محمود الصرخي: هناك إرادة لإفراغ الساحة من كل منافس محتمل لمرجعية بديلة يراد التأسيس لها في العراق

المرجع الشيعي في حديث لـ «الشرق الأوسط»: اتهامنا بالتسبب في حرب شيعية ـ شيعية كذبة وإفك فاحش

آية الله محمود الحسني الصرخي
TT

كسر رجل الدين الشيعي آية الله محمود الحسني الصرخي الصورة النمطية لرجل الحوزة العلمية، وذلك من خلال التحرك السياسي والإعلامي والاستعداد للمناظرة مع كبار آيات الله، من أجل إثبات ما يسميه هو أهمية تحديد المرجع، الذي يجب أن يكون من خلال أدلته وآثاره العلمية، وخاصة في الفقه وأصول الفقه، وليس عبر وسائل أخرى.

وفي حوار أجرته «الشرق الأوسط» مع الصرخي، أثار الكثير من القضايا التي ربما تثار لأول مرة في أوساط رجال الدين لا سيما من أصحاب المدرسة التقليدية، وهي بخلاف المدرسة التي يعلن الصرخي انتماءه لها، وهي مدرسة الصدرين (محمد باقر الصدر - أعدم عام 1980) و(محمد محمد صادق الصدر - اغتيل عام 1999).

وفي واحدة من أكثر الطروحات جرأة، يرى الصرخي أن مفهوم الأعلمية لا بد أن يثبت من خلال الاجتهاد، وهو ما يجب إثباته، وهو ما يريد الصرخي الوصول إليه، معتبرا أن الثورة الإعلامية والمعلوماتية كشفت كثيرا من عيوب رجال الدين، الذين كانت أفكارهم تصل إلى عدد محدود من الناس بينما صارت اليوم في متناول الجميع. وفي ما يلي نص الحوار:

* ما طبيعة وحدود خلاف السيد الصرخي مع باقي مراجع الدين الشيعة في العراق؟

- قلنا ونقول ونكرر.. إن الاختلاف أو الخلاف بين رجال الدين العلماء يكمن في فهم المصدر وقواعده وكلياته وصغرياته، وفي فهم وتشخيص ودقة وتمامية تطبيق ذلك على الخارج وعلى الموارد والوقائع الحادثة، وفي فهم وتشخيص الظروف والقرائن المحيطة والمكتنفة بكل مورد وواقعة حادثة، فالخلاف والاختلاف علمي فقهي أصولي، والخلاف والنقاش العلمي مرغوب فيه وراجح عقلا وشرعا وأخلاقا بل هو ضروري... وفي العصر الحاضر ومنذ ما يقارب الأربعين عاما استحدثت وتأسست وبرزت واتضحت وتجسدت وانتشرت في الواقع الحوزوي والاجتماعي مدرستان: المدرسة العلمية التجديدية (مدرسة السيدين الأستاذين الصدرين) التي اتصفت وتميزت بالعلمية والتجدد والتجديد العلمي ومواكبة الحركة العلمية وتطورها والتطورات الاجتماعية ومتطلباتها واحتياجاتها المعيشية والفكرية والسلوكية، والمدرسة الكلاسيكية، التي تلكأت وتتلكأ في التطور والتفاعل والإبداع فصارت أقرب للتقوقع والانكفاء، وخدمة الذات الخاصة، فصارت محدودة وقاصرة النظر في التشخيص والموقف، وبعيدة عن مواكبة الحركة والتطور العلمي الذي شمل كل العلوم وكل المجالات.. وقد شرفني الله تعالى بأن أكون من مدرسة الصدرين، وأتتلمذ فيها. وكل ما يظهر ويسجل من خلاف علمي الآن كان قد سُجل مع الأستاذين الصدرين.. وكل ما يطرح من أسئلة واستفهامات وشبهات وتهم وافتراءات الآن فهي نفسها كانت قد طرحت مع الأستاذين الصدرين وفي زمنهما.. والفرق بين الزمانين، إننا في هذا الوقت شهدنا ونشهد الانفتاح الإعلامي وخاصة القفزات العلمية التطورية في عالم الإنترنت، التي قصرت واختزلت الكثير من المسافات وقربت الكثير من الأحداث والوقائع.. إضافة إلى التغيرات والانعطافات الكبيرة في فكر المجتمعات وتوجهاتها وسلوكها، التي توجت بالثورات الشبابية العربية المباركة، حيث كان لها تأثير في الحركة الإعلامية والتواصل الإعلامي ومتابعة الأخبار والأحداث الجارية في العالم عموما والعالم العربي والإسلامي خصوصا.. وخاصة من خلال الإنترنت الذي يمكن أن يجد فيه الكثير من الناس ضالتهم، ولو نسبيا، بعد أن صار الإعلام الآخر كله مسيسا ومدفوع الأجر ومسلوب الإرادة والمهنية.. إضافة لموازين القوى في المنطقة والعالم وتغيراتها بين فترة وأخرى، التي حققت انعطافا كبيرا وتغيرا وانقلابا كبيرا وأساسيا في موازين القوى في العالم ومنطقتنا خصوصا.. فكل ذلك وغيره يدخل في سبب وصول أخبار أحداث اليوم ومجرياتها في العراق ومنها أخبار وأحداث المؤسسة الدينية ومدارسها.. وهذا لم يكن موجودا زمن الأستاذين الصدرين، فلا فرق بين ذلك الزمان وهذا الزمان فيما وقع وجرى وما يقع ويجري بخصوص المؤسسة الدينية والمرجعيات نفسها وتوجهاتها واختلافاتها الفكرية، وما يتعلق بها وما يرشح عنها وما يرتبط بها.

