مرشحو الرئاسة الأوفر حظا يضفون المزيد من الإثارة على المشهد السياسي في مصر

تزايد شعبية أحمد شفيق واستطلاعات الرأي أثبتت عدم دقتها

TT

تضفي مؤشرات بصعود أسهم اثنين من المرشحين الأوفر حظا في أول انتخابات رئاسية، المزيد من الإثارة حول نتيجة الجولة الأولى التي لا يفصلنا عنها سوى أيام معدودة. وأوضحت استطلاعات الرأي التي أجرتها الحكومة المؤقتة التي يقودها المجلس الأعلى للقوات المسلحة تزايد تأييد أحمد شفيق، اللواء السابق في القوات الجوية وآخر رئيس وزراء عينه الرئيس حسني مبارك قبل خلعه. وحذر نواب البرلمان إثر إعلان تلك النتائج من محاولة الجيش التأثير على نتائج الانتخابات بحيث تكون لصالح شفيق. كذلك أدت إلى وقوع مصادمات خلال جولاته الانتخابية بين مؤيديه ومعارضيه. ومع تزايد مؤشرات تنامي شعبيته، زادت التكهنات بأن يلاقي حديثه عن القانون والنظام صدى لدى الناخبين. في الوقت ذاته صعد حمدين صباحي، الاشتراكي ذو التوجه القومي الناصري، إلى المرتبة الثانية بنحو مفاجئ في النتائج الأولية لتصويت المصريين بالخارج والتي تم الكشف عنها مساء يوم الجمعة. وتشير تلك النتائج بدورها إلى أن الطابع العلماني لتوجهه الشعبوي قد لاقى قبولا لدى الناخبين الباحثين عن بديل للمرشحين الذين كانوا أوفر حظا سواء كانوا من الإسلاميين أو المسؤولين السابقين في نظام مبارك قبل الخروج من السباق. ومع اقتراب موعد الاقتراع الذي من المقرر أن يبدأ يوم الأربعاء، يثير الانتباه المفاجئ لحملاتهم الانتخابية شكوكا جديدة بشأن سير السباق الرئاسي.

والمرشحون الأوفر حظا، بحسب أكثر المحللين واستطلاعات الرأي، هم عمرو موسى، الدبلوماسي السابق، وعبد المنعم أبو الفتوح، الذي يقدم نفسه كإسلامي ليبرالي حصل على 12 ألف صوت من أصوات المصريين بالخارج. ومع ذلك أثبتت استطلاعات الرأي القليلة المتاحة عدم دقتها خلال الانتخابات البرلمانية التي أجريت قبل بضعة أشهر، لذا من المستحيل التكهن بالنتيجة.

وفي حال عدم فوز أي مرشح بأغلبية الأصوات خلال الجولة الأولى، سوف يتنافس المرشحان المتصدران للسباق في جولة الإعادة خلال الشهر المقبل. ويمكن أن يقرب حصول شفيق أو صباحي على المركز الثاني من الرئاسة، رغم ضآلة هذا الاحتمال. ونظرًا لوصول محاولات وضع دستور جديد إلى طريق مسدود، لن يعرف الرئيس الجديد صلاحياته والتي يمكن أن تمنحه سلطة كبيرة في رسم مستقبل مصر بما في ذلك الدستور الجديد للبلاد. وتمت إقالة شفيق البالغ من العمر 70 عاما من منصبه كرئيس وزراء بعد خمسة أسابيع من توليه المنصب استجابة لمطالبة المحتجين. وأقرّ البرلمان في مارس (آذار) قانونا يهدف إلى منعه من الترشح للرئاسة، لكنه لم يجد نفعًا نظرًا لطعن شفيق على حكم المحكمة العليا.

لقد قضى الأسابيع القليلة الماضية من حملته الانتخابية متجولا في أنحاء مصر، لكنها لم تمر بسلاسة، حيث هاجم بعض مؤيدوه مؤتمرا صحافيا ضده أقيم في القاهرة يوم السبت. واندلعت أعمال عنف على مدى الأيام الماضية خلال فعاليات حملته الانتخابية في مناطق ريفية. ويعد شفيق هو المرشح الرئاسي الوحيد ذو الخلفية العسكرية في بلد لم يحكمها أي قائد مدني من قبل. وبحسب ما جاء في سيرته، حصل شفيق على درجة الماجستير في «العلوم العسكرية» وعلى درجة الدكتوراه في «الاستراتيجية القومية للفضاء الخارجي».

ويروج شفيق، الذي لا يحظى بأي دعم من حزب سياسي، بأنه من سيتصدى لارتفاع معدلات الجريمة ولجماعة الإخوان المسلمين التي تهيمن على البرلمان حاليًا. مع ذلك ينظر إليه كثيرون كشخص على علاقة وطيدة بالرئيس السابق حسني مبارك، الذي عينه رئيسًا للوزراء خلال أيام الثورة الثمانية عشر بعد أن كان في الظل كوزير للطيران المدني.

وعرض شفيق مداعبًا في إحدى المرات التي ظهر فيها على شاشة التلفزيون تقديم الحلوى لثوار التحرير إذا عادوا إلى منازلهم. ويقول كريم هشام، عامل في مقهى يبلغ من العمر 32 عاما ولا يعتزم التصويت لشفيق: «لقد اندلعت ثورة ضده وطُرد عبر الباب، لكنه يحاول الآن العودة عبر النافذة. لن يصبح هذا الرجل رئيسًا للجمهورية».

مع ذلك يبدو أن شفيق يحظى بدعم من منتفعي عهد مبارك والذين يرون أنه كان أكثر رخاء ولم يكن للإسلاميين فيه هذه السطوة.

يقول أحمد سرحان، المتحدث باسم حملة شفيق: «من يؤيدنا هم الأشخاص الذين لا يريدون أن تصبح مصر مثل أفغانستان أو العراق، ولا يريدون أن يتغير نمط حياتهم. إنهم أناس يحترمون الدين، لكنهم لا يرغبون في أن يحكمهم الإخوان المسلمون».

وتعهد شفيق في إحدى المقابلات التلفزيونية بأنه في حال انتخابه سيقطع التيار الكهربائي عن ميدان التحرير قبل أن يسمح لاحتجاجات أن تطيح به من السلطة.

وتساءل: «كيف يمكن لنحو 200 ألف متظاهر إسقاط شخص انتخبته الملايين؟».

وتعهد شفيق في إحدى فعاليات حملته الانتخابية باستعادة عظمة مصر القديمة.

وقال سامر شحاتة، أستاذ السياسة العربية بجامعة جورج تاون: «إنه نقيض الثورة. إنه يمثل بالنسبة للبعض ممن ازدادت