زلزال قوي يخلف 6 قتلى ويلحق أضرارا بمنطقة أثرية في إيطاليا

مغربي بين الضحايا.. وفتاة في الخامسة نجت بفضل مكالمة هاتفية من أميركا

اثنان من عناصر الإنقاذ ينظران إلى مبان انهارت بفعل الزلزال في مدينة مودينا أمس (إ.ب.أ)
TT

هز زلزال قوي شمال إيطاليا في ساعة مبكرة من صباح أمس، مما أدى إلى مصرع ستة أشخاص على الأقل وإصابة العشرات، وإلحاق أضرار كبيرة بمبان تاريخية. ووقع الزلزال الذي قالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن قوته بلغت ست درجات على مقياس ريختر الساعة الرابعة صباحا، بينما كان أغلب الناس نياما وانطلق الآلاف إلى الشوارع بملابس النوم في ذعر. وقال رجل للتلفزيون الإيطالي: «لقد جريت بملابسي الداخلية».

وقتل أربعة عمال كانوا يعملون ليلا في مصانع، بينهم مغربي عمره 29 عاما، لقي حتفه إثر سقوط عمود عليه في انهيار عنبر في مصنع للبولستيرين في بونتي رودوني دي بوندينو. كما لقي عاملان إيطاليان حتفيهما نتيجة انهيار السقف عليهما في مصنع للخزف في سانت اغوستينو في فيرارا. وكان أحدهما نيكولا كافيكي (35 سنة) «يريد أن يذهب إلى البحر لكنه قرر بسبب سوء الأحوال الجوية أن ينوب عن زميل مريض» حسب ما روى أهله لوسائل الإعلام. وعثر على جثة عامل رابع صباحا تحت أنقاض مصنع في بلدة أخرى في المنطقة. وتوفيت امرأتان إثر الزلزال، هما ألمانية في الـ37 كانت في رحلة عمل قرب بولونيا وإيطالية يزيد عمرها على مائة سنة.

وأنقذت فرق الإطفاء فتاة في الخامسة من تحت أنقاض منزلها في فينالي ايميليا إثر اتصالات هاتفية سريعة وفعالة بين امرأة من البلدة وطبيب إيطالي كان موجودا في نيويورك وفرق الإنقاذ المحلية. وقال المتقاعد ادريانو زيوسي (64 سنة) لوكالة الأنباء الإيطالية إن «ابني في نيويورك كان على الإنترنت عندما سمع بالهزة واتصل بنا على الفور. ومن أميركا اتصل بفرق الإنقاذ».

وأصيب عشرات الأشخاص بجروح طفيفة في منطقتي فيرارا ومودينا حيث حدد مركز الزلزال. وقال كلاروديو بينيامي العامل الكهربائي المتقاعد المقيم في سان كارلو قرب فيرارا: «خرجت حين شعرت بالمنزل يهتز. كان الأثاث يتهاوى والناس يهرعون في جميع الاتجاهات، كانت الفوضى مخيمة». وقالت إلدا بريغولي المتقاعدة التي تمكنت فقط من ارتداء سترة فوق قميص نومها إنه «لا يمكنها العودة إلى المنزل» وتوضح «إنني خائفة».

وفي المنطقة الأكثر تضررا بدت المنازل شبه منهارة تتخللها كوم من ركام على الطرقات، فيما لحقت أضرار بكنائس. وأعلنت وزارة الثقافة أن التراث الثقافي البالغ الأهمية في المنطقة تكبد «أضرارا جسيمة». فقد ألحق الزلزال الذي يوازي بقوته زلزال لاكويلا عام 2009، أضرارا بالكثير من المعالم الأثرية والهندسية في بلدات قريبة من فيرارا. ومن هذه البلدات سان فيليتشي حيث انهارت كنيسة فيما تصدعت جدران العديد من المباني التاريخية منها قصر البلدية. وقرب بولونيا، انهار القسم العلوي من أحد أبراج قصر غالياتزا. وفي فيرارا التي أدرج وسطها التاريخي على قائمة التراث العالمي، يرتفع كوم من الركام في ساحة سافونارولي يرجح أن يكون مصدرها فندق استي الذي يعود إلى 1385.

وفي سان كارلو دمر كليا مبنى يعود إلى القرن السادس بعدما تم ترميمه مؤخرا وقد انهار سقفه تماما. وأعرب كلاوديو فابري المهندس المعماري (37 عاما) عن يأسه وقال: «كنا نعمل منذ ثماني سنوات على ترميم هذه الكنيسة التي تحوي ثروات طائلة. الآن لم يعد هناك ما يمكننا القيام به». وأعلن الدفاع المدني عن إجلاء نحو ثلاثة آلاف شخص من منازلهم في المنطقة الممتدة بين مودينا وفيرارا، موضحا أن 2500 منهم في منطقة مودينا في حين أن 500 في منطقة فيرارا.

واستمرت الهزة الأرضية القوية نحو عشرين ثانية تبعتها هزات ارتدادية عدة وشعر السكان في كل شمال شرقي إيطاليا بها وحتى في لومبرديا أو في توسكانا. وكانت هزة أولى وقعت في وقت سابق لم تتسبب بأضرار وأعقبتها هزتان أقل قوة. وبحسب خبراء تراجع قوة الهزات الارتدادية يشير إلى أن الأسوأ قد مضى.

ولطمأنة المواطنين، فتحت مكاتب الاقتراع أبوابها كما كان متوقعا للدورة الثانية من الانتخابات البلدية في بياتشينزا وبارما وبودريو وكوماكيو. كما استؤنفت رحلات القطارات كالمعتاد. وتم إجلاء عدة مستشفيات كإجراء احترازي خشية هزات ارتدادية جديدة. وبحسب انزو بوسكي خبير الزلازل المشهور في إيطاليا «ليس صحيحا أن سهل البو لا تقع فيه زلازل». وأضاف: «تعرضت فيرارا لهزة أرضية قوية جدا في القرن الـ15 لا تزال آثارها واضحة». وتابع: «إيطاليا تقع على خط الزلازل. ما نعرفه هو أن قوة الهزات القصوى في هذه المناطق لم تتجاوز في الماضي الست درجات». ولا تزال إيطاليا تتذكر زلزال لاكويلا في جنوب إيطاليا الذي أسفر عن مقتل 309 أشخاص وحرم 80 ألف شخص من منازلهم.