مراكب نيلية ودراجات وأغان شعبية في ختام الدعاية لمرشحي الرئاسة المصرية

بيع تذكارات معدنية لوجوه متنافسين في أول سباق انتخابي من نوعه في البلاد

TT

يحل اليوم ما يعرف بالصمت الانتخابي لمرشحي الرئاسة المصرية. ويلزم قانون الانتخابات بمنع الدعاية في اليومين اللذين يسبقان موعد الاقتراع المقرر له الأربعاء والخميس. لكن ما زالت هناك بقايا لمراكب نيلية ودراجات بخارية وحافلات كرنفالية، إضافة لبيع تذكارات معدنية عليها وجوه لمتنافسين في أول سباق من نوعه. وتركت فنون الدعاية رسوما كاريكاتيرية وأغاني شعبية، في وقت ظل فيه ميدان التحرير، مركز الثورة التي أسقطت حكم الرئيس السابق حسني مبارك، دون أي وجود لدعاية المرشحين منذ بدايتها قبل نحو ثلاثة أسابيع، حتى انتهاء مدتها القانونية.

وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الأخيرة تفنن منظمو حملات الدعاية وأنصار المرشحين. فعلى ضفاف النيل في ضاحية الزمالك الراقية بالقاهرة، كانت المراكب النيلية تمر وعليها صور لبعض المرشحين بينما يقف مؤيدوهم على سطح المركب المزينة بأعلام مصر وألوان المرشحين الزاهية، حاملين صورهم وهم يبتسمون، وكل يدعو الناس على ضفة النهر لانتخاب مرشحه.

وحتى مساء أمس كانت الدراجات البخارية تجوب شارع جامعة الدول العربية في ضاحية المهندسين بالجيزة المجاورة للقاهرة، وعلى بعضها ملصقات ورقية ومن القماش لعدد من المرشحين من عدة توجهات. وتسير الدراجات في تجمعات، تتحرك يمينا ويسارا برشاقة وبإيقاعات منتظمة.

وفي شوارع أخرى بوسط القاهرة، تجوب حافلات كبيرة بألوان مختلفة تدعو لمرشحيها، ويعتلي سقف كل حافلة مجموعات من الشبان في أزياء يشبه لونها لون الحافلة.

ويقول أحد أعضاء حملة مرشح للرئاسة، لـ«الشرق الأوسط» إن متطوعي الحملة هم من يقومون بعرض الأفكار الجديدة ويتم التنسيق مع قيادات الحملة للموافقة عليها، مشيرا إلى أن هناك 3 أغان تم تأليفها وتلحينها لمرشحه.

وأمام هذه المشاهد يعلق الدكتور شعبان شمس عميد كلية الإعلام بجامعة 6 أكتوبر، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هناك فروق مادية شاسعة تظهر في الدعاية الانتخابية بين الحملة والأخرى»، موضحا أن البرامج والأهداف ليست منعكسة على صور الدعاية. كما أن الملصقات التي تغطي الشوارع تسببت في تشويه الجداريات والمباني العامة.

وقبل ساعات من الصمت الانتخابي الذي يحل اليوم، بدا أن الحملات الدعائية للمرشحين بذلت أقصى ما عندها لجذب أكبر شريحة من الناخبين، فاعتمدت أكثر من ثلاث حملات لمرشحي الرئاسة على الأغنية الشعبية للحصول على قلوب الطبقة الوسطى والشعبية. وتركت الحملات أغاني شعبية مختلفة وراءها.. فاستخدمت إحدى الحملات، في إعلان تلفزيوني، العرائس «الماريونت» وحرفت أغنية الليلة الكبيرة لكي تناسب المرشح، بينما قام مطرب شعبي، هو عصام شعبان عبد الرحيم، بتأليف أغنية لمرشح رئاسي آخر تتميز بسرعة الإيقاع، مع مشاهد كارتونية عرضت على التلفزة ومواقع الإنترنت.

