العميد الشيخ لـ«الشرق الأوسط»: استهداف المراقبين محاولة أخيرة من النظام لإفشال مهمة أنان

واشنطن وباريس تدينان الهجوم الذي تعرض له المراقبون.. والأمم المتحدة قلقة

عناصر من بعثة المراقبين أثناء مغادرتهم الفندق بدمشق أمس متوجهين لمناطق سورية لمعاينتها (رويترز)
TT

أكد العميد مصطفى الشيخ، قائد المجلس العسكري في «الجيش الحر»، أن عناصر «الجيش الحر» قاموا بتسليم المراقبين الستة الذين تعرض موكبهم للاستهداف في منطقة خان شيخون أول من أمس، خلال حضورهم تشييع أحد القتلى. وهو الاستهداف الرابع من نوعه منذ بدء مهمة بعثة المراقبين في سوريا في 12 أبريل (نيسان) الماضي، وذلك في مناطق الضمير وحمص ودرعا.

وقال الشيخ لـ«الشرق الأوسط»: «كانت البعثة مؤلفة من 8 مراقبين، لكن وبعد وصولهم إلى مفرزة لقوات النظام، تعرضوا إلى إطلاق النار وألقت عليهم قذيفة (آر بي جي)، عندها، تمكن اثنان منهم من العودة إلى حماه، بينما قام (الجيش الحر)، بالتعاون مع شباب تنسيقية خان شيخون، بحمايتهم وباتوا ليلتهم عندهم، وذلك بعدما عمدنا إلى سحب السيارات»، مضيفا «وفي الصباح، عاد القصف وتجدد على خان شيخون، فقمنا بإجراء اتصالات مع العقيد أحمد حميش من بعثة المراقبين، ليتواصل بدوره مع قوات النظام والطلب منهم وقف إطلاق النار كي نتمكن من إخراج المراقبين، وهذا ما حصل، واستطعنا عندها تسليمهم إلى زملائهم الساعة 12 ظهرا، وقد تم توثيق العملية بالصوت والصورة».

وتعليقا على كلام الرئيس بشار الأسد الأخير واشتراطه أن تشرف حكومته على عملية دخول وتحرك المراقبين في سوريا لضمان حمايتهم وإلا فإنه لن يفعل، اعتبر الشيخ أن هذا الكلام دليل واضح على تورط النظام في عمليات استهداف المراقبين، التي من المؤكد أن وتيرتها ستزيد في الفترة المقبلة، لافتا إلى أن اتهام النظام «الجيش الحر» بهذه الاعتداءات «كذب ولف ودوران»، مضيفا: «ما مصلحتنا في استهدافهم، هذه الاتهامات مرفوضة جملة وتفصيلا، ولا يمكن لأي شخص أن يقتنع بها»، ومؤكدا أن «(الجيش الحر) لن يسمح بالاعتداء عليهم ولو لفظيا، سنحميهم بعيوننا. هم موظفون في نهاية الأمر. والمراقبون الذين لا يكفي عددهم لمحافظة واحدة في سوريا، هم موظفون لا يجرؤون حتى على التنقل والذهاب إلى أي منطقة، لأنهم على يقين بأن هناك خطرا على حياتهم وبما قد يرتكبه النظام بحقهم، وذلك في محاولة منه لاستخدام كل الأوراق لإفشال مهمة أنان».

بدوره، كان عنصر من الجيش السوري الحر قد قال لـ«رويترز»، «سيحضر المراقبون جنازة أربعة أشخاص قتلوا يوم الثلاثاء»، مضيفا: «ناموا جيدا، والآن ذهبوا مع أناس سيحضرون الجنازة ودفن الشهداء. وفرنا لهم هاتفا وتحدثوا مع مود ووعدهم بإرسال عربات من دمشق لنقلهم».

كذلك، قال العضو اليمني في فريق المراقبين الدوليين في إدلب، النقيب أحمد جيد، إن الرصاص انصب من كل اتجاه على المكان الذي كان يوجد فيه المراقبون. وأضاف أنهم في حماية المدنيين والجيش السوري الحر.

وقال مصدر من المعارضة السورية لـ«رويترز»، «المراقبون الذين كانوا لدى مقاتلي المعارضة في بلدة خان شيخون منذ يوم الثلاثاء، غادروا البلدة في عربة تابعة للأمم المتحدة وصلت من دمشق لنقلهم. وكانوا أمضوا ليلتهم مع مقاتلي المعارضة، الذين قالوا إن مغادرتهم وحدهم لن تكون آمنة».

