القضاء السوري يحكم بالإعدام على ناشط بتهمة «الخيانة العظمى» بعد ظهور تلفزيوني

قانوني في «المجلس الوطني» لـ «الشرق الأوسط»: النظام يستغل مؤسسات العدالة لترهيب الناشطين

TT

أعلنت الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان أمس أن «القضاء السوري أصدر حكما بالإعدام بحق الناشط محمد عبد المولى الحريري»، المعتقل منذ 16 أبريل (نيسان) الماضي، بعد تجريمه بجناية «الخيانة العظمى والتعامل مع جهات أجنبية»، مشيرة إلى نقله إلى سجن صيدنايا العسكري «تمهيدا لتنفيذ الحكم».

وشددت الرابطة على أن الحكم «جائر» و«باطل» لاستناده إلى اعترافات انتُزعت «تحت التعذيب الوحشي»، لافتة في بيان أصدرته أمس إلى أن الحريري تعرض «منذ اللحظات الأولى لاعتقاله إلى تعذيب وحشي، أدى إلى كسر ظهره في اليوم الأول لاعتقاله، فيما تابعت أجهزة الأمن التحقيق معه وهو في حالة شلل نصفي ممتنعة عن تقديم المساعدة الطبية اللازمة له».

وكان الحريري قد اعتقل مباشرة بعد انتهائه من مداخلة تلفزيونية مع قناة «الجزيرة» الإخبارية، وأكدت الرابطة السورية أن الحريري «لم يحظ بالحدّ الأدنى من شروط المحاكمة العادلة والحصول على المساعدة القانونية المنصوص عليها في الدستور السوري، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي انضمت إليها سوريا».

وبينما طالبت الرابطة السلطات السورية بوقف تنفيذ الحكم «الجائر» بحق الحريري، وأشارت إلى «تصاعد وتيرة أعمال العنف والقتل والتعذيب والاختفاء القسري بشكل لافت خلال الأشهر الأخيرة، والتي تم تصنيفها في معظم الحالات كجرائم ضد الإنسانية تستوجب ملاحقة ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها أمام القضاء الدولي المختص»، طالب معارضون سوريون وجمعيات ومنظمات حقوقية وإعلامية المجتمع الدولي بالضغط على النظام السوري لوقف تنفيذ حكم الإعدام.

وقال مدير المكتب القانوني في المجلس الوطني السوري هشام مروة لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الحكم ليس بغريب على النظام السوري، الذي لم يعد يجد سبلا لتكذيب ما ينقله المراسلون الميدانيون الذين يوثقون ما يرتكبه يوميا من جرائم»، متهما النظام «باستخدام القضاء لتوجيه رسائل سياسية لترهيب هؤلاء الناشطين الأبطال».

وشدد مروة على أنه «لا يمكن بأي شكل من الأشكال اتهام الحريري بارتكاب الخيانة العظمى»، وأضاف: «إذا سلمنا جدلا بأنه قام بمخالفة ما، ربما نقول إنه خالف قوانين الإعلام لناحية ممارسته المهنة أو التصريح دون إذن، لكن لا يمكن لذلك أن يرقى إطلاقا إلى مصاف جناية أو جنحة أو خيانة عظمى».

وانتقد مروة بشدة «لجوء النظام السوري إلى استخدام مؤسسات العدالة والقضاء واستغلالها لتوجيه رسالة سياسية، بعد استخدامه المؤسسات التشريعية لإصدار مراسيم عفو عن الجرائم العسكرية بهدف الإيقاع بالناشطين»، مذكرا بأن هذه الممارسات ليست بجديدة على النظام السوري.

ودعا مروة «المنظمات الإنسانية والحقوقية إلى رفع صوتها عاليا لإثناء النظام السوري عن تنفيذ الحكم بالناشط، الذي لم يفعل أكثر من التواصل مع وكالات أنباء وتقديم البيانات لها»، معولا على الدور الذي يمكن لها أن تقوم به في هذا السياق.

وناشدت رابطة الصحافيين السوريين العالم التدخل لوقف تنفيذ حكم الإعدام بحق الناشط، ودعت الناشطين والزملاء الإعلاميين إلى التوقيع على بيان يطالب بمنع المحاكمة عنه. وذكرت على صفحتها على «فيس بوك» أنه «تناقضت الأنباء حول مصير الحريري في ظل التزام السلطات في سوريا الصمت حيال التعليق على الخبر»، مطالبة بمعاملته «شأن أي صحافي ينقل الخبر بحسب المواثيق الدولية».

وفي بيروت، أدان مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية «سكايز» (عيون سمير قصير)، «الحكم بالإعدام الصادر بحق الحريري بتهمة الخيانة العظمى والتعامل مع جهات أجنبية، التي لا تستند إلى أي مسوّغ قانوني، والبعيدة كل البعد عن منطق المحاكمات المدنية العادلة بكل أوجهها، بدليل اعتقاله من دون أي مذكرة قضائية لحظة انتهائه من حديث تلفزيوني وهو أعزل ولم يبدِ أي مقاومة».

وطالب «المنظمات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية بالتدخل فورا والضغط لوقف تنفيذ الحكم غير المبرر، وكذلك وقف (مسرحية) ادعاءات القضاء السوري المفبركة سلفا وكشفها أمام المراجع القانونية الدولية من أجل محاكمة المجرمين الحقيقيين المتورطين فيها».