وعلى الرغم من نجاح تلك الأغاني الشعبية، فإن هناك كليبات وإعلانات تلفزيونية أخرى لمرشحي الرئاسة تحاول الدخول على ساحة المنافسة الدعائية، فقامت حملة لمرشح رئاسي بإعلان شبه تقليدي في عرضه موضحا أن سبب انتخابه يرجع إلى جمعه بين الشجاعة والثبات والوضوح.

واعتمد مرشح آخر على الإعلان التلفزيوني ودمجه بالموسيقي وظهور أطياف مختلفة للشعب به، متمثلين في طلبة وشيوخ ومعاقين وعاملين، معلنين تضامنهم مع المرشح.

ويوضح سامي عبد العزيز، أستاذ الدعاية والإعلان بجامعة القاهرة وصاحب إحدى شركات الإعلان، لـ«الشرق الأوسط» أن غزو المرشحين للساحة الإعلامية بتلك المساحة الواسعة يعد نجاحا للثورة حيث لم تكن تلك الدعاية موجودة من قبل، وذلك لاستحواذ مرشح واحد فقط على الساحة الانتخابية قبل الثورة وهو الرئيس السابق حسني مبارك.

وأضاف عبد العزيز أن الدعاية الإعلانية والغنائية ربما يختلف تأثيرها على الناخبين بحسب خلفية كل مرشح، موضحا أن أحد المرشحين يحاول التقارب مع الجمهور بملابسه غير الرسمية واستخدامه للأغاني الشعبية، وآخرين ربما أرادا إيصال رسالة للجمهور بأنهما مع الفن والابتكار، رغم أنهما مرشحان إسلاميان.

وعلى هذه الخلفية الاحتفالية بدا ميدان التحرير مهجورا من أي نوع من أنواع دعاية المرشحين، رغم أهمية الميدان الذي يعتبر صرة القاهرة، ورمزيته كمركز للثورة والثوار الذين اعتصموا لمدة 18 يوما في الميدان حتى تخلى مبارك عن الحكم في 11 فبراير (شباط) 2011.. هنا يشعر المتجول في «التحرير» أن مسرح عمليات الثورة قد توقفت عروضه، وانطفأت أضواؤه، ولم يعد مسايرا للأحداث، التي كان هو بطلها الأول.

ولا يوجد في التحرير أي لوحة دعائية ولو صغيرة الحجم لأي من المرشحين الـ13، باستثناء لافتة لا تكاد ترى، وتطل من إحدى شرفات بناية تطل على الميدان، وتخص أحد المرشحين الإسلاميين. أما على أرض الميدان، فيقول أيمن حسن، معلقا على خلو الميدان من الدعاية الانتخابية إن «التحرير رمز لكل الشعب المصري وليس ملكا لأشخاص أو أحزاب أو طائفة، وبالتالي أي دعاية هنا لن يكون لها قيمة.. اختفاء التنافس الانتخابي هنا أعتبره تقديرا للميدان».

وفي حديقة مجاورة توجد لافتة متهرئة كتب عليها دعاية مناوئة لأحد المرشحين. ومن بين الشبان الذين ما زالوا يقومون بتنظيم المرور في الشوارع المطلة على الميدان، ويعتصمون فيه أيضا، يقول الشاب علاء الشربيني: «لسنا مع أي مرشح.. نحن معتصمون لأن مطالب الثورة لم تتحقق، وندعو الأحزاب والائتلافات لكي نواصل ثورتنا».

وفي جوانب أخرى في الميدان، حيث يوجد باعة الأعلام المصرية والعربية وباعة أعلام نوادي الكرة بكثافة، يمكن أن تجد «تي شيرتات» تحمل صور مرشحين وأسماءهم، وتذكارات فضية يحمل كل منها وجه مرشح من المرشحين.

وبينما يبدأ الصمت الانتخابي وتمنع الدعاية تماما بداية من اليوم، سيظل ما تركته الحملات الدعائية، بما فيها من أوراق وأغان ولافتات قماشية، علامة على أن مرشحين لأول انتخابات رئاسية حقيقية مروا من هنا.