بوش الابن يدعم باستحياء رومني

قال إنه وجد حريته خارج واشنطن.. وسببان وراء ابتعاده عن الأنظار

بوش أثناء إلقاء محاضرته حول «حرية الإنسان» في واشنطن الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

في وقت يواصل فيه الرؤساء السابقون في الولايات المتحدة دعم مرشحين رئاسيين بعينهم، ربما يكون من الصعب أن يلقى هذا التأييد اهتماما كبيرا. فخلال لقائهما في مصعد بوسط مدينة واشنطن يوم الثلاثاء، طرح مراسل شبكة «إيه بي سي» الإخبارية على الرئيس السابق جورج دبليو بوش، السؤال الذي أجاب عنه برد مقتضب للغاية، فقال والأبواب تغلق «أنا أدعم ميت رومني». كان الرئيس رقم 43 في طريقه إلى محاضرة حول حرية الإنسان، والتي لم يأت فيها على ذكر السياسة، عدا إشارة واحدة قال فيها «لقد وجدت حريتي في ترك واشنطن».

ويأتي غياب بوش عن منصات السباق الرئاسي هذا العام على طرف نقيض مع سابقيه، الذين واصلوا الاهتمام بالسياسة بعد مغادرتهم مناصبهم. ففي عام 2004 ظهر الرئيس الأسبق بيل كلينتون في تجمع انتخابي بفيلادلفيا مع السيناتور جون كيري، المرشح الديمقراطي للرئاسة حينها، بعد سبعة أسابيع فقط من خضوعه لعملية جراحية، وقال كلينتون أمام حشد يتجاوز 100.000 شخص «إذا لم يكن هذا مفيدا لقلبي، فماذا يكون غير ذلك».

وعلى الرغم من حقيقة خسارة زوجته أمام باراك أوباما في انتخابات عام 2008، برز كلينتون بقوة كداعم وجامع تبرعات لحملة الرئيس الحالي في سعيه لإعادة انتخابه. ومرة أخرى، تأتي الحملات كجزء من صفته الوراثية، حيث أبدى كلينتون رغبة في المشاركة في عدد من فعاليات جمع التبرعات لمرشحي الولاية لمجلس الشيوخ.

لكن لا يمكن توقع أي شيء من هذا القبيل من بوش. وقالت أندريا سول، المتحدثة باسم حملة رومني «نحن نرحب بدعم الرئيس بوش، كما أثنينا على دعم والده في أواخر مارس (آذار) الماضي، عندما أعلن جورج بوش الأب» عن تأييده الرسمي للمرشح الجمهوري. وأضافت «نحن سعداء بدعم رئيس، لكن بوش أعلن حين ترك المنصب أنه لن يشارك في أي حملات سياسية، وليست لدينا أي أسباب للاعتقاد أن ذلك سوف يتغير».

ويعكس تواري بوش الابن عن الأنظار حقيقتين سياسيتين: أنه لا يزال يفتقد الشعبية في أوساط الكثير من الناخبين، وإحساسه بالدور الذي ينبغي أن يكون عليه القائد الأعلى الأسبق للقوات.

وكان نائبه ريتشارد تشيني قد ظهر في وقت سابق كمتحدث وناقد للرئيس أوباما. لكن بوش قال عن خليفته في عام 2009 «لن أقضي وقتي في انتقاده، فهناك الكثير من الانتقادات التي يمكن أن توجه، ولذا فهو يستحق صمتي، وأعتقد أنه ينبغي أن يتلقى الدعم خلال فترة رئاسته».

ولم يتضح بعد ما إذا كان تولي بوش دورا عاما أكبر في الحملة التي تشكل فيها حالة الاقتصاد الهاجس الأكبر لدى الناخبين، سيساعد حملة رومني أم لا. وفي استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينبياك، أكد 51 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أن بوش يتحمل اللوم على الحالة المتردية التي وصل إليها الاقتصاد، فيما قال 35 في المائة فقط إن أوباما هو الذي يلام على ذلك.

