مهربو أسلحة و5 آلاف مدان هارب يثيرون القلاقل في سيناء

ملثمون قتلوا شيخ عشيرة الزيود بقبيلة السواركة

TT

قالت مصادر أمنية مصرية وشهود عيان أمس إن اثنين من الملثمين دخلا محل حلاقة في العريش، وقتلا شيخ عشيرة الزيود بقبيلة السواركة في سيناء، واسمه نايف محمد غضبان، (37 سنة)، بطلقة من مسدس في الرأس. وأضافت المصادر أن الاشتباكات في السابق كانت تقع عادة بين أبناء قبائل والسلطات الأمنية.

وأضافت المصادر أن نايف كان له دور في محاولة الصلح بين القبائل والسلطات، مشيرة إلى أن الجانيين كانا يستقلان سيارة جيب رباعية الدفع، انطلقا بها بعد الحادث إلى خارج نطاق مدينة العريش على الرغم من أن المدينة تعد من كبرى مدن سيناء تأمينا، بعد تعزيزات بعثت بها السلطات الأمنية خلال الأسبوعين الأخيرين.

وأضافت المصادر: «لم يتضح بعد إن كان وراء الحادث ثأر أم خلافات مالية»، مشيرة إلى أن هذا الحادث يدخل ضمن حالة الانفلات الأمني التي تعانيها سيناء، حيث توجد في سيناء أسلحة خفيفة ومتوسطة في أيدي مسلحين، قادرة على إصابة أهداف تبعد عدة كيلومترات، مما يثير مخاوف بشأن الأمن داخل سيناء وعلى الحدود مع إسرائيل أيضا.

وتوجد في سيناء سيارات دفع رباعي مسلحة ترفع الرايات السوداء التي تشبه رايات تنظيم القاعدة. هذا ما أفاد به مصدر أمني في سيناء، الذي قال إن آخر اجتماع لمسؤولين أمنيين، في شبه الجزيرة التي كانت محتلة من إسرائيل، تم فيه الاتفاق على رفع توصية جديدة إلى السلطات الحاكمة في القاهرة، من أجل التعجيل بتعديل اتفاقية السلام مع تل أبيب بما يسمح بانتشار مزيد من القوات المصرية على الحدود مع إسرائيل.

وتضيف المصادر أن ما لا يقل عن 5 آلاف محكوم عليه غيابيا من أبناء سيناء، وهاربين من سلطات الأمن في الجبال، يجعل مسألة تعقب من يشتبه في صلتهم بالإرهاب أو صلتهم بحركة حماس من الأمور الصعبة، خاصة مع محدودية الوجود الأمني قرب الحدود مع إسرائيل، وفقا لبنود اتفاقية السلام بين البلدين التي تم توقيعها بعد حرب تحرير سيناء عام 1973. وتقوم إسرائيل حاليا ببناء سور ضخم بطول حدودها مع مصر.

وأضاف المصدر الأمني أنه منذ سقوط النظام الليبي، لم يتوقف المهربون عن شحن الأسلحة، ومنها صواريخ، من الأراضي الليبية إلى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية حماس، مرورا بالأراضي المصرية.

لكن عبد الله جهامة، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي والتعبئة القومية في البرلمان المصري، عن سيناء، قال إن ما يتردد عن «القاعدة» والمسلحين وتهريب أسلحة ليبية إلى غزة، مجرد معلومات يتم تضخيمها عن أشياء إما غير حقيقية أو أشياء صغيرة لا تذكر، «لكن الوصول إلى معلومات حقيقية عن هذه الأمر يتطلب أولا حل مشاكل المحكوم عليهم غيابيا، وبعدها نعرف من هم الأغراب عن سيناء، ومن هم الذين يرفعون الرايات السوداء لأغراض أخرى».

وشارك جهامة مؤخرا في مناقشة الوضع في سيناء في اجتماع للجنة التي يشغل عضويتها في البرلمان، وقلل من شأن ما يتردد عن «خطورة الوضع في سيناء»، وذلك على الرغم مما يجري بثه، منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، عن استنفار من جانب تل أبيب على الجانب الآخر من الحدود، تحسبا لشن مسلحين هجمات صاروخية على إسرائيل انطلاقا من سيناء.

وقال المصدر الأمني الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» من العريش شريطة عدم تعريفه، إن الوضع في سيناء «معقد، ويمكن أن يتطور لوضع كارثي بسبب تزايد عمليات تهريب الأسلحة إلى هنا تمهيدا لتهريبها عبر الأنفاق إلى غزة، أو استخدامها من جانب متسللين فلسطينيين لضرب إسرائيل من سيناء».

