لبنان: الهدوء الحذر يخيم على طرابلس والجيش ينتشر بكثافة في مناطق الاشتباكات

القضاء يرفض الإفراج عن الشاب شادي المولوي.. ومحاميه يتوقع إطلاق سراحه الثلاثاء

مظاهرة مناصرة للمعارضة السورية في بيروت أمس (رويترز)
TT

خيم الهدوء الحذر على مدينة طرابلس، يوم أمس، بعد أن صمتت أصوات القذائف والرشاشات، بينما بقي التوتر محيطا بالمدينة، مع استمرار التحركات الاحتجاجية للجماعات الإسلامية على خلفية رفض القضاء العسكري، أمس، إطلاق سراح الشاب الموقوف شادي المولوي (الذي استدرجه الأمن العام إلى مركز تابع لوزير المال، محمد الصفدي، في طرابلس، وأوقفه الأسبوع الماضي، مما تسبب في اشتعال الأحداث الأمنية في طرابلس)، قبل أن يدّعي عليه القضاء بجرم «الانتماء إلى تنظيم مسلح والقيام بأعمال إرهابية في لبنان والخارج».

وأصدر قاضي التحقيق العسكري، نبيل وهبة، قرارا، رد فيه الطلب الذي تقدم به وكيل المولوي المحامي محمد حافظة لتخلية سبيله، وقرر إبقاءه موقوفا لعدم انتهاء التحقيق معه، وحدد يوم الثلاثاء المقبل موعدا لجلسة تخصص لاستكمال الاستجواب، وإجراء مقابلة بين المولوي وموقوف آخر. وأعلن المحامي حافظة أنه «تبلغ من المحكمة العسكرية بقرار رد طلب إخلاء سبيل موكله».

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لن يطعن بهذا القرار، وسيتريث إلى يوم الثلاثاء، بحيث يحضر جلسة استجواب المولوي (الثالثة)، وبعدها سيقدم طلبا جديدا لإخلاء سبيله».

وعبّر حافظة عن اعتقاده بأن «قاضي التحقيق يشعر بمظلومية المولوي وسيخلي سبيله، الثلاثاء المقبل، والدليل على ذلك السرعة في التحقيق، وعقد جلسات متتالية في وقت زمني قصير»، وقال: «الملف فارغ من أي دليل على الجرائم المسندة إلى الموكل، وهو لم يعترف بأي من هذه الاتهامات المنسوبة إليه، وأنكر أي ارتباط له بتنظيم القاعدة أو غيره من التنظيمات المتطرفة».. وسخر من التقارير التي نشرتها بعض وسائل الإعلام، وتحدثت عن أن المولوي قاتل في العراق، وفي أفغانستان مع أبو مصعب الزرقاوي، وقال حافظة: «عندما قتل الزرقاوي كان عمر موكلي لا يتجاوز الـ12 عاما، فهل يعقل ذلك؟ كما أنه لم يسبق له أن سافر إلى أي دولة، ولا حتى إلى سوريا».

مؤكدا أنه «عندما يصدر القرار الاتهامي ويصبح الملف علنيا سيتبين للجميع سخافة هذا الملف وخلوه من أي تهمة، وسيسخر رجال القانون من هكذا ملف».

إلى ذلك، أوضحت مصادر متابعة للملف لـ«الشرق الأوسط» أن «الشبهة التي بني عليها الملف هي أن المولوي كان صلة الوصل بين القطري عبد العزيز العطية، الذي تبرع بمبلغ مالي للثوار في سوريا، وبين من تسلّم هذا المبلغ وأوصله إلى الثوار».

وكانت ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس غصت، أمس، بالمصلين في صلاة الجمعة، وأم المصلين المعتصمين بالساحة خطيب جامع التقوى في المدينة الشيخ سالم الرافعي، الذي أكد أن «التحقيقات مع شادي المولوي تسير منذ يوم أمس (أول من أمس) بحسب الأصول»، وقال: «نحن في انتظار يوم الثلاثاء لمتابعة التحقيق معه، والتزاما بوعدي لوزير الداخلية (مروان شربل) لن تُقطع الطرقات في طرابلس بانتظار يوم الثلاثاء، وما ستسفر عنه نتائج التحقيق مع شادي المولوي، فإذا كان مدانا فليُحكم، وإذا كان بريئا فليطلق سراحه». ووجه الرافعي رسالة إلى الطائفة العلوية، قائلا: «لا تربطوا مصيركم بمصير عائلة ولا بنظام الأسد، وأريد منكم مبادرة حسن نية بأن تصدروا بيانا تدينون فيه ما تقوم به العائلة التي تخطفكم».

أما على الصعيد الميداني، فقد أعلن مصدر أمني أن «الجيش اللبناني انتشر بشكل محكم في المناطق التي كانت مسرحا للاشتباكات المسلحة خلال الأيام الماضية»، وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «وحدات من لواءي مغاوير البحر والمجوقل انتشرت بشكل كثيف في منطقتي باب التبانة وجبل محسن، بينما انتشر اللواء العاشر في منطقة القبة والمناطق المحيطة بنقاط التوتر»، مشيرا إلى أن «الجيش وجّه تحذيرا صارما بأنه سيرد بقوة على أي مصدر للنيران أو أي ظهور مسلح في هذه المناطق».

في حين أفادت مصادر ميدانية طرابلسية «الشرق الأوسط» بأن «مناطق باب التبانة والمناطق القريبة منها مثل القبة والملولة والبداوي والزاهرية هي أشبه بمدينة الأشباح، والحركة فيها شبه معدومة باعتبار أن الوضع غير مطمئن، والناس تخشى من التدهور الأمني في أي لحظة كما حصل في الأيام الماضية».

إلى ذلك، وصف مفتي طرابلس وشمال لبنان الشيخ مالك الشعار الوضع في طرابلس بـ«المطمئن والمريح عموما». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيش أمسك بأمن منطقتي باب التبانة وجبل محسن، في حين تولت قوى الأمن الداخلي أمن المناطق الأخرى». وقال: «اليوم (أمس) نزلنا إلى منطقة باب التبانة والتقينا بـ13 مجموعة من أبناء المنطقة، وأبلغناهم أن أمن منطقتهم بات بعهدة الجيش. فكان تجاوبهم كبيرا، وطالبوا بسحب كل مظاهر التسلح، وأن ينتشر الجيش في جبل محسن بنفس مقدار انتشاره في التبانة».

وأكد المفتي الشعار أن «الجو بات مريحا ومطمئنا، وإن شاء الله الأجواء المأسوية ذهبت إلى غير رجعة»، وأضاف: «عممنا رسالة إلى كل خطباء المساجد، وكلهم تحدثوا عن أهمية السلم الأهلي، ورسالة دار الفتوى اللبنانية بتحريم حمل السلاح وتوجيهه إلى اللبنانيين، كما أصدرنا فتوى واضحة بحرمة توجيه السلاح إلى أبناء الوطن وعدم جواز قطع الطرقات وحرق الإطارات لأنه اعتداء على الحق العام».