حكومة فياض الجديدة أمام مهمات صعبة ومعقدة

بدأت يومها الأول بمواجهتين.. مع حماس ونقابة الموظفين

فياض يترأس أول اجتماع للحكومة الجديدة (وفا)
TT

تنتظر الحكومة الفلسطينية الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء، سلام فياض، مهمات تبدو أكثر من صعبة، وتستدعي تدخلا وعلاجا مباشرا قد يفوق الإمكانيات المتوفرة، وقد يقود إلى مواجهات مع أطراف سياسية مثل حركة حماس أو قطاعات اقتصادية وشعبية. ووضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أمام الحكومة الجديدة مهمات مستعجلة، حددها بإجراء انتخابات محلية سريعة، وخدمة الوطن والمواطن من دون إبطاء.

وقال أبو مازن لوزراء الحكومة بعد تشكيلها إن الهدف الأول للحكومة «هو الإعداد لإجراء الانتخابات المحلية التي تأخرت كثيرا، والآن أصبحت ضرورة قصوى». وأضاف: «لذلك نريد منكم سرعة البت في هذا الموضوع»، وتابع: «نريد منكم أيضا رفع مستوى الأداء الوطني من أجل خدمة الوطن، لأننا نريد أن نراكم على ما تم في الماضي، بجدية واجتهاد وبسرعة لأن بعض الأمور لا تحتمل التأخير». وشدد أبو مازن على الحرص على مصالح المواطنين وقضاياهم، وقال: «لا نريد أن نهضم حق أحد ولا نريد أن نظلم أحدا، بل نريد أن يأخذ الجميع حقهم في إطار القانون العام».

لكن ليست هذه فقط كل المهمات العاجلة. وقال وزير العمل الفلسطيني وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني: «لدينا مجموعة من القضايا تحتاج إلى تدخلات عاجلة». وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الموضوع الأول يتعلق بالأزمة المالية وكيفية التغلب عليها ومعالجتها نحو الوصول إلى ضمان الاستقرار المالي، والثاني مرتبط باستكمال نهج السياسات الاقتصادية الاجتماعية، والثالث إصلاح التعليم العالي». وأردف: «إضافة إلى ملف الانتخابات المحلية التي أصبحت ملحة بما يضمن دمقرطة وتفعيل المجتمع الفلسطيني».

وهذه المهمات العاجلة والمعقدة التي حددها أبو مازن وتحدث عنها مجدلاني، وتضعها الحكومة على سلم الأولويات، قادت على الأقل في اليوم الأول من عمر الحكومة الجديدة، إلى مواجهتين؛ واحدة مع حماس، والثانية مع نقابة الموظفين.

والخلاف مع حماس ومع نقابة الموظفين ليس جديدا، لكنه مع تشكيل حكومة جديدة تكتسب شرعية أكبر، قد يكون قابلا للتصاعد. فبعد قليل من إصدار أبو مازن مرسوما رئاسيا (قرار بقانون)، بشأن تعديل قانون انتخابات مجالس الهيئات المحلية، كخطوة تمهيدية لإجراء الانتخابات المحلية خلال الفترة المقبلة، هاجمت حماس الحكومة الجديدة بشدة، وقالت إنها غير شرعية وليست مخولة بإجراء انتخابات.

وجاء في نص قرار أبو مازن أنه «يجوز لمجلس الوزراء إصدار قرار بإجراء الانتخابات على مراحل وفق ما تقتضيه المصلحة العامة، وتكون مدة ولاية المجلس أربع سنوات من تاريخ إجراء الانتخابات». ويعني هذا المرسوم أنه يمكن إجراء الانتخابات في الضفة الغربية من دون غزة، على أن تجري في غزة في وقت لاحق. وقالت حماس إنها ستمنع إجراءها في غزة، معتبرة الدعوة لإجراء الانتخابات البلدية في هذا التوقيت دعوة غير مقبولة لأنها تمثل تجاوزا لإعلان الدوحة الذي ينص البند الثاني منه على تشكيل حكومة توافق وطني تكون مهمتها الإشراف على الانتخابات.

وقال سامي أبو زهري، الناطق باسم الحركة: «إن حكومة فياض التي كلفها عباس بإجراء الانتخابات هي حكومة غير شرعية ومتهمة بالفساد وغير مخولة بإجراء الانتخابات، هذا فضلا عن استمرار أجواء الملاحقة الأمنية والاعتقالات السياسية التي لا توفر أي أجواء لضمان نزاهة أي انتخابات، ولعل انتخابات جامعات الضفة التي تم تزويرها في ظل التدخلات الأمنية خير دليل على صورة الانتخابات التي تريدها فتح»، على حد قوله. ودعت حماس أبو مازن وحركة فتح إلى الالتزام بإعلان الدوحة، وتنفيذ ما ورد فيه من تشكيل حكومة توافق وطني تكون هي المسؤولة عن إجراء الانتخابات.

ورد مجدلاني على حماس قائلا: «نعبر عن استهجان واستغراب شديد من موقف حماس، ونسأل من الذي نقض كل الاتفاقات السابقة وآخرها اتفاق الدوحة.. أليس قيادة حماس؟». وأضاف: «على حماس أن تقول: هل هي مع المصالحة وتطبيق ما تم الاتفاق عليه أو لا.. نحن لا نتعامل مع الأمور انتقائيا».

وتابع المجدلاني القول متسائلا: «ثم ما علاقة الانتخابات المحلية بالمصالحة؟ بماذا تضر حركة حماس؟ وما المشكلة في هذه الانتخابات الخدماتية؟ ألم تشارك حماس في انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات؟»، مؤكدا أن الأبواب ستكون مفتوحة أمام مشاركة حماس في هذه الانتخابات وأنها ستدعى لذلك.

أما المواجهة الثانية، فكانت مع نقابة الموظفين، إذ هاجم رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومي، بسام زكارنة، الحكومة الجديدة، بل استقبلها موظفون أمس بإضراب جزئي لمدة ساعتين، احتجاجا على عدم تنفيذ الحكومة السابقة، التي كان يرأسها فياض أيضا، مطالب عمرها أكثر من عام.

واتهم زكارنة الحكومة بالمماطلة والتسويف. وقال «إن التعديل الحكومي لم يحقق طموح الموظف»، مبديا عدم التفاؤل بتغيير سياسة الحكومة المالية والاقتصادية.

وتخطط النقابة لتوسيع الإضراب، إذا لم تستجب الحكومة لمطالب، من بينها تعديلات مالية وترقيات وعلاوات. ورد مجدلاني: «الإضراب لم يكن ناجحا، ونعرف أسبابه، هذا الموضوع سنعالجه بجدية في الاجتماع المقبل على قاعدة القانون».