجبهة الوطنية للتغيير السلمي، «نركز على مناقشة الناس في الشوارع والمقاهي بالإضافة إلى الإنترنت.. كذا نقوم بلصق كلمة فلول على لافتات شفيق وموسى»، ويعتقد الشريف أن التوعية بالشارع أكثر فائدة من الإنترنت.

ويعتقد الدكتور مصطفى كامل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه من الأفضل ترك الأمر للمواطن بدلا من القوانين، وقال كامل «أيا كان رئيس مصر القادم فإنه لن يكون قادرا على إعادة عقارب الساعة للوراء.. فهناك ثورة في مصر».

ووضعت استطلاعات حديثة لمراكز حكومية شفيق وموسى في المراكز الأولى، ويقول مراقبون إن تلك الاستطلاعات تعكس التأييد الواسع الذي يحظى به الاثنان في الشارع المصري، لكن نشطاء قالوا: إنها مفبركة وتهدف للترويج لهم.

وبينما تنشط حملات مكثفة على شبكات التواصل الاجتماعي ضد موسى وشفيق، تدعو أحدهما المواطنين لانتخابهما في ورقة انتخابية واحدة، بغرض إبطال أصواتهم، يقوم آخرون بحملة واسعة لتمزيق لافتات موسى وشفيق، ويقول الناشط محمود التابعي، (16 عاما)، «ليس من الطبيعي أن يترشح الفلول من الأساس.. هناك ثورة في مصر»، وتابع محمود، بينما كان يمزق لافتة ضخمة لشفيق، «سنمزق كل لافتاتهم لأنهم يمزقون ثورتنا.. إنها حرب ضد الحرس القديم لنظام مبارك».