* تاريخيا هناك انسجام داخل المرجعيات والحوزات الدينية ولكن ظهور الصرخي وما يمثله من اختلاف غيّر الصورة النمطية عن رجل الدين فضلا عن المرجع. من يحدد المرجع؛ الأعلمية أم المقلدون؟

- بعد أن تبين مما سبق أن الخلاف أو الاختلاف فقهي أصولي علمي، وأنه راجح عقلا وشرعا وأخلاقا، بل هو ضروري.. فيكون كلامك يا عزيزي عن وجود انسجام ثابت تاريخا فيه مصادرة. ولا أعلم ما هو قصدك بالتحديد من أن ظهور الصرخي غير الصورة النمطية عن طبيعة رجل الدين، فضلا عن المرجع، فهل تقصد بالتغيير التغيير الإيجابي أو السلبي؟ مع ملاحظة ما ذكرته وبينته لك في جواب سابق من أن الاختلاف الذي تقصده وتغيرت الصورة النمطية على أساسه، فإنه ليس مستحدثا وملازما للصرخي، بل هو امتداد لمدرسة الصدرين وشخصيهما ومنهجهما وسيرتهما العلمية والاجتماعية، ويمكنك معرفة هذه الحقيقة والتيقن منها من خلال الاطلاع عما كُتب عن حياة الصدرين وسيرتهما الذاتية العملية والعلمية، وأما تحديد المرجع، فبالتأكيد يكون من خلال أدلته وآثاره العلمية وخاصة في الفقه وأصول الفقه.. فيثبت اجتهاده وأعلميته على الآخرين، وبعدها يجوز له التصدي للمرجعية، أما مع عدم اجتهاده أصلا أو مع عدم أعلميته، فيحرم عليه الإفتاء والتصدي للمرجعية، لأن المتصدين السابقين واللاحقين من أساتذتنا وغيرهم يذكرون في رسائلهم العملية ويفتون بوجوب تقليد الأعلم؛ فمن يفتي بوجوب تقليد الأعلم، فهل يجوز له أن يتصدى للمرجعية، وهو ليس بأعلم؟ إذن هو يعتقد أنه أعلم فكل متصدّ للمرجعية يعتقد أنه أعلم، وهذا كله قبل أن يقلده أي مكلف، فالمرجعية الحقيقية الواقعية تدور مدار الأعلم الواقعي الذي تثبت أعلميته بالدليل والأثر والبرهان العلمي الشرعي.