وقالت تقارير محلية الليلة قبل الماضية، إنه تم ضبط 40 قذيفة مضادة للطائرات من مخلفات الحروب داخل مخازن في وسط سيناء، وذلك بعد نحو أسبوع من ضبط شاحنة محملة بصواريخ قادمة من ليبيا في طريقها إلى سيناء.

واستشعرت عدة لجان في البرلمان المصري بمجلسيه (الشعب والشورى)، منذ وقت مبكر، ما يمكن أن تسفر عنه الأوضاع في سيناء. وزار أعضاء أكثر من لجنة شبه الجزيرة أكثر من مرة خلال الشهرين الأخيرين، وطالب معظمها بضرورة تعديل اتفاقية كامب ديفيد، محذرة من التحركات الإسرائيلية على الجانب الآخر من الحدود.

وشهدت شبه الجزيرة أحداث عنف خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011، إضافة إلى مخاوف من وجود لتنظيم القاعدة والجماعات الجهادية. وفي المقابل، قال جهامة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «حقيقة الوضع أنه كان هناك احتقان بين أبناء سيناء والنظام الشرطي في العهد السابق بسبب الزج ببعض أبناء القبائل في السجون ظلما»، قائلا إن المشكلة ما زالت مستمرة رغم تلقي وعود من السلطات الحاكمة بالعمل على نزع فتيل الاحتقان و«الإفراج عن بعض ممن سجنوا ظلما»، لافتا إلى أنه تم بالفعل الإفراج عن معتقلين وآخرين ممن كان قد صدر ضدهم أحكام في قضايا عسكرية.

وبدأت العلاقة بين أبناء سيناء والشرطة بالتوتر منذ قيام مسلحين بتفجير منتجعات سياحية يرتادها إسرائيليون في طابا وشرم الشيخ قبل ست سنوات. وقال جهامة: «ما زال يوجد في السجون أعداد كبيرة من المساجين ممن صدرت ضدهم أحكام بالظلم، وعددهم 354 من شمال سيناء وجنوبها، بالإضافة إلى عدد من الأحكام الغيابية كبير جدا، ويصل إلى نحو 10 آلاف حكم، منها نحو 5 آلاف حكم تم إلغاؤها، وتبقى نحو 5 آلاف حكم آخر».

وقال المصدر الأمني إن سيناء تتميز بكبر مساحتها، (نحو 60 ألف كيلومتر مربع)، وقلة سكانها (أقل قليلا من نصف مليون نسمة)، وبطبيعتها الجبلية، وقلة الوجود الأمني فيها.

وأضاف أنه يسهل على المطلوبين وآلاف المحكوم عليهم غيابيا الاختباء بعيدا عن أعين السلطات، والانخراط في أعمال غير مشروعة لمساعدتهم على البقاء على قيد الحياة والإنفاق على أسرهم بعيدا عن الأعين، ومنها التهريب وقطع الطرق وخطف السياح للمساومة على إطلاق زملاء لهم.

لكن جهامة أضاف: «نحن لا نقول إن جميع المساجين الـ354 أبرياء، أو سجنوا ظلما، ولكن هناك من 50 إلى 60 مسجونا واضح تماما أنه تم تلفيق القضايا لهم، ويقومون بتنفيذ أحكام بشكل فعلي، بعضهم محكوم عليه بـ20 سنة، وآخرون محكوم عليهم بـ15 سنة، بينهم امرأة لرفضها التعامل مع النظام الشرطي في النظام السابق».

وقال النائب جهامة إن «الحل في سيناء هو أن يتم الإفراج عن المعتقلين، وبعد ذلك ستفرز الأمور نفسها، وسنعرف من هو من أبناء سيناء ومن هو من خارجها». وأضاف أن أي رئيس سيتولى حكم مصر عليه أولا تعديل اتفاقية السلام، وتنمية سيناء وحل مشكلة تملك المواطنين للبيوت والأراضي، والتدخل للإفراج عن أبناء سيناء المسجونين في سجون إسرائيل، وعددهم 63 سجينا تم القبض عليهم من إسرائيل بعد أن ضلوا طريقهم على الحدود.

وعن تفسيره للقلق الإسرائيلي من الوضع الأمني لسيناء، قال جهامة إن إسرائيل تحشد قواتها من أجل أن تقول للآخرين «نحن هنا»، معربا عن اتفاقه مع الجهات الأمنية التي تطالب بتعديل اتفاقية كامب ديفيد، خاصة في المنطقة «ج» المحاذية للحدود مع إسرائيل بما يحقق الوجود الأمني المصري المكثف في تلك