مصر: تجدد الصدام بين البرلمان وقضاة المحكمة الدستورية

بجاتو اتهم مجلس الشعب بالانحراف التشريعي.. والخضيري: سنعيد النظر في المشروع

TT

دخل قضاة المحكمة الدستورية العليا في مصر في صدام جديد مع البرلمان المصري على خلفية مشروع قانون قدمه النائب السلفي حسن أبو العزم بإعادة تشكيل قضاة المحكمة الدستورية وتقليص صلاحياتها القضائية والدستورية في الرقابة على القوانين. واستنفر مشروع القانون قضاة المحكمة الذين اعتبروه إرهابا من البرلمان لقضاة المحكمة ومذبحة جديدة للقضاء.

وفي رده على أسئلة «الشرق الأوسط» اتهم رئيس المكتب الفني للمحكمة الدستورية، المستشار حاتم بجاتو، مجلس الشعب بالانحراف التشريعي، بينما قال رئيس اللجنة التشريعية بالمجلس، محمود الخضيري، إن تصعيد قضاة المحكمة الدستورية ضد البرلمان «زوبعة فنجان».

وعقدت المحكمة الدستورية اجتماعا لجمعيتها العمومية أمس لمناقشة تطورات الموقف في القانون الذي قالوا إنه يهدد استقلالهم بتدخل صارخ من السلطة التشريعية في شؤون السلطة القضائية. وكان النائب أبو العزم قدم مشروع قانون بإعادة تشكيل المحكمة الدستورية وعزل قضاتها الحاليين. ووافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب أول من أمس تمهيدا لمناقشته في اللجنة التشريعية وبعدها في الجلسة العامة بالبرلمان.

ووصف بجاتو، القانون بأنه مذبحة جديدة للقضاء منذ الأزمة التي شهدها القضاء عام 1969 في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر. وقال بجاتو في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن المحكمة الدستورية المصرية مصنفة كثالث محكمة دستورية على مستوى العالم وما يحدث ضدها «إرهاب حقيقي» لقضاتها من جانب البرلمان.

وفسر بجاتو الأسباب وراء مشروع القانون السلفي المثير للجدل الذي يؤيده عدد كبير من النواب ذوي الأغلبية في البرلمان، قائلا إن البرلمان يسعى لتقويض اختصاصات المحكمة الدستورية وحماية البرلمان من الحل.

ومنذ هيمنة نواب التيار الإسلامي من جماعة الإخوان والسلفيين، بدأ البرلمان في مناقشة مشروعات قوانين قال مراقبون قانونيون إنها قوانين تستهدف هيمنة هذا التيار على باقي مؤسسات الدولة. وكان البرلمان وافق الأسبوع الماضي على تعديلات قانون الانتخابات الرئاسية ومنها منع أعضاء لجنة الانتخابات الرئاسية من تولي أي مناصب سياسية، وهو ما اعترضت عليه لجنة الانتخابات الرئاسية وقامت بتعليق أعمالها لمدة يوم. ومن المقرر حسب أجندة اللجنة التشريعية بالبرلمان مناقشة 7 مشاريع قوانين تخص السلطة القضائية، مقدمة من نواب المجلس.

وأكدت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن هناك حالة استنفار داخل المحكمة الدستورية بسبب مشروع القانون. وقالت إن الجمعية العمومية لقضاة المحكمة في حالة انعقاد دائم لمدة ثلاثة أيام لمراقبة تطورات نقاش القانون داخل البرلمان.

وأوضحت الجبالي أن الأزمة أصبحت أشد خطورة بعد تلقي المحكمة الدستورية مجموعة من الخطابات الدولية من مراكز استقلال القضاء في الأمم المتحدة، وكبار الدستوريين يبدون قلقهم من الأزمة القائمة ومن تعرض المحكمة الدستورية في مصر لتدخلات من جانب السلطة التشريعية، و«بالتالي أصبحت الأزمة فضيحة دولية لمصر».

وقالت الجبالي إن القانون استهداف حقيقي للمحكمة الدستورية من جانب البرلمان، بدليل أن مشروع القانون الذي قدمه أحد النواب بشكل فردي تحول لقرار جماعي بموافقة لجنة الاقتراحات والشكاوى، دون أي اعتراض وبالتالي أصبح ضمن آليات البرلمان، مشيرة إلى أن هذا القانون «إذا ما تمت الموافقة عليه سيكون سُبَّة في جبين التشريع المصري ونقطة سوداء في تاريخه».

ومن جانبه اعتبر الخضيري أن تصعيد قضاة المحكمة الدستورية ضد البرلمان «زوبعة فنجان» لا أساس لها، مشيرا إلى أنه «لا يوجد مبرر لكل هذه الضجة خاصة وأن مشروع القانون لم يخرج من مجلس الشعب ولم يناقش بشكل موضوعي داخل المجلس».

وأكد الخضيري في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن البرلمان لن يوافق على أي قانون يسيء لأي هيئة قضائية، خاصة أنه «أحرص الجهات على استقلال القضاء ومؤسساته»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه لن يخرج أي قانون يسيء للمحكمة الدستورية أو غيرها من المحاكم.

وعلى الصعيد نفسه، قال النائب عن حزب المصريين الأحرار، محمد أبو حامد، إن التيار الإسلامي صاحب الأغلبية في البرلمان يسعى لاتخاذ خطوة استباقية يهدد بها المحكمة الدستورية التي تنظر حاليا دستورية قانون انتخابات مجلسي الشعب والشورى والذي قد يترتب عليه حل البرلمان، مشيرا إلى أن الأغلبية البرلمانية تحاول تفكيك مرجعيات الدولة لإعادة صياغتها كيفما ترى.