من جهته، أدان المتحدث باسم مكتب عمليات حفظ السلام التابع للأمم المتحدة، كيرن دواير الهجوم، على المراقبين في خان شيخون بإدلب. واعتبر المتحدث أنه من المبكر توجيه أصابع الاتهام لأي طرف في سوريا بشأن استهداف موكب بعثة المراقبين في خان شيخون، مضيفا أن المكتب لا يزال يجمع المعلومات بشأن ظروف وملابسات الحادث.

كما أعلن رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا روبرت مود، أن على كل من يستخدم العنف ضد الشعب السوري أو ضد المجتمع الدولي ممثلا بالمراقبين الدوليين على الأرض، أن يعيد حساباته لأن هذه الأفعال لن تساهم في تحقيق تطلعات الشعب السوري، مثمنا التعاون الذي قدمته الحكومة السورية للمراقبين الدوليين بهذا الشأن.

وقال مود في تصريح له أوردته وكالة «يونايتد برس إنترناشيونال»: «تعرضت إحدى فرقنا إلى حادث في بلدة خان شيخون، مما أدى إلى تعطل عربتين، وهذا النوع من العنف حتما ليس النوع الذي نريده»، معربا عن أمله عدم تكرار هذا النوع من العنف.

وشكر رئيس فريق المراقبين السلطات السورية على تعاونها، مثمنا: «دور الحكومة السورية في تسهيل وتنسيق نقل المركبتين وعلى الدور الذي قامت به لتساعد عناصر الفريق على الخروج من خان شيخون».

كذلك ذكرت «سانا» أيضا، أن وفدا من المراقبين الدوليين زار أمس محافظة حمص وقام برفقة مدير الصحة بزيارة مشافي البر والخدمات الاجتماعية والزعيم والهلال الأحمر بالمدينة.

كما زار وفد المراقبين بلدة الفرقلس في ريف حمص.

وفي دير الزور، زار وفد من المراقبين الدوليين المستشفى العسكري وتجول في بعض أحياء المدينة، بينما زار وفد آخر مدينة طرطوس والتقي المحافظ.

ومن جهته، أكد أحمد فوزي، المتحدث باسم كوفي أنان مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، عودة ستة من المراقيين العسكريين التابعين للأمم المتحدة الذين اضطروا إلى المبيت في خان شيخون بالقرب من مدينة حماه. وقال فوزي في تصريحات صحافية أمس«إنهم الآن - ظهر يوم الأربعاء - عادوا إلى موقع فريقهم في مدينة حماه».

ويعد حادث خان شيخون هو الحادث الثاني لقصف مركبات مراقبي الأمم المتحدة، حيث انفجرت قنبلة في منطقة درعا بعد ثوان من مغادرة المراقبين برئاسة الجنرال روبرت مود. ولم يتضح من يقف وراء تلك الانفجارات ولم تعلن أي جهة عن مسؤوليتها.

هذا في حين أدانت واشنطن تعرض المراقبين الأمميين الذين يؤدون واجبهم لأية أخطار تهدد أمنهم وسلامتهم، واستبعدت سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، التفكير في أية خطط لإنشاء ممرات آمنة في سوريا لحماية المدنيين أو النظر في القيام بهجمات جوية على قوات الرئيس بشار الأسد، وقالت رايس للصحافيين مساء الثلاثاءك «إن التحدي الحقيقي في إنشاء ممرات إنسانية هو الاضطرار لوجود قوات على الأرض، ولا يوجد طريقة للالتفاف حول ذلك»، وأوضحت رايس أن «البديل أمام المتشككين في قدرة خطة كوفي أنان على النجاح، هو حرب في المنطقة».

وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن «استهداف الأمم المتحدة يبعث على الأسى»، وطالبت الأمم المتحدة بالقيام بالتحقيق في الحادث، قائلة إنه من شأنه أن يكشف الكثير من المعلومات، وطالبت في الوقت نفسه مراقبي الأمم المتحدة بمحاولة التوصل إلى التزام من نظام الأسد وجميع الجهات الفاعلة في سوريا بوقف إطلاق النار.

وقالت نولاند: «إننا نشعر بالقلق مع وجود 250 من مراقبي الأمم المتحدة، ونري ضرورة أن يتوقف العنف ويبدأ الحديث عن مرحلة انتقالية، لأنه إذا اضطر المراقبون للرحيل فإن العنف سيستمر، وما زلنا نشعر بالقلق إذ إننا أمام نظام لم يرق إلى مستوى التزاماته».

وأضافت نولاند أن «نظام الأسد فشل في الالتزام بوقف إطلاق النار كإحدى نقاط خطة أنان، وأدى ذلك إلى تعميق الانقسامات داخل المجتمع السوري وسمحت للمخربين بالتسلل»، وقالت: «قلنا مرارا وتكرارا إننا نشعر بقلق عميق إزاء تصاعد العنف على الأرض والطائفية المتفاقمة في البلاد، وفشل النظام في السماح بعملية انتقال سياسي دعت إليها خطة أنان، وفشل في كل نقطة من النقاط الست، وخلق مناخا يسمح بتزايد العنف من مخربين متسللين».

