انتقادات لأميركا إزاء معاييرها في التعامل مع تأشيرات الكوبيين

مشرعون وعلماء يحتجون على منح التأشيرة لابنة كاسترو ورفضها لأكاديميين

مارييلا كاسترو تتحدث خلال مؤتمر صحافي في هافانا (إ.ب.أ)
TT

منحت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال الأسبوع الحالي تأشيرة دخول لابنة الرئيس الكوبي راؤول كاسترو، بينما رفضت منح تأشيرات دخول إلى الكثير من الكوبيين الآخرين لحضور مؤتمر أكاديمي في كاليفورنيا، مما أثار غضب الزعماء الأميركيين الكوبيين المحافظين والعلماء الأميركيين الذين يسعون لتحسين العلاقات الأكاديمية الأميركية - الكوبية.

تعد مارييلا كاسترو (50 عاما) من المدافعين عن حقوق المثليين، بالإضافة إلى كونها ابنة أخي فيدل كاسترو، الزعيم الشيوعي الذي حكم كوبا لفترة طويلة. وأكد الكثير من المسؤولين الإداريين والعلماء الأميركيين يوم الثلاثاء، أنه سيتم السماح لمارييلا بالسفر إلى سان فرانسيسكو خلال الأسبوع المقبل لحضور اجتماع في «جمعية الدراسات الأميركية اللاتينية»، ثم تقوم بعدها بزيارة إلى نيويورك.

وأثار هذا الخبر موجة من الإدانات من جانب الساسة الأميركيين من أصل كوبي، بمن فيهم الكثير من أعضاء الكونغرس الذين يعارضون بشدة حكومة كاسترو ويشعرون بالقلق من سياسية تقديم المكافآت أو تحسين العلاقات مع النظام الشيوعي الحاكم في جزيرة كوبا.

وفي رسالة وجهت إلى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون يوم الخميس، انتقدت مجموعة من المشرعين الحكومة الأميركية بسبب «قرارها المروع بالسماح لعملاء النظام» الكوبي بدخول الولايات المتحدة الأميركية، حيث قال السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز، عن ولاية نيوجيرسي، إنه لا ينبغي منح أنصار الحكومة الكوبية، مثل مارييلا كاسترو، منابر يقومون من خلالها بنشر «الكلام الملتوي».

وأثار قرار رفض منح تأشيرات دخول إلى بعض الشخصيات الكوبية البارزة الذين تمت دعوتهم لحضور المؤتمر - بمن فيهم الكثير من الأشخاص الذين قاموا بزيارة الولايات المتحدة في العام الماضي - انتقادات حادة بين أوساط العلماء الأميركيين المتخصصين في شؤون أميركا اللاتينية.

وقال فيليب برينير، الخبير الكوبي والأستاذ في الجامعة الأميركية: «إنه إجراء تعسفي ومخز وجبان، حيث إن الكثير من هؤلاء الأشخاص يعتبرون علماء بارزين ولهم تاريخ طويل من المناداة بتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية. لقد حصلوا جميعا على تأشيرات لدخول أميركا من قبل، إذن لماذا يتم رفض طلباتهم الآن بحجة أنهم يمثلون خطرا على الولايات المتحدة الأميركية؟».

كما قال تيد بيكون، وهو مسؤول في برنامج السياسات الخارجية بمعهد بروكينغز، إنه مندهش للمعايير التي تنتهجها الإدارة الأميركية في اختيار الكوبيين الذين يتم السماح لهم بدخول الولايات المتحدة الأميركية. ويستضيف معهد بروكينغز، المؤرخ الكوبي وعضو الحزب الشيوعي أوزيبيو ليال، في الحدث الذي يقام في منطقة «ديستريكت». وأضاف بيكون: «إنه قرار محير، وأتمنى لو كنت أعرف ما يفكرون فيه». وأشار بيكون إلى أن قائمة الكوبيين الذين تم رفض طلباتهم بالحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة الأميركية تتضمن كارلوس ألزوغاراي تريتو، سفير كوبا السابق لدى الاتحاد الأوروبي، والذي تمت دعوته لحضور الاجتماع الذي ينظمه معهد بروكينغز الأسبوع المقبل، ورافائيل هيرنانديز، وهو عالم كوبي مارس التدريس في جامعتي هارفارد وكولومبيا.

وامتنع مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق بصورة علنية على أي من قرارات رفض منح التأشيرات، بما في ذلك سبب منح تأشيرة دخول إلى مارييلا كاسترو. وأشار هؤلاء المسؤولون إلى أنه وفقا للقوانين الأميركية، فقد تم فرض حظر كبير على دخول المواطنين الكوبيين الذين يمثلون حكومة هافانا أو الحزب الشيوعي الكوبي إلى الولايات المتحدة منذ عام 1985، ولكن غالبا ما تأتي الاستثناءات على أساس كل حالة على حدة.

ويقول المسؤولون إنه قد تمت دعوة 80 مواطنا كوبيا لحضور المؤتمر الذي سيعقد في سان فرانسيسكو في الأسبوع المقبل، حيث حصل 41 منهم على تأشيرات دخول وتم منع 11 آخرين، بينما لا يزال 25 منهم قيد الدراسة. ويضيف المسؤولون الأميركيون أنه حتى في حال حصول الشخص على تأشيرة دخول سابقة، فقد يتم رفض الطلبات التي يتقدم بها في وقت لاحق للحصول على تأشيرة إذا كانت هناك معلومات جديدة تشير إلى أن هذا الشخص يمثل خطرا.

وتشير نسخة من أحد خطابات رفض منح تأشيرة الدخول، التي صدرت في الأسبوع الماضي وحصلت عليها جريدة «واشنطن بوست»، إلى أنه تبين أن ثريا كاسترو مارينو، التي تدير معهدا للدراسات في هافانا والتي كانت تعمل أستاذة زائرة في جامعة هارفارد في 2010، غير مؤهلة هذه المرة للحصول على التأشيرة لأن وجودها سوف يمثل «إضرارا بمصالح الولايات المتحدة الأميركية». وتم إرسال نفس هذا الخطاب لكافة الأشخاص الذين تم رفض طلبات الحصول على التأشيرة التي تقدموا بها.

وأصبحت مارييلا كاسترو، من المناصرين البارزين لحقوق المثليين. وفي الوقت الذي يعتبرها فيه المنتقدون مجرد بوق للحكومة الكوبية، يراها آخرون بصورة أكثر إيجابية. ويقول برينير: «إنها حقا بطلة في مجال حقوق الإنسان. على الرغم من أنها ليست من منتقدي النظام، فإنها منتقد حاد لسياساته».

وتجعل السرية التي تحيط بعملية منح التأشيرات والتناقض الواضح في كيفية الحكم على المتقدمين النظام عرضة لاتهامات التلاعب السياسي، حيث أكد بعض المنتقدين يوم الخميس أن معايير منح الكوبيين تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة ربما تكون لها علاقة كبيرة بتغير المزاج في واشنطن أو هافانا أكثر من مدى استحقاق مقدم الطلب للحصول على التأشيرة.

وأكد مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية أنهم سيتابعون النظر في بقية الطلبات الكوبية للحصول على التأشيرة في الأيام القلية المقبلة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»