* هل هناك صراع بين مفهومين للمرجعية الدينية؟ وأين الصرخي من المرجعية الصامتة والمرجعية الناطقة؟

- نعم، هناك بالفعل اتجاهان حوزويان أو مدرستان أو صنفان من المرجعيات؛ فهذا التشخيص وتصنيف الحوزة ومرجعياتها إلى حوزة ناطقة وحوزة ساكتة أو صامتة المؤسس والمنظر له هو أحد قطبي مدرسة الصدرين الرسالية التجديدية، وهو الشهيد الصدر الثاني. وقد سبقه في التشخيص والتصنيف المعلم الشهيد الصدر الأول حيث صنف الحوزة والمرجعية إلى صنفين؛ الأول: المرجعية الرشيدة والصالحة، والثاني: ما يقابل ذلك. والصرخي سعى ويسعى أن يكون على سيرة ومنهج أستاذيه الصدرين في العلم والعمل والموقف.

* كل رجال الدين، لا سيما ممن يحملون درجات بدءا من حجة إسلام، كلمتهم مسموعة داخل مختلف الأوساط الرسمية وغيرها.. فكيف نفسر ما يتعرض له مرجع يحمل مرتبة آية الله ومن قبل جهات حكومية مثلما حصل لكم في الناصرية؟

- الكلية التي ذكرتها غير تامة وباطلة جزما، فعادة تصدر مثل هذه القضايا الكلية الزائفة الباطلة من أهل الباطل وأئمة الضلالة لكي يخدعوا بها الناس، وهي ترجع إلى منهج أسلافهم الضالين المضلين عبر التاريخ، الذين دائما يحاولون ويجهدون أنفسهم ويضاعفون مكرهم ونفاقهم من أجل تصوير أن أهل الحق والصلاح من أنبياء ومرسلين وأولياء ومصلحين (عليهم الصلاة والسلام أجمعين) يصورونهم بالقلة والشرذمة والأراذل والمنكرين والجهال والسفهاء والمجانين، ويقابلهم المجموع والجميع والكثرة والكل والقوم والناس والمجتمع والعقلاء والمثقفون.. وقد أوضح القرآن الكريم هذه الحقيقة وأشار إليها، وأكد عليها في مواضع كثيرة. والسؤال ليس لأئمة الضلالة وذوي الطول والمترفين والمتزلفين والمنتفعين، بل السؤال لمن يصدقهم، فأنت يا عزيزي على سبيل المثال هل أحصيت كل رجال الدين وكل من يحمل درجات حجة إسلام وأعلى؟ فكم عددهم؟ وبعدها هل شاهدت كل هؤلاء الذين أحصيتهم وتيقنت أنهم جميعا كلمتهم مسموعة داخل مختلف الأوساط الرسمية وغيرها؟ وأنا ذكرت هذا الكلام للتنبيه إلى الأسلوب الماكر والمخادع الذي اتبع ويُتبع وسيُتبع مع كل مصلح ودعوة حق فأردت لفت النظر إليه والتحذير منه في هذا المورد وفي غيره، وفي قضيتي وفي غيرها.