وفي الوقت ذاته يرى الكثيرون من اليمين أن رئاسة بوش شهدت زيادة في حجم الإنفاق الحكومي والفيدرالي، وهي التهمة نفسها تحديدا التي يحاولون إلصاقها بباراك أوباما. ولم يغب أي من ذلك عن الرئيس السابق.

ويقول توني فراتو، الذي عمل نائب السكرتير الصحافي في البيت الأبيض «يمتلك بوش وجهات نظر واضحة بشأن مكانته وسمعته ومدى تأثيره، فهو يعلم أن تأييده للمرشح ربما يكون مثمرا في بعض القطاعات، لكنه ربما يكون نقمة في دوائر أخرى».

وفي الوقت ذاته، أشاد رومني بالرئيس الأسبق بيل كلينتون في مؤتمر انتخابي له في ولاية أيوا يوم الثلاثاء. وقال رومني «قبل 20 عاما تقريبا أعلن بيل كلينتون أن حقبة الحكومة الموسعة انتهت. لكن الرئيس أوباما ألقى بأفكار الرئيس كلينتون في درج الأفكار المنبوذة، مع الشفافية والتكامل بين الحزبين. وربما يكفي التساؤل ما إذا كانت هناك خصومة شخصية مع عائلة كلينتون».

وعلى الرغم من كل خلافاتهما، هناك أوجه للشبه بين بوش وكلينتون، فقد اتخذ كل منهما قرارا بكيفية التعامل مع هذا الموسم الانتخابي، وإدراك أن اسمي عائلتيهما يقفان على المحك مع إرثهما الرئاسي. فهناك اثنان من المرشحين المحتملين للرئاسة في 2016 يتردد اسماهما هما حاكم فلوريدا جيب بوش، شقيق وابن رئيسين سابقين، ووزيرة الخارجية الحالية هيلاري رودهام كلينتون، التي يقال إن زوجها يسعى حثيثا لحصول زوجته على المنصب القديم.

وكما أشار في كلمته يوم الثلاثاء، يبدو بوش مستمتعا بتقاعده الذي يحتفظ فيه بجدول مكتظ من المحاضرات، على الرغم من ندرة إذاعة محاضراته. ويقوم بوش حاليا ببناء مركز رئاسي في جامعة ساوثرن ميثوديست في دالاس والذي سيشمل مكتبته ومعهدا يركزا على إصلاح التعليم والصحة العالمية وحرية الإنسان والنمو الاقتصادي.

وقد أوضح بوش في أعقاب خروجه من البيت الأبيض أنه لا يحس برغبة جارفة في السياسات الانتخابية، أو مساعدة الذين يخلفونه في البيت الأبيض، على عكس الرؤساء السابقين.

وفي كتاب «نادي الرئيس»، الذي نشر مؤخرا حول المجموعة الحصرية للأشخاص الذين يعرفون جيدا كيف يكون الحكم في المكتب البيضاوي، كتب الصحافيان بمجلة «تايم»، نانسي غيبز ومايكل دوفي، عن غداء في البيت الأبيض مع الرؤساء السابقين نظمه بوش بناء على طلب من أوباما بعد فترة قصيرة من توليه رئاسة الولايات المتحدة، بأن تلك هي المرة الأولى التي يجتمع فيها الرؤساء الأحياء في البيت الأبيض منذ الحدث الذي أقيم لوفاة الرئيس المصري أنور السادات عام 1981. وبحسب المؤلفين لم تتطرق المحادثة إلى السياسة بقدر ما تناولت صعوبة تكوين أسرة في واشنطن. وعبر بوش عن أمله في أن ينجح أوباما في مهمته بالقول «كل من عمل في هذا الموقع يدرك جيدا أن المنصب ليس عملا فرديا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»