ألوف المستوطنين يحتلون القدس مجددا في ذكرى احتلالها

70 منهم اقتحموا باحة الأقصى تحت حماية الشرطة الإسرائيلية

إسرائيليات يقفن على جبل الزيتون المطل على البلدة القديمة في القدس في ذكرى احتلال المدينة (أ.ف.ب)
TT

كما في كل عام، شهدت مدينة القدس الشرقية عملية احتلال ثانية من ألوف المستوطنين اليهود، الذين تدفقوا إليها للاحتفال بالذكرى السنوية لاحتلالها (45 عاما)، ولاتخاذ قرار ضمها إلى إسرائيل (43 عاما)، وفقا للتقويم العبري. وقد انتشرت قوات هائلة من رجال الشرطة والمخابرات في الشوارع وأجبرت تجار البلدة القديمة على إغلاق محالهم التجارية، حتى تتاح للمستوطنين حرية الاحتفال. وقامت مجموعة من المتطرفين باقتحام باحة المسجد الأقصى الشريف.

وتوجت الحكومة الإسرائيلية هذه الاحتفالات بعقد جلسة احتفالية في مبنى عسكري فوق ما يسمى بـ«تل الذخيرة» المطل على القدس الشرقية والغربية في آن. وقررت الحكومة في هذه الجلسة تطبيق سلسلة من البرامج «التي من شأنها تعزيز مدينة القدس وتطويرها اقتصاديا وسياحيا واجتماعيا»، كما جاء في بيان رسمي. وحسب بيان الناطق بلسانها، قررت الحكومة «إنشاء مجمعات سكنية لأفراد قوات الأمن من خلال تخصيص أراض من قبل دائرة أراضي إسرائيل، وذلك من دون إصدار مناقصة في الأحياء القائمة».

وصادقت الحكومة على تخصيص 350 مليون شيقل (نحو 100 مليون دولار) لتطوير المواقع العمومية والسياحية للمدينة خلال ست السنوات المقبلة. وسيتم تكريس هذا المبلغ من أجل تطوير البنى التحتية في المدينة في خدمة رفاهية السكان والزوار وتوسيع «الرئة الخضراء» في المدينة والمناطق المفتوحة فيها وترميم المواقع السياحية المركزية في كل أنحائها.

وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عند المصادقة على هذه البرامج: «إن القرارات التي نتخذها اليوم هي بمثابة تواصل للاستثمارات الهائلة التي قامت بها هذه الحكومة في أورشليم القدس خلال السنوات الأخيرة وإننا نشهد اليوم نتائجها. وستساعد هذه الاستثمارات بتحقيق المحتمل الكبير الذي تتمتع به أورشليم القدس بصفتها مركزا سياحيا عالميا، وأنها تقدّم كثيرا من أجل تطور عاصمة إسرائيل وتعزيز متانتها». وأضاف نتنياهو: «يوجد التزام كبير جدا من طرفنا بوحدة أورشليم القدس وبتطويرها. نترجم ذلك قبل كل شيء لأموال طائلة نستثمرها هنا بشكل ذكي. نشهد ذلك أيضا بالتغيير الجمالي الذي حدث في المدينة وفي البنية التحتية والتعليم والمواقع السياحية, وإننا نواصل ذلك اليوم من خلال القرارات التي سنتخذها هنا. إننا نلتزم بذكرى تحرير أورشليم. وبالتوافق مع وزير المالية، قررنا الحفاظ على هذا المكان (تل الذخيرة) وترميمه. إن تل الذخيرة هو عبارة عن معركة بطولة وتضحية من دونها لم تكن أورشليم موحدة. إننا سنرمم هذا الموقع وهو سيتحول إلى موقع تراثي وطني. ونحن ملتزمون أيضا بماضي المدينة. كانت أورشليم مدينة التوراة وهي ستبقى كذلك. وقراراتنا اليوم ستمكننا من بناء مواقع توراتية توضح علاقتنا ببلاد التوراة, بصهيون, وهي تمكّن من جلب الملايين من الزوّار ليتعرفوا بشكل مباشر على التراث اليهودي، كما تم التعبير عنه في التوراة. وهذا يتم تحقيقه في أورشليم وتتعلق بذلك أهمية كبيرة».

وفي الوقت الذي التأمت فيه الحكومة، أقدم أكثر من 70 مستوطنا متطرفا على اقتحام باحة الأقصى تحت حماية الشرطة. وقد أعلنت الشرطة أنها حاولت منعهم، إلا أن عضو كنيست (ميخائيل بن آري، من حزب اليمين المتطرف المعارض)، تصدى لهم وأصر على الصلاة في المكان والتمرغ فيه بكل جسده، «كونه أقدس مكان لليهود»، كما ادعى. كما حضر معه نائب آخر من حزبه، هو أوري أرئيل. وألغى ثلاثة نواب من الليكود الحاكم مشاركتهم بطلب من نتنياهو.

ومن جهته، قال رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية الشيخ عزام الخطيب، إن حراس المسجد الفلسطينيين منعوا المستوطنين من إقامة شعائر تلمودية أمام قبة الصخرة.

وكانت الشرطة الإسرائيلية قد نشرت قواتها منذ يوم السبت، لكي تمنع فلسطينيين من الضفة الغربية أو من إسرائيل من الحضور والتصدي لمسيرات الاحتلال الاستفزازية. وقال الناطق بلسانها إن هدف الشرطة هو منع وقوع أي مظاهرات أو مواجهات بين سكان المدينة الفلسطينيين وآلاف الإسرائيليين من المستوطنين الذي يشاركون في المسيرات الإسرائيلية ويطوفون في طرقاتها وهم يرفعون الأعلام الإسرائيلية.

وأشارت الصحيفة إلى أن المئات من عناصر اليمين والمستوطنين استغلوا في العام الماضي، هذه المسيرات للتحريض ضد العرب والدعوة لطردهم من المدينة.

وكان تجار البلدة القديمة بالقدس قد احتجوا على الأوامر التي وزعتها شرطة الاحتلال على أصحاب المحلات التجارية تطالبهم فيها بإغلاق محالهم. وشكوا من أن التجار الذين نفذوا هذه الأوامر في السنة الماضية، عادوا في اليوم التالي ليجدوا أن المستوطنين المارين في شوارع البلدة القديمة قاموا بتخريب وتدمير الكثير من ممتلكاتهم. وشكا آخرون من قيام مستوطنين بتخريب السيارات الفلسطينية وواجهات المحلات التجارية، وذلك أمام مرأى الشرطة الإسرائيلية ومسمعها.

من جانبه، حذر مفتي القدس، الشيخ محمد حسين، من تداعيات استفزازات المستوطنين وتهديداتهم، والمس بسلامة المواطنين وممتلكاتهم ومسجدهم الأقصى. ودعا المسلمين في المسجد الأقصى وأكنافه إلى إبداء المزيد من الحذر واليقظة جراء المسيرات الاستفزازية في البلدة القديمة من القدس، مهددين باختراق الحي الإسلامي فيها، والتوجه إلى ساحة البراق.

وحمل المفتي سلطات الاحتلال الإسرائيلية مسؤولية ما يحدث لإطلاقها العنان لهؤلاء المتطرفين، واستجابتها لمطالبهم على حساب حقوق الفلسطينيين وأمنهم وسلامتهم ومشاعرهم.