أنا أسال معك وأطرح عدة استفهامات في المقام ويبقى تقييمك وغيرك إلى أن ما حصل ويحصل هل يرجع إلى بعضها أو إلى مجموعها أو إليها مع غيرها مما لم نذكره في المقام؟ وإليك التساؤلات؛ لماذا يُهدم مسجد يذكر فيه اسم الله تعالى فقط؟ إن جريمة هدم المسجد ما هي إلا حلقة واحدة صغيرة من سلاسل حلقات الاعتداءات والانتهاكات، ولسنوات طوال وقعت علينا. وهي حلقة أتت في وقت وظروف دولية وموازين قوى جديدة ومواقف سياسية ودولية مستحدثة غفل عنها الجناة العصاة فتلقف بعض الإعلام هذه الجناية الفاحشة وبجهود الثلة المؤمنة الصالحة انتشر خبر الجريمة وشاع ولو بصورة نسبية. وهذا من فضل الله علينا ونعمه المتواصلة. والسؤال الآن مركب، فلماذا هدم المسجد وانتهكت حرمته وحرمة المصلين؟ وباستثناء البعض النادر الذي لا يتجاوز بعض أصابع اليد الواحدة أقول لماذا كل هذا السكوت والصمت المريب من جميع من ذكرت في سؤالك وغيرهم من عناوين ومسؤولين وسياسيين وإعلام ومنظمات حقوقية ومدنية وحقوق إنسان وغيرها من جهات؟ فلا إدانة ولا شجب ولا استنكار والجريمة صارت شائعة وواضحة وشاخصة للعيان وهي بعيدة عن أي صراع سياسي وتنافس على سرقة مناصب وأموال، وهل كل ما وقع ويقع علينا هو بسب رفضنا للاحتلال وتوابعه قبل دخوله وعند دخوله وبعد دخوله وإلى الآن؟ وهل لأن الرفض كان ولا يزال إيمانا وحقا وصدقا وليس نفاقا ولا رياء ولا سمعة ولا تبعية ولا كسبا دنيويا؟ فهل يريدون تلويث كل شيء وكل الناس لكي لا يتميز أحد عليهم فيعملون على القضاء على كل شريف وشرف وعلى كل مصلح وإصلاح وعلى كل منصف وإنصاف؟ وهل أن ما وقع ويقع علينا يرجع إلى ما وصل وتكرر من تحذيرات وتهديدات صريحة وغيرها ومعلنة وغير معلنة، بخصوص رفع وإزالة عنوان العراقي والعراقية والعربي والعربية من عنوان الجهة المرجعية وكل ما يتعلق بها وكما حصل من اعتداءات وإتلاف وإضرار بالكثير المتعلق بذلك، فيكون ما حصل ووقع ويقع هو بسبب تمسكنا وإصرارنا وافتخارنا بعراقيتنا وعروبتنا في الوقت الذي يراد فيه وبكل جهد وشدة تفريغ العراق والعراقيين من وطنيتهم وعراقيتهم وعروبتهم، ثم سلبهم من دينهم وتراثهم وحضارتهم وجعلهم أذلاء صاغرين تابعين خانعين لغيرهم طائعين لهم عابدين لهم؟ ووسط كل هذه المخاطر وعظمها وشدتها رفعنا ونرفع شعار الوطنية العراقية والعروبة إضافة للإسلام والمبادئ والأخلاق في الوقت الذي جعلوا فيه اسم الوطنية العراقية والعروبة مرتبطا بالبعث والنظام السابق و«القاعدة» والإرهاب، وسنبقى نتمسك ونعلن تمسكنا بعروبتنا وديننا تمسكا وطنيا قوميا شرعيا ليس تعصبا جاهليا، بل لأن نبينا الكريم (عليه وآله الصلاة والسلام) عربي، ولأن قرآننا المجيد عربي ولأن لغة أهل الجنة عربية، فلا نتنكر ولا ننسلخ عن عروبتنا لأنه انسلاخ عن الجنة وأهلها وعن القرآن ونورانيته وعن خاتم الأنبياء وقدسيته (عليه وعلى آله الصلاة والسلام). والسؤال المهم والمحوري الذي تأخر طرحه كثيرا وهو هل كل ما حصل ويحصل وسيحصل هو بسبب ما توصلنا إليه بالدليل العلمي الشرعي القاطع، الذي أعلناه وصرحنا به ولم ولن نتردد في طرحه، وهو الولاية العامة للفقيه وإنها تنعقد للأعلم أينما وجد؟ ولا علاقة لها بالتصدي لمنصب أو سلطة أو حكومة أو رئاسة أو شهرة إعلامية أو غيرها، فلا تنعقد الولاية العامة بقوة السيف والبطش والقمع والإرهاب والرشا والإعلام الزائف والمكر والخداع. وأكتفي في المقام بالتساؤل عن سبب كل ما وقع ويقع علينا وتضاعفه وتصاعده هذه الأيام، فهل يرجع إلى إرادة إفراغ الساحة من كل منافس محتمل لمرجعية بديلة يراد التأسيس لها وتثبيتها في العراق بعد أن صار اعتقاد الجهات المتسلطة وقناعتها أنه قد انتهت ورقة مَن موجود من مرجعيات يراد تصفيتها الآن، وقبل التصفية يراد إفراغ الساحة أولا من كل ما يحتمل أن يكون منافسا أو بديلا في الساحة بعد تصفية الآخرين فنكون أول من صُب ويُصب عليه هذا العداء؟

