الجامعة العربية تعقد مؤتمر المعارضة السورية في غيابها

العربي والقدوة حذرا من خطورة الوضع وطالبا الطرفين بالالتزام بخطة أنان

الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي وإلى جانبه مبعوث أنان لسوريا ناصر القدوة في اجتماع أمس بالقاهرة (إ.ب.أ)
TT

في غياب لأعضائها، تم أمس افتتاح مؤتمر المعارضة السورية الذي دعت إليه الجامعة العربية، في القاهرة. وقالت مصادر في الجامعة إن مسؤولين عن عقد الاجتماع أعربوا عن أسفهم لغياب المعارضة وقالوا: إنه لا يوجد ما يبرره مقارنة بجسامة الواقع الذي يواجهه الشعب السوري وما يترقبه منها المجتمع الدولي.

وافتتح المؤتمر الأمين العام للجامعة، الدكتور نبيل العربي، بمشاركة أطراف عربية ودولية معنية بالأزمة السورية، قائلا: إن الاجتماع كان «تشاوريا». وغابت المعارضة عن الحضور، بعد أن كانت قد اعتذرت عن الحضور قبل يومين لأسباب ومبررات وصفها حضور بالمؤتمر أمس بأنها غير منطقية. وقال العربي إن تأجل انعقاد ملتقى المعارضة السورية تم بعد أن تلقت الأمانة العامة للجامعة من كل من المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي طلبا لتأجيل الملتقى، وكل منهما علل طلبه بأسباب مختلفة، لافتا إلى أن هذا ربما يؤكد حيادية موقف الجامعة في تعاملها مع مختلف أطراف المعارضة السورية، إذ برر كل منهما - أي المجلس والهيئة - طلبه بأنه بسبب انحياز الجامعة للطرف الآخر.

وأضاف العربي: المجلس يتهمنا بمحاولة جره إلى موقف يقربه من هيئة التنسيق، وهيئة التنسيق تتهمنا بمحاولة جرها إلى العمل تحت مظلة المجلس، هذا هو موقف كل منهما، وهذا دليل على أن الجامعة ليس لها أي أجندة.

وتقول قيادات في المعارضة السورية إن الدعوات قد وجهت لهم بصفتهم الشخصية وليس بصفتهم التمثيلية كمجلس وطني أو هيئة، لكن العربي أوضح أمس أن هذا الأمر «في نظرنا» له ما يبرره، مشيرا إلى أن الأمانة العامة بالجامعة العربية لجأت إلى هذا الأسلوب في توجيه الدعوات تفاديا للخلافات التي تحتدم كلما طرح موضوع التمثيل بناء على الأحجام والأوزان والحصص، و«التي كلما حاولنا الخوض فيها لم نتوصل إلى أي نتيجة أو أي صيغة منطقية يمكن التوافق عليها».

وأعرب العربي عن استغرابه من أن تكون صيغة توجيه الدعوة سببا لعرقلة انعقاد اجتماع المعارضة «الذي هو مطلب شعبي سوري ومطلب عربي ودولي أيضا»، قائلا: إن طلب التأجيل من كل من المجلس والهيئة بدأ يرد إلينا تلميحا وتصريحا حتى قبل البدء بتوجيه الدعوات وقبل حتى العلم بصيغتها أو الإعلان عن قائمة المشاركين في الملتقى.

وتابع العربي قائلا: إنه فيما يتعلق بالقول إنه لم يتم التشاور مع المعارضة حول ما سوف يصدر عن هذا الاجتماع، فإن أجندة العمل المقترحة في الدعوة كانت واضحة وهي حرفيا: البناء على ما جرى من حوارات واتصالات ومشاورات وما بذل من جهود سابقة من أجل توحيد المعارضة السورية.

وحذر كل من العربي، وناصر القدوة نائب المبعوث الأممي العربي المشترك الخاص بسوريا، من خطورة الأوضاع الراهنة في سوريا في ظل استمرار أعمال العنف والقتل مطالبين الحكومة والمعارضة السورية بضرورة الالتزام بتنفيذ البنود الستة الواردة في خطة المبعوث الأممي العربي المشترك كوفي أنان حتى يمكن الانتقال إلى المرحلة التالية وهي إطلاق العملية السياسية.

وعقد العربي والقدوة اجتماعا تشاوريا مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة السورية، والتي كانت مدعوة لمؤتمر أمس تم تأجيله للمعارضة السورية. وأكد أمين الجامعة ونائب المبعوث المشترك، خلال مؤتمر صحافي مشترك لهما في ختام اجتماع أمس أن هناك سقفا زمنيا محدد بثلاثة أشهر لإنجاز مهمة المراقبين الدوليين.

واستبعد العربي أن يكون تأجيل مؤتمر المعارضة السورية الذي كان مقررا له أمس بمقر الجامعة بسبب موقف تتبناه الجامعة لصالح فصيل سوري معارض على حساب آخر. وأكد أن موقف الجامعة معروف ومعلن ومهمة المبعوث المشترك، أنان، في سوريا، تستند إلى خطة الجامعة لحل الأزمة السورية وهناك إجماع على ضرورة استمرار الجامعة في إجراء اتصالاتها مع كافة أطياف المعارضة السورية لعقد مؤتمر جامع لها تحت مظلة الجامعة.

وقال: إن ممثلين لأطراف كثيرة أوروبية وأممية ودولية حضرت إلى مصر للمشاركة في مؤتمر المعارضة السورية قبل أن يتم تأجيله و«لذا وجدنا أنه من الضروري استغلال هذه الفرصة للالتقاء بهم بهدف التشاور وليس لإلقاء اللوم على أي طرف».

وكشف العربي أن القدوة أجرى عدة لقاءات في جنيف مع أعضاء بالمجلس الوطني السوري بهدف إعادة هيكلته في محاولة لجمع المعارضة تحت مظلة واحدة للعمل على تحقيق مطالب الشعب السوري. وأبدى العربي استغرابه من مبررات المعارضة السورية في الاعتذار عن الحضور وتحدث طويلا حول هذا الموضوع واقترح عددا من الخيارات السياسية المطروحة أمام المعارضة والتوافق حول رؤية سياسية أو برامج عمل مشتركة.

واستهل العربي الاجتماع بتوضيح بعض النقاط منها أهداف المؤتمر وجدول أعماله، حيث قال في الكلمة الافتتاحية: أود في البداية التأكيد على أن الهدف من هذا الاجتماع هو تبادل الرأي والمشورة، وربما أيضا التفكير بصوت عال، في الخيارات والبدائل المطروحة أمامنا كدول وكمنظمات إقليمية معنية بالعمل على إنجاح مهمة المبعوث المشترك، ومنخرطة في الحوار عبر قنوات متعددة مع أطراف المعارضة السورية ولديها خبرات متراكمة وهامة في هذا الشأن، و«أكرر مرة أخرى أن اجتماعنا اليوم (أمس) ليس اجتماعا رسميا بل تشاوريا».

وأوضح العربي أن ملتقى المعارضة السورية جاء بناء على قرارات متعددة من مجلس وزراء خارجية الدول العربية وكان آخرها القرار الصادر بتاريخ 26-4-2012، الذي نص على «تكليف الأمين العام لجامعة الدول العربية بدعوة جميع أطياف المعارضة السورية إلى اجتماع بمقر الجامعة بتاريخ 16-5-2012، وذلك بناء على ما تحقق في اجتماعي أصدقاء الشعب السوري اللذين عقدا في تونس وإسطنبول، وذلك بالتعاون والتنسيق مع المبعوث المشترك وبالتشاور مع الأطراف المعنية لمعالجة الأزمة السورية تمهيدا لإطلاق حوار سياسي شامل بين الحكومة وأطياف المعارضة السورية»، مشيرا إلى أن هذا هو ما جاء في نص قرار المجلس الوزاري حرفيا.

وأقر ناصر القدوة بأن الوضع بشكل عام في سوريا ما زال يتميز بالخطورة الشديدة وما زال يحمل في طياته الكثير من السلبيات، داعيا إلى ضرورة تكثيف الجهود الدولية من أجل تحقيق الالتزام المطلوب والتنفيذ الكامل لخطة عنان ذات النقاط الست، مؤكدا أن خطة عنان هي خطة أولية يتبعها الموضوع الأساسي، وهو الجانب السياسي، مضيفا أنه «عندما نصل إلى هذه النقطة سوف نتحرك».

كما التقى العربي بروبرت فورد سفير الولايات المتحدة الأميركية بسوريا والسفير جون ويلكس الممثل الخاص للمملكة المتحدة لملف المعارضة السورية، وذلك على هامش الاجتماع التشاوري للدول والمنظمات التي كانت مدعوة لحضور ملتقى المعارضة السورية.

وقد أكد المبعوثان تأييدهما لجهود الجامعة العربية في الأزمة السورية، وخاصةً فيما يتعلق بمساعيها لتوحيد رؤى المعارضة السورية، كما أكدا على محورية دور الجامعة في هذا الشأن وعلى ضرورة استمرارها في هذا المسعى، وهو ما أكدت عليه جميع الدول والمنظمات التي شاركت في الاجتماع التشاوري الذي عقده الأمين العام.