دير الزور.. مدينة يخشاها نظام الأسد بسبب موقعها الحدودي وطبيعتها العشائرية

ناشطون: النظام بدأ يفقد السيطرة عليها لذلك اعتمد سياسة التفجيرات

فريق المراقبين الدوليين يتفقد آثار تفجير سيارة مفخخة في حي مساكن غازي عياش بدير الزور أمس (إ.ب.أ)
TT

حملت المعارضة السورية أمس النظام، مسؤولية التفجير الذي وقع يوم أمس في حي مساكن غازي عياش داخل مدينة دير الزور، مؤكدين أن «نظام الأسد بدأ يفقد السيطرة على المدينة ذات الطبيعة العشائرية والواقعة على حدود العراق، ويبدو عاجزا عن إيقاف المظاهرات فيها رغم انتشار قواته في معظم الأحياء الرئيسية». ويعتبر الناشطون أن «هذا الأمر هو الذي دفع نظام بشار الأسد إلى اعتماد استراتيجية التفجيرات كما فعل في مدينتي دمشق وحلب خلال وقت سابق». ويرى عدي، أحد الناشطين الموجودين في المدينة أن «نظام الأسد يعجز عن إيقاف الثورة في دير الزور، فالأهالي ما زالوا مصرّين على النزول في مظاهرات معارضة بشكل دائم، رغم اقتحام المدينة مرات عديدة وتنفيذ حملات اعتقالات طالت خيرة الشباب فيها»، مؤكدا أن «النظام نفذ تفجير أمس كي يتهم المدينة بالإرهاب ويبرر حملات القمع التي سيجريها لاحقا لقمع الثورة». ويضيف «النظام يفقد سيطرته على المدينة، هو يعلم أن انتشاره الأمني لا يعني شيئا، الأهالي يستطيعون قلب الموازين لمصلحتهم في وقت قصير». ويلفت محمد، أحد أعضاء تنسيقيات دير الزور للثورة السورية إلى أن «الجيش السوري الموالي للنظام نفذ أكثر من هجوم على المدينة لكنه لم يدخل في صراع فعلي مع أهلها». ويضيف «لم يكن هنالك قرار بالمواجهة من قبل العشائر التي تشكل البنية الأساسية للسكان في المدينة».

ويصل عدد سكان دير الزور نحو 1.5 مليون نسمة، يشكلون 8 في المائة من سكان البلاد، معظمهم من العرب مع وجود أكراد وأرمن، ولقسم كبير من العرب خلفيات عشائريّة لا سيّما قبيلتي البقارة والعقيدات.

ويشير الناشط المعارض إلى أن «اتخاذ قرار من قبل العشائر بخوض نزاع عسكري ضد نظام الأسد سيؤدي بالضرورة إلى هزيمة النظام لأن المنطقة مفتوحة حدوديا مع العراق مما يسمح بتدفق الأسلحة بشكل كبير إضافة إلى أن معظم مناطق دير الزور مسلّحة بحكم طابعها الريفي والعشائري».

وعن شيوخ القبائل الذين يؤكد النظام عبر إعلامه أنهم يؤيدونه، يقول الناشط «هم يؤيدونه حتى الآن لكن ما إن تقع مجزرة في المدينة سيضطرون إلى اتخاذ موقف آخر فهم لا يستطيعون تجاوز الدم؛ ثمة أعراف في المدينة لا يفهمها النظام السوري». ويقول أحد المعارضين، وهو يتحدر من مدينة دير الزور، «إن الفرقة الأولى التابعة للجيش السوري النظامي تمركزت في أحد المعسكرات بالمدينة»، مضيفا أن «ثلاث كتائب مشاة وكتيبة دبابات موجودة حاليا على مداخل دير الزور».

وأشار المصدر إلى أن «النظام السوري يخشى من إدخال الجيش ليقمع الشعب في دير الزور كما فعل في درعا وسواها من المحافظات، لأن دخول الجيش قد يعني حدوث انشقاق كبير في صفوفه لأن معظم أفراده هم من المناطق الشرقية، إضافة إلى الطبيعة العشائرية للمحافظة التي لن تسكت على مجازر دون رد» مؤكدا أن «هذه العشائر مسلحة تسليحا شديدا بحكم الحدود مع العراق ولا أعتقد أن النظام عندها يصبح قادرا على احتواء الثورة إذا قام بعملية عسكرية ضخمة ضد المدينة»، ويستنتج المصدر من كل ذلك أن «سبب التفجير الذي حصل أمس في دير الزور عجز النظام أمام الثورة التي تتسع في المدينة».

يشار إلى أن أعدادا كبيرة من العسكريين الذين انشقوا عن الجيش النظامي والتحقوا بالجيش السوري الحر تعود أصولهم إلى دير الزور. وقد كانت المدينة التي تعد من أكبر المدن في الجهة الشرقية للبلاد، قد شكلت مع محافظة حماه خلال الشهور الأولى من الانتفاضة السورية خزانا بشريا من المتظاهرين المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد، حيث نزل مئات الآلاف من سكانها مطالبين النظام الحالي بالرحيل، مما دفع النظام السوري إلى تنفيذ اقتحام موضعي ضد المدينة إذ قامت دبابات الجيش النظامي ومدرعاته الحربية بالهجوم على دير الزور في السابغ من أغسطس (آب) الماضي وقامت بقصف أحيائها بالقذائف والمدفعية والرشاشات الثقيلة. ووفقا للناشطين فإن «هذا الاقتحام الذي تبعه اقتحامات أخرى ساهم في تقليص حجم المظاهرات داخل المدينة، لكنه لم يستطع إخمادها بشكل كلي». يذكر أن سيارة مفخخة انفجرت صباح أمس في حي مساكن غازي عياش اتهم التلفزيون الرسمي السوري إرهابيين بالوقوف وراءها. فيما أكد ناشطون معارضون أن المنطقة، مكان الانفجار والتي يقع فيها مقر الأمن العسكري محصنة أمنيا ولا يستطيع أحد الدخول إليها، متهمين نظام الرئيس بشار الأسد بالوقوف وراء جميع التفجيرات التي تحصل في البلاد.