* تأسيسا على السؤال السابق هناك من يشكك في أعلميتكم ونيلكم لقب آية الله.. ماذا تقولون؟ - المفروض على كل عاقل أن يكون مع الدليل يميل معه حيث يميل، وقد أصدرنا دليلنا وبرهاننا في الفقه والأصول وكذلك غيرهما من علوم، ويمكن لكل إنسان الاطلاع على الدليل بسهولة ويسر من خلال مراجعة أي مسجد أو مكتب يرتبط بالمرجعية أو يتعاطف معها بهذا الخصوص، أو مراجعة بعض المكتبات التي تعرض بحوثنا، وكذلك يمكن عبر الإنترنت الدخول إلى الموقع الرسمي للمرجعية أو مركزها الإعلامي للحصول على ما يريد، وكذلك يمكن الاستعانة بأي شخص محسوب على المرجعية، لأن المفروض أن الجميع التحق بها بالبرهان والدليل العلمي الشرعي فهو يملك الدليل أو يرشدك إليه.. هذا ما عندنا من دليل فمن يدعي الخلاف والبطلان فليثبت مدعاه بالدليل والبرهان العلمي الشرعي. ولنسأل أنفسنا جميعا هل دعاوى الأنبياء والأئمة والصالحين وأدلتهم وبرهانهم ورسالاتهم بطلت بمجرد ادعاء المدعين من أهل الجهل أو الإفك والكذب والنفاق؟

* كيف يتحدد مفهوم الأعلمية؟ وهل تعتبرون أنفسكم مرجعا دينيا فقط أو مرجعا أعلى؟

- عمل المجتهد المرجع يتمثل ويتجسد في استنباط الأحكام الشرعية، وعملية الاستنباط تعتمد وتتوقف على علمي الفقه وأصول الفقه بصورة رئيسة وأساسية ومحورية، فلا بد أن يكون الشخص مجتهدا في الفقه والأصول ومع اجتهاده بهما، فإنه بالتأكيد والضرورة سيكون قادرا على الاستفادة من باقي العلوم فيما يدخل في عملية استنباط الأحكام.. وأي دعوى من دون دليل فهي باطلة وزخرف وضلال وإضلال، فعلى كل من يدعي الاجتهاد والمرجعية أن يطرح ما عنده من أدلة وبراهين على الساحة العلمية لكي يتمكن الآخرون من تقييمها ومقارنتها ومفاضلتها مع غيرها، ولا بد أولا أن يمتلك الشخص دليلا علميا، وأما مع عدم وجود الدليل العلمي فاعزلوه مهما كان، وكما قال سيدنا الأستاذ الصدر الثاني وكرر. إن من لا يملك أو لا يفهم أصول أبي جعفر، أي البحوث الأصولية لسيدنا الأستاذ المعلم الصدر الأول محمد باقر الصدر، فاعزلوه، أي لا يدخل في المنافسة والمفاضلة العلمية أصلا، فإذا كان هذا حال من لا يفهم أصول أبي جعفر فما هو حال من لا يملك أي دليل علمي لا في الأصول ولا في الفقه، وبالتأكيد فإن هذا ليس بعالم أصلا. وكما كان يقول السيد الأستاذ الصدر الثاني إن المجتهد بالفقه والمجتهد بالأصول الذي لا يفهم مطالب أبي جعفر الأصولية على الرغم من عزله فإن «فيه باب وجواب».. أما الذي لا يملك شيئا «فليس فيه باب وجواب».. وكما قال عن البعض ممن تلبس بعناوين كبيرة كالمرجعية وغيرها، قال: إنه لا يصلح أن يعطي درسا في اللمعة الدمشقية واللمعة مادة فقهية تعطى في مرحلة السطوح بل حتى قبل السطوح في الدراسة الحوزوية، فكيف يتمكن من إعطاء البحث الخارج العالي وكيف سيكون بحثه؟ وأما سؤالك عن المرجع والمرجع الأعلى أو المرجع الأدنى أو المرجع الأوسط أو غيرها من عناوين فهي عناوين شكلية لا حقيقة، ولا واقعية لها أصلا، ولا تكشف عن حقيقة من تلبس بها، لأنه حسب القاعدة العقلية المنطقية العلمية، فإن الأعلم في الفقه والأصول هو شخص واحد في الواقع لا أكثر، وهذا الشخص الأعلم هو الذي تنعقد له المرجعية وعنوان المرجع وعنوان الأعلى إن تم، وكذلك عنوان الولاية العامة وما يتعلق بها، هذا بلحاظ نفس المتصدين للمرجعية، أما بلحاظ عموم الناس المكلفين فكل منهم حسب مستوى عقله وتفكيره بعد أن يبذل كل جهده ووسعه من أجل معرفة الأعلم كي يقلده فتبرأ ذمته أمام الله تعالى.

* حصلت لكم خلافات واضحة مع عدد من معتمدي السيد السيستاني؛ هل خلافكم معه أو مع معتمديه؟ ولماذا؟

- ليس عندي ولا عند من اتبع المرجعية أي خلاف شخصي أو عداء مع أحد أبدا، وإن كنت تقصد بالخلاف الخلاف العلمي الفكري فهذا ثابت بين الجميع وهو حالة صحية وممدوحة وراجحة عقلا وشرعا، بل هي ضرورية لترتب الفوائد الكبيرة عليها وهي السبب الرئيسي في تطور كل علم وتحقق إنجازاته وترتب آثارها وفوائدها على المجتمع.

* هناك من يتهمكم بالتسبب بحرب شيعية - شيعية بين مراجع الدين، وهناك من يرى أنكم تهدفون إلى الظهور الإعلامي والدعائي.. كيف تعلقون؟

- لا أعرف عن أي حرب يتحدثون، وما دخل مراجع الدين بتهديم المسجد وانتهاك حرماته وباقي حرمات المساجد وانتهاك حرمات المصلين وترويعهم وعائلاتهم واعتقالهم وتعذيبهم. ما هذه الدعوى إلا فرية وكذبة وإفك فاحش من أجل صرف الأنظار عن أصل الجرائم وبشاعتها وقباحتها، بل صرف الأنظار عن كل الجرائم التي وقعت على العراق والعراقيين بكل طوائفهم وقومياتهم وأديانهم منذ دخول المحتل وأتباعه ومريديه إلى يومنا هذا، وستستمر قافلة الفساد والقبح والانتهاكات للحرمات إلى أن يشاء الله. أما الظهور الإعلامي فيمكن التأكد والتيقن منه من واقع الحال والسلوك والسيرة العملية للإنسان. وهل نحن من هدمنا مسجدنا مسجد محمد باقر الصدر من أجل الظهور الإعلامي ومن أجل حرب شيعية - شيعية؟ وهل نحن من انتهك حرمات مساجدنا ومكاتبنا ومكتباتنا من أجل الظهور الإعلامي وحرب شيعية - شيعية؟ وهل نحن من ضربنا أنفسنا وجرحناها وأدميناها من أجل الظهور الإعلامي والحرب الشيعية - الشيعية؟ وهل نحن من ارتدينا زي الشرطة والجيش الحكومي وحملنا أسلحتهم ووسائل تعذيبهم فضربنا أنفسنا وعذبناها وروعنا عائلاتنا واعتقلنا أنفسنا ووضعناها في السجون ورتبنا لأنفسنا تهما ودعاوى كيدية، وفي نفس الوقت نكلف المحامين من أجل متابعة قضايانا وإطلاق سراحنا.. فنعتدي على المحامين بأبشع الطرق المخالفة لكل القوانين والأعراف والأخلاق فنرفض فنبقي العشرات من أصحابنا لحد الآن في قعر السجون وغيرهم لا نعرف مصيرهم. من أجل الظهور الإعلامي والحرب الشيعية - الشيعية؟