85% من الأطفال تحت خط الفقر و10 آلاف في الشوارع

القدس العربية تحت نير الاحتلال

TT

في الوقت الذي تباهى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، بمئات ملايين الدولارات التي أغدقت بها حكومته خلال السنوات الثلاث على مدينة القدس، «لتعزيز مكانتها كعاصمة موحدة لإسرائيل»، نشرت إحصائيات جديدة تؤكد مدى التدهور الحاصل في صفوف سكانها الفلسطينيين على جميع مستويات المعيشة وفي مجالات التعليم والعمل.

وكانت حكومة إسرائيل قد أعلنت عن ضم القدس الشرقية إلى تخوم إسرائيل وفق قانون خاص، بعد شهور قليلة من احتلالها. ومنحت لسكانها الفلسطينيين مكانة «مواطنة ناقصة»، حيث وزعت عليهم بطاقات هوية بصفة مقيم (لا يصوتون ولا يترشحون للانتخابات البرلمانية، وما عدا ذلك يتمتعون بالحقوق كمواطنين) ووعدت آنذاك بأن ترفع من مستوى معيشة سكانها العرب ليصبح بمستوى معيشة السكان اليهود. ولكن مراجعة أوضاعهم بعد 43 عاما من هذا الضم، تدل على تدهور في أحوالهم في جميع المجالات.

وقد كشفت جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية، في تقرير خاص لها حول القدس، أن 84 في المائة من الأطفال المقدسيين حتى سن 17 سنة، يعيشون تحت خط الفقر. وجاء في التقرير: «إنه في هذا اليوم الذي يصادف الذكرى 45 لضم شرق القدس، التي تترافق مع سلسلة من (المسيرات الاحتفالية) بهذه المناسبة، نجد صورة مأساوية لوضع السكان العرب في المدينة. فقد وصل سكان المدينة العرب البالغ عددهم 360 ألفا ويشكلون نسبة 38 في المائة من مجموع سكان المدينة، وصلوا إلى أدنى مستوى من الإهمال منذ احتلال المدينة». ويظهر من التقرير أنه في سنة 2011 كان 84 في المائة من الأولاد سكان المدينة يعيشون تحت خط الفقر، وأن ما نسبته 86 في المائة من مجموع السكان العرب موجودون تحت خط الفقر، في حين دلت المعطيات في سنة 2006 أن مستوى الفقر في شرقي المدينة وصل إلى نسبة 64 في المائة من مجموع السكان و73 في المائة من الأولاد. ويظهر التقرير أن السبب الرئيسي لمؤشرات الفقر الصعبة يعود إلى مستويات البطالة المرتفعة في صفوف سكان شرق القدس، حيث بلغت النسبة 40 في المائة في صفوف الرجال و85 في المائة في صفوف النساء الفلسطينيات.

ويشير تقرير المنظمة إلى إهمال السلطات الإسرائيلية كعنصر رئيسي في الارتفاع الحاد في نسبة الفقر في شرق المدينة، فعلى سبيل المثال فإنه يوجد في شرق القدس منطقة صناعية واحدة فقط توجد في وادي الجوز، ويتهددها خطر الزوال بسبب توسيع الشارع الرئيسي المؤدي إلى حائط البراق وللمواقع المحيطة بالبلدة القديمة لخدمة الزائرين والمصلين اليهود. كما دل التقرير على سبب آخر للأزمة، وهو إقامة جدار الفصل الذي فصل ما بين مدينة القدس وقرى الضفة الغربية. وجاء في التقرير: «لقد حولوا مدينة القدس من موقعها المركزي الذي يقوم بتزويد قطاعات واسعة من سكان الضفة الغربية بالخدمات والأعمال، إلى مدينة منعزلة يصعب الوصول إليها بصورة شبه مستحيلة. فمثلا المصلون الذين كانوا في أيام الجمعة يؤمون المسجد الأقصى من جميع أنحاء الضفة ويستغلون زيارتهم هذه في التسوق، قلما يتذكرون صورة هذه المدينة في السنوات الأخيرة بسبب قيود الاحتلال».

ويقدم التقرير تفسيرا آخر للفقر في المدينة، وهو انهيار الجهاز التعليمي فيها، حيث يعاني من نقص خطير في غرف الدراسة، بما يعادل نحو 35 ألف مقعد. ومن بين الأطفال في سن التعليم هناك 10 آلاف (نحو 30 في المائة في السنة) مشردون في الشوارع، بلا عمل ولا تعليم. وهناك اكتظاظ خانق، إضافة إلى النقص في الموازنات المخصصة، والنتيجة لذلك فإن نحو 40 في المائة من الطلبة لا يكملون الدراسة حتى الصف الثاني عشر وقلائل جدا الذين يتقدمون لامتحان الاجتياز (بجروت) الإسرائيلي، وقلائل أكثر هم الذين يصلون إلى المؤسسات التعليمية العليا.

ويشير التقرير أيضا، إلى التوتر العالي بين العرب واليهود في القدس، الذي يشكل حاجزا أمام الفلسطينيين في طريقهم لإيجاد فرص عمل لهم في غرب المدينة، وتتعرض النساء لحاجز أكبر بسبب النقص في قضية التعليم للجيل الشاب في شرق المدينة.

وأشار التقرير إلى أن الاحتياجات الكبيرة للسكان العرب في شرق المدينة لا تلقى الاستجابة من قبل السلطات الإسرائيلية، فعلى سبيل المثال، تعمل في القدس الشرقية ثلاثة مكاتب فقط للشؤون الاجتماعية والمساعدات، في حين يوجد هناك 18 مكتبا في غرب المدينة، وفي الفترة الأخيرة، تمت إضافة 19 عاملا اجتماعيا للمكاتب إلا أن ضغط العمل لا يزال ثقيلا جدا.