وأكدت نولاند أن واشنطن مستمرة في تعليق الآمال على خطة أنان والاستكثار من الضغط الدولي على نظام الأسد وفرض العقوبات الأميركية والأوروبية على كبار المسؤولين السوريين، وقالت: «نحن نرى أن تأثير هذه العقوبات على الاقتصاد السوري أصبح عميقا، لكننا نريد أيضا أن نرى تأثيرا على تفكير الطبقة السياسية ورجال الأعمال الذين لا يزالون يدعمون الأسد، ويجب أن يدركوا أنه ليس لهم ولعائلاتهم مستقبل إذا استمرت السلطة في يد هذا الرجل (بشار الأسد)».

في الوقت نفسه، استنكرت إيرينا بوكوفا، المدير العام لمنظمة اليونيسكو، استهداف الصحافيين في سوريا، وأدانت مقتل الصحافي عبد الغني كعكة برصاص قناصة النظام السوري في مدينة حلب. وقالت بوكوفا: «إن استهداف المدنيين الذين يقومون بتصوير المظاهرات في سوريا، يعتبر جريمة ضد حقوق الإنسان الأساسية، كما يعد انتهاكا لوقف إطلاق النار في إطار بعثة مراقبي الأمم المتحدة للسلام».

وقال مارتن نيسيركي، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إن الأمم المتحدة قلقة على سلامة وأمن المراقبين والمدنيين المرافقين لهم، وأوضح نيسيركي خلال المؤتمر الصحافي للأمم المتحدة، أمس، أن عدد المراقبين العسكريين بلغ 263 مراقبا و71 مدنيا، مشيرا إلى أن 25 مراقبا سيصلون إلى سوريا خلال أيام قليلة.

وقال نيسيركي إن المراقبين العسكريين يقومون بزيارة المناطق المختلفة، ويرافقهم عناصر من القوات السورية في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، مشيرا إلى أنهم يقومون بمهمة تحمل قدرا كبيرا من المخاطر في ظل الظروف الحالية، وأضاف «السوريون أنفسهم يعيشون في خطر مستمر منذ أربعة عشر شهرا، ونحن قلقون على سلامة المراقبين». وأشار إلى قيام المراقبين الستة برفع تقريره حول تفاصيل الحادث.

ومن جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، أن فرنسا تدين «بأشد العبارات عمليات القتل الجديدة التي قامت بها قوات النظام السوري ضد شعبها»، وتدعو «بحزم» دمشق إلى تسهيل توزيع المساعدة الإنسانية الدولية.

وقال المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو: «نستنكر بشكل خاص إطلاق هذه القوات النار أثناء تشييع في خان شيخون، مما تسبب في مقتل عشرين شخصا وكذلك الهجوم الذي تعرض له مراقبو الأمم المتحدة».

وأضاف أن فرنسا تدعو أيضا النظام السوري «إلى قبول الشروط التي تسمح بتوزيع المساعدة الإنسانية التي يحتاج إليها أكثر من مليون سوري». وشدد على أنه «من غير المقبول أن تستمر دمشق في رفض وصول العاملين الإنسانيين والأمم المتحدة».

وقال برنار فاليرو: «أمام هذا التدهور والاستخفاف الواضح من قبل دمشق إزاء وقف إطلاق النار، على المجتمع الدولي أن يعيد حشد قواه من أجل التنفيذ الفعلي لخطة أنان».

ومن جانبه، قرر مجلس الوزراء الألماني، أمس، مشاركة ما يصل إلى عشرة جنود ألمان غير مسلحين ضمن بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا، وذلك وفق ما أفادت به مصادر حكومية في برلين.

ومن المنتظر أن تبدأ الحكومة الألمانية بإرسال ضابط أركان حرب أولا ليشارك في مهمة مراقبة تنفيذ خطة السلام التي أعدها كوفي أنان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية، لتسوية الأزمة في سوريا..

إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، أمسن أنه يجب «إعطاء وقت» لنظام دمشق لتطبيق خطة الموفد الدولي كوفي أنان لوقف أعمال العنف في سوريا.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الطلابية عن صالحي قوله «علينا أن نمنح الحكومة السورية الوقت لتحقيق تقدم في خطة أنان».

وأضاف: «على الدول الأخرى، وخصوصا دول المنطقة، أن تساعد في إنجاح خطة أنان لأنه في حال فشلها ستشهد المنطقة مشاكل جدية» إذا حصل فراغ في السلطة في دمشق.