جامعات إسرائيلية تسمح بنشاطات حول النكبة الفلسطينية

وزير إسرائيلي يطرح مشروع قانون جديد يقطع التمويل الحكومي عنها

TT

أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي، عوزي لانداو، ورئيس لجنة التربية والتعليم البرلمانية، أليكس ميلر، وكلاهما من حزب «يسرائيل بيتينو» (إسرائيل بيتنا)، الذي يقوده وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، أنهما يعتزمان تقديم مشروع يشدد العقوبات في «قانون النكبة» ويحظر على الجامعات ومؤسسات التعليم في إسرائيل السماح بتنظيم فعاليات لإحياء ذكرى النكبة الفلسطينية في تخومها، ومنع الجامعة من إقرار مثل هذه الفعاليات داخل الحرم الجامعي لمختلف الكتل الطلابية فيها.

وجاء هذا الاقتراح بعد أن سمحت جامعات تل أبيب والقدس وحيفا الإسرائيلية بإقامة فعاليات طلابية يهودية وعربية لإحياء ذكرى النكبة، خلال الأيام الثلاثة الماضية.

فقد اتضح أن القانون الحالي بشأن منع المؤسسات الرسمية من تمويل فعاليات إحياء النكبة، الذي كانت «يسرائيل بيتينو» قدمته للكنيست قبل عام وتم إقراره، لا يمكن الحكومة من فرض عقوبات على الجامعة، خاصة أن إدارات الجامعات الثلاث حرصت على عدم تمويل التظاهرات التي جرت في حرمها الجامعي إحياء لذكرى النكبة. ووفقا لتصريحات لانداو ميلر فإن القانون المقترح يهدف إلى «إكمال» القانون الذي سن في العام الماضي، ويخول وزير المالية حرمان المؤسسات العامة من الميزانيات إذا شاركت في تنظيم أو تمويل أحداث «تعتبر مناهضة للدولة» كالفعاليات التي ترفض اعتبار إسرائيل دولة يهودية أو دولة الشعب اليهودي.

ومن جهة ثانية أعلن وزير التربية والتعليم، غدعون ساعر، أنه قام في اليومين الماضيين بفحص الإمكانيات القانونية والقضائية لحرمان جامعة تل أبيب من الميزانيات والتمويل المخصص لها على أثر سماح إدارة الجامعة بتنظيم إحياء ذكرى النكبة داخل الحرم الجامعي ورفضها توجهه إليها بأن تلغي هذه النشاطات، لكن تبين له أن القانون الحالي لا يجيز ذلك. وينص اقتراح القانون الجديد على تخويل وزير التربية والتعليم، الذي يرأس بطبيعة الحال مجلس التعليم العالي، صلاحية حرمان أي مؤسسة جامعية أو أكاديمية من الميزانيات حتى إذا لم تكن هي المبادرة لتنظيم فعاليات لإحياء النكبة أو الممولة لها.

وكانت الجامعات الثلاث قد شهدت في الأيام الثلاثة الماضية فعاليات سلمية بمشاركة مئات الطلاب العرب واليسار اليهودي، تم فيها إشعال المشاعل إحياء لذكرى الشهداء الفلسطينيين في النكبة وقراءة أسماء 531 قرية فلسطينية كانت إسرائيل قد هدمتها في مطلع الخمسينات من القرن الماضي لتمنع أهلها من اللاجئين الفلسطينيين من العودة إليها. وتظاهر أمامها طلبة من اليمين المتطرف وحاولوا الاعتداء عليها من خلال إطلاق الشتائم «خونة» و«اذهبوا إلى غزة» و«اذهبوا إلى رام الله» و«سنقيم نكبة ثانية لكم» وغيرها.

وكانت المدن والبلدات العربية في إسرائيل (فلسطينيو 48) قد شهدت سلسلة نشاطات خلال الأيام الأخيرة اشتملت على إضراب عام ومسيرات جماهيرية واسعة، إحياء للذكرى الرابعة والستين للنكبة الفلسطينية، ارتفعت فيها شعارات تطالب بإنهاء الاحتلال وبإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وإقامة الدولة الفلسطينية.

وشمل الإضراب جميع المدارس والمؤسسات البلدية وغالبية المتاجر وأوساطا واسعة من العمال في مناطق الناصرة والبطوف والجليل والمثلث والساحل والنقب. واستثني من الإضراب فقط الطلاب المتقدمون لامتحانات «الاجتياز» الثانوية. وانطلقت مسيرة شعبية بعد ظهر أمس باتجاه قرية اللجون المهجرة المجاورة لمدينة أم الفحم، واختتمت بمهرجان شعبي كبير، ونظمت مسيرات أخرى محلية لعشرات القرى الفلسطينية المهدومة.

وكانت سكرتارية لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية قد أصدرت بيانا تشرح فيه أهمية هذا النشاط بالقول، إن فلسطينيي 48 مثل بقية شعبهم الفلسطيني يحيون ذكرى النكبة، من خلال التزامهم بالانتماء لشعبهم وقضيته، ناقلين الراية من جيل إلى جيل، إلى حين يوضع حد لمعاناة التشرد والاحتلال. وقد اختيرت قرية اللجون مكانا لهذه المسيرة «تأكيدا على تمسكنا بالعودة إلى قرانا المهجرة». وتم نصب خيام كبيرة (رمزا لقضية اللاجئين) في كل بلدة أقيمت فيها نشاطات ثقافية من محاضرات وورش عمل ومعارض تراثية ومعارض رسومات وكتب تتحدث عن النكبة وفعاليات أخرى سيعلن عنها لاحقا.

وأبرزت لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي 48 هذه السنة قضية المهجرين في وطنهم، وهم السكان الفلسطينيون الذين هجروا من مدنهم وقراهم خلال نكبة الشعب العربي الفلسطيني عام 1948، ولكنهم رفضوا الرحيل وبقوا في الوطن وأصبحوا مواطنين إسرائيليين ولكنهم تمسكوا بانتمائهم العربي والفلسطيني. وقد لجأوا في حينه إلى قرى ومدن مجاورة. ويقدر العدد الكلي للمهجرين في الداخل اليوم بنحو 30% من الجماهير العربية، أي أكثر من 250 ألف مواطن يعيشون أحيانا على مرمى حجر من قراهم الأصلية. وقد لجأ معظم المهجرين من قراهم إلى قرى عربية مجاورة ويتركزون في منطقة الشمال والجليل.

وأصدرت اللجنة مادة تعليمية عن هؤلاء المهجرين ذكرت فيها أنه من بين 162 قرية هدمت كليا في منطقة الجليل والشمال بقي مهجرون من 44 قرية فقط، أي أن أهالي 118 قرية مهدمة لا يوجد منهم أي شخص في البلاد. ومن بين 69 قرية عربية بقيت قائمة بعد النكبة استوعبت 47 قرية مهجرين. وأكدت أن الغالبية الساحقة من المهجرين لم تبع ولم تستبدل أراضيها في القرى المدمرة وتعتبر عملية البيع أو التبديل خيانة بنظرهم. ومع أن معظم المهجرين استقروا في قرى اللجوء ولكنهم ما زالوا يحافظون على عاداتهم ويزورون قراهم المهجرة في الكثير من المناسبات. ويلاحظ أنه في معظم قرى اللجوء ما زال السكان الأصليون يتعاملون مع المهجرين كلاجئين ويعرفون بأسماء قراهم الأصلية كالبراونة والأقارثة والصفافرة وغيرها. وفي بعض القرى تسمى بعض الأحياء باسم المهجرين القاطنين بها كحارة الميعارية في عرابة أو حارة البراونة في الجديدة.