ملاديتش يشير بعلامة الذبح لامرأة من سريبرينيتسا.. في أولى جلسات محاكمته

«جزار البوسنة» بدا هادئا.. والادعاء سرد 3 من الأعمال الوحشية المنسوبة إليه

ملاديتش (وسط) خلال أولى جلسات محاكمته في لاهاي أمس (إ.ب.أ)
TT

أكد الادعاء لدى افتتاح محاكمة القائد العسكري السابق لصرب البوسنة راتكو ملاديتش، بعد سبعة عشر عاما على مجزرة سريبرينيتسا في يوليو (تموز) 1995، في لاهاي أمس أمام محكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، أن ملاديتش «تولى عملية التطهير الإثني في البوسنة» في بداية التسعينات.

وسرد درموت غروم ممثل مكتب المدعي لدى افتتاح المرافعة التمهيدية، ثلاثة من الأعمال الوحشية: إعدام أكثر من 150 رجلا مسلما في بلدة فيسيتشي عام 1992، ومذبحة المسلمين في سريبرينيتسا، وقصف سوق ماركالي في وسط سراييفو عام 1995.

وقال غروم إن راتكو ملاديتش «تولى عملية التطهير العرقي في البوسنة». وأضاف: «لقد شارك مشاركة تامة في مهمة إجرامية كانت جارية». ووصف غروم مستندا إلى خريطتين ديموغرافيتين للبوسنة واحدة لما قبل الحرب (1992 - 1995) والثانية لما بعدها، كيف أن عدة بلديات كانت مختلطة أو ذات غالبية مسلمة وأصبحت صربية بعد حملة «التطهير العرقي» التي حدد «أهدافها الاستراتيجية».

وقال غروم: «كان الهدف الأول فصل الصرب عن المجموعتين القوميتين الأخريين» المسلمين والكروات، واصفا كيفية إعدام مجموعات من غير الصرب وإرغام أخرى على القفز من فوق جسر من قبل جنود بناء على أوامر راتكو ملاديتش وإرغام آخرين أيضا على مغادرة أراضيهم. وأضاف: «لقد شارك فعليا في آلة إجرامية كانت ناشطة في البوسنة».

حضر ملاديتش، 70 عاما، الجلسة وبدا هادئا ومنصتا، وعندما بدأ الادعاء سرد لائحة الاتهام، أخذ المتهم في تدوين بعض الكلمات. ولكن عندما تقابلت عيناه بعيني إحدى «أمهات سريبرينيتسا» ابتسم لها وأشار بيده على رقبته بعلامة الذبح، مما لفت انتباه رئيس هيئة القضاة ألفونس أوري الذي حذر المتهم وأمره بالتركيز في المحاكمة وعدم اللجوء إلى «التفاعل غير المناسب». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شيدا عبد ولهمانوفيتش، إحدى الأمهات والأرامل في سريبرينيتسا اللاتي أتين إلى لاهاي، قولها في ختام الجلسة: «إنه يستفزنا. آمل أن يبقى على قيد الحياة حتى نهاية محاكمته»، ملمحة بذلك إلى مشكلات صحية اشتكى منها ملاديتش منذ اعتقاله في مايو (أيار) 2011.

والجنرال السابق الذي أصيب بثلاث جلطات دماغية في 1996 و2008 وفبراير (شباط) 2011، يعاني من شلل نصفي في الجانب الأيمن من جسمه بحسب محاميه برانكو لوكيتش. وملاديتش الذي نجح في الإفلات من العدالة الدولية 16 عاما، اعتقل في 26 مايو (أيار) 2011 في صربيا، وهو متهم بجرائم ارتكبتها قواته خلال حرب البوسنة التي أسفرت عن سقوط 100 ألف قتيل ونزوح مليونين و200 ألف شخص بين عامي 1992 و1995.

وقال محامي ملاديتش لصحافيين بعد الجلسة: «على الادعاء أن يروي القصة، وهذه القصة ليست جميلة». وأضاف أن «مهمتنا هي أن نؤكد أن ما يقولونه ليس صحيحا». ثم سأل عدد من «أمهات سريبرينيتسا» المحامي: «ألا تخجل من الدفاع عن هذا المجرم؟ أليس لديك أولاد كما لدينا نحن؟».

ويتوقع أن تستمر المرافعة التمهيدية للادعاء حتى اليوم الخميس، ثم تتواصل المحاكمة في 29 مايو الحالي مع الاستماع إلى أول شهود الادعاء، التي يرجح أن تستمر ثلاث سنوات. إلا أن الادعاء ذكر في وثيقة أصدرها أمس، ردا على طلب تأجيل المحاكمة من قبل الدفاع بحجة أنه ليس مستعدا، أنه لا يعارض تقديم عناصر أدلة إثبات.

والجنرال السابق متهم بالجرائم نفسها الموجهة إلى الزعيم السياسي لصرب البوسنة رادوفان كرادجيتش، 66 عاما، الذي يحاكم في لاهاي منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2009.

ويدفع ملاديتش الذي يواجه عقوبة السجن المؤبد، ببراءته من تهم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب الموجهة إليه، وهو متهم خصوصا بمجزرة سريبرينيتسا التي قتلت قوات صرب البوسنة فيها نحو ثمانية آلاف رجل وفتى مسلم في يوليو (تموز) 1995، في أسوأ مجزرة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. كما يلاحق ملاديتش لدوره في حصار سراييفو الذي قتل خلاله 10 آلاف مدني، واحتجاز 200 جندي ومراقب من الأمم المتحدة رهائن في 1995. وقال غروم إن «المدينة بقيت في قبضة ملاديتش» طوال فترة الحصار التي استمرت 44 شهرا. وقال إن سراييفو كانت «نموذجا للتنوع. كانت مدينة جامعة لجنسيات مختلفة». وأوضح: «أرادوا القضاء على هذه الميزة وتقسيم المدينة إلى قسمين؛ الصرب من جهة، وغير الصرب من جهة أخرى».