الجزائر: «حركة مجتمع السلم» تبحث انسحابها من الحكومة

بعد هزيمتها في الانتخابات التشريعية

TT

يبحث الحزب الإسلامي الجزائري «حركة مجتمع السلم» غدا في اجتماع طارئ، احتمال انسحابه من الحكومة بعد الهزيمة التاريخية التي مني بها التيار الإسلامي في الانتخابات التشريعية التي جرت الخميس الماضي، وأعطت أغلبية كبيرة لحزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وأصيبت قيادة الحزب ومناضليه بصدمة شديدة، إثر الإعلان عن النتائج التي ثبتها «المجلس الدستوري» الليلة قبل الماضية. فقد حصل «حركة مجتمع السلم» على 47 مقعدا بالاشتراك مع حزبين إسلاميين آخرين، هما «حركة النهضة» و«حركة الإصلاح الوطني». ومما زاد في «حزن» المنتمين إلى الحزب أن النتيجة على هزالها، لم يحصل عليها بقدراته لوحده وإنما بالتحالف مع حزبين وإن كانا ضعيفين لا يملكان وزنا كبيرا في الساحة السياسية، وسمي التحالف «تكتل الجزائر الخضراء».

وجاء في بيان لـ«المجلس الدستوري» (هيئة قانونية تتلقى الطعون وتفصل فيها)، أن التكتل الإسلامي حصل على 475 ألف صوت من مجموع 7 ملايين و600 ألف صوت. وحل بعيدا عن الحزب الأول «جبهة التحرير الوطني» (1.3 مليون صوت - 221 مقعدا)، وعن الثاني «التجمع الوطني الديمقراطي» بزعامة رئيس الوزراء أحمد أويحيى (524 ألف صوت - 70 مقعدا).

وقال قيادي في «مجتمع السلم»، رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الحزب أبو جرة سلطاني، «انسحب من المشهد منذ ثلاثة أيام وطلب أن يختلي بنفسه». وأوضح أن سلطاني «بصدد مراجعة نفسه، ومن غير المستبعد أن يقدم استقالته». وإذا تحقق هذا الاحتمال، فسلطاني سيتنحى خلال اجتماع «مجلس الشورى» غدا بعد صلاة الجمعة. وذكر القيادي نفسه أن سلطاني «يتعرض لضغط حاد من المناضلين في الولايات بعد الهزيمة»، ذلك أن «المناضلين» يحملونه مسؤولية الهزيمة ويريدون منه التنحي من القيادة التي يوجد بها منذ وفاة الرئيس المؤسس، الشيخ محفوظ نحناح في 2003.

ويسيّر الحزب منذ الخميس الماضي، نائب الرئيس عبد الرزاق مقري، وهو أشد القيادات حرصا على انتقال «الحركة» إلى المعارضة الراديكالية، بدعوى أن النظام «لم يعد قابلا للتعايش معه» بذريعة أنه زور النتائج لفائدة حزب الرئيس. ويرتقب أن يرمي مقري بكل ثقله في الاجتماع الحاسم لـ«مجلس الشورى»، لدفعه إلى إعلان رفض المشاركة في الحكومة التي سيعلن عنها قريبا، قبل تنصيب البرلمان الجديد. وتشارك «الحركة» في الحكومة منذ منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي. لكن مقري يواجه كتلة داخل الحزب تعارض بشدة فكرة الانسحاب من الحكومة، أو رفض دعوة الرئيس المشاركة في الطاقم الجديد الذي ينتظر أن يهيمن عليه الفائزون بالمراتب الثلاث الأولى في الانتخابات. وأول المعارضين وزير الأشغال العمومية عمر غول، الذي ترشح في العاصمة، وحصلت لائحة المرشحين التي تصدرها، على 13 مقعدا من بين 37 مقعدا متاحا للعاصمة في البرلمان.

وأعطى غول خلال 10 سنوات من «الاستوزار» صورة عن نفسه، مفادها بأنه «رجل الرئيس» و«رجل الدولة» أكثر من كونه قياديا في حزب.

وحمل مقري بصفته مدير الحملة الانتخابية لـ«تكتل الجزائر الخضراء»، الرئيس بوتفليقة «مسؤولية التزوير الكاسح الذي وقع في الانتخابات». وصرح للصحافة أن أصوات الأسلاك الأمنية وشبه الأمنية (جيش ودرك وشرطة وجمارك ودفاع مدني)، «ذهبت كلها لاتجاه واحد وبشكل غير معقول»، وذلك في إشارة إلى أن هذه الأصوات، وجهت وبأوامر من أعلى السلطات، إلى حزب «جبهة التحرير».

ويوجد الحزب الإسلامي في وضع حرج للغاية؛ فتصريحات أغلب قياديه، منذ خروجه العام الماضي من (التحالف الرئاسي) الداعم لسياسات بوتفليقة، جعلته في خندق المعارضة الراديكالية، ومع ذلك، بقي في الحكومة مشاركا بوزرائه الأربعة.