الأسد يحذر من «انتشار الفوضى في أي مكان» في مقابلة مع التلفزيون الروسي

المعارضة تصف تصريحاته عن الانتخابات بـ«المثيرة للسخرية والاشمئزاز»

TT

حذر الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة بثها التلفزيون الروسي من مغبة «الفوضى» التي «يمكن أن تنتشر في أي مكان» يوم أمس في التعليق على الأزمة المتواصلة في سوريا، ولكنه في الوقت نفسه واصل الدفاع عن نهجه، معتبرا أن الانتخابات التشريعية التي جرت في 7 مايو (أيار) الجاري في سوريا أظهرت أن الشعب يدعم النظام في مواجهة المعارضة و«الإرهابيين» الذين يهددون بزرع «الفوضى» في المنطقة برمتها، وقال الأسد في المقابلة مع قناة «روسيا 24» التلفزيونية: «إن نتائج (الانتخابات) تظهر أن الشعب السوري يواصل دعم نهج الإصلاحات التي أعلناها قبل عام، وإن الغالبية تدعم السلطة القائمة».

وتابع: «إن الانتخابات تعكس إرادة الشعب، إنها رسالة قوية للجميع، في داخل البلاد وخارجها». وقال أيضا: «إن الشعب السوري لم يخف من تهديدات الإرهابيين الذين حاولوا منع الانتخابات وإرغامنا على التراجع عنها». وقد نظم النظام السوري، الذي يقمع بعنف الثورة التي اندلعت في البلاد منذ أكثر من سنة، انتخابات تشريعية في السابع من مايو رغم إراقة الدماء.

ووصفت المعارضة هذه الانتخابات التي قاطعتها بأنها «مهزلة»، وأيدتها في ذلك المجموعة الدولية. وبهذا الخصوص قال الأسد، مشيرا إلى المعارضة، إن «الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات كأنها دعوة إلى مقاطعة الشعب (..) بالتالي لا أعتقد أنهم يملكون أي وزن أو تأثير في داخل سوريا». وعن «الجيش الحر» المنشق الذي يواجه الجيش النظامي قال: «هذا ليس جيشا، وهو ليس حرا، إنهم يتلقون الأسلحة والمال من الخارج، من مختلف البلدان، إنهم عصابة مجرمين».

أما عن الدول الغربية فقال الرئيس السوري: «لا يتكلمون إلا عن عنف الحكومة ولا أي كلمة على الإطلاق حول الإرهابيين»، وتابع: «سيأتي (المبعوث الدولي كوفي) أنان هذا الشهر إلى سوريا وسأطالبه بتوضيحات».

وأعرب الأسد عن أمله في أن يفكر الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند «بمصالح فرنسا، وأن يغير سياستها حيال سوريا والمنطقة». وقال «آمل في أن يفكر الرئيس الجديد في مصالح فرنسا. أكيد أنها لا تقوم على مواصلة بث الفوضى في الشرق الأوسط والعالم العربي بأسره»، مؤكدا أن باريس «مسؤولة عن مقتل مئات آلاف الليبيين». وكان الناشطون السوريون واكبوا إعلان النتائج عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ساخرين من نتائج قالوا إنها «لا تختلف بشيء عن نتائج انتخابات السنوات السابقة»، معتبرين أن «مجلس الشعب لم يكن يوما إلا مجلسا صوريا لا دور له في كنف حزب البعث الحاكم».

بدوره، شدد ممثل لجان التنسيق المحلية في سوريا وعضو المجلس الوطني السوري عمر إدلبي على أن المعارضة لم تأبه للانتخابات، وبالتالي لن تأبه أو تتعاطى مع نتائجها، واصفا إياها بـ«المثيرة للسخرية والاشمئزاز». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يجرؤ النظام على الحديث عن انتخابات في ظل مليون سوري مهجر، ومائة ألف معتقل، و12 ألف شهيد وعدد لا يحصى من المفقودين؟». واعتبر إدلبي أن إصرار النظام على التعاطي مع الوضع في سوريا وكأن شيئا لم يتغير منذ 15 مارس (آذار) 2011، يؤكد على عدم جديته في التعاطي مع خطة المبعوث العربي والدولي كوفي أنان واستخفافه بالإرادة الدولية التي تتحدث عن وجوب السير في عملية سياسية تؤمن انتقالا ديمقراطيا وسلميا للسلطة في سوريا.

وعن قدرة النظام على الاستمرار في تجاهل الوقائع الجديدة، قال إدلبي «النظام قادر على الاستمرار ما دام متمسكا بآلته العسكرية، وفي ظل عدم جدية المجتمع الدولي لوضع حد للعنف الذي يمارسه في وجه السوريين»، مشددا على أنه ومن جهة ثانية «وفي مقابل قدرة النظام على الاستمرار فإن الثورة كذلك تمتلك كل مقومات البقاء والاستمرار حتى إسقاطه».

وكانت اللجنة العليا للانتخابات في سوريا أعلنت أن 51.26 في المائة ممن يحق لهم الانتخاب شاركوا في الانتخابات البرلمانية التي جرت في سوريا في السابع من مايو الماضي. وتحدث رئيس اللجنة القاضي المستشار خلف العزاوي عن أن «الانتخابات أعطت للشعب أوسع تمثيل ممكن، وأنها جرت في شفافية كاملة وبشكل ديمقراطي متكامل تحت إشراف ومراقبة مجالس قضائية مستقلة لم يمارس عليها أي جانب ضغوطا». وأشار العزاوي إلى أن عدد الذين يحق لهم الانتخاب بلغ 10118519 ناخبا، بعد طرح الذين لا يحق لهم الانتخاب وغير الموجودين بالقطر. وكان عدد المقترعين 5186957 وهم الذين أدلوا بأصواتهم في صناديق الاقتراع، وبالتالي تكون نسبة الاقتراع 51.26 في المائة.

ويجتمع البرلمان السوري المنتخب خلال الأسبوعين القادمين بموجب الدستور المعدل الذي لا ينص على أي دور مختلف بوضوح للمجلس التشريعي، على الرغم من إعلان النظام أن إجراء الانتخابات البرلمانية خطوة أولى لتطبيق الإصلاحات التي تقول دمشق إنها تُظهر رغبة الرئيس بشار الأسد في إنهاء الانتفاضة ضد حكمه بشكل سلمي.

يذكر أن نسبة الإقبال على عملية الاقتراع هذا العام لا تختلف كثيرا عن الانتخابات البرلمانية لعام 2007، إذ أفيد في وقتها بمشاركة 56.1 في المائة من مجمل السوريين الذين يحق لهم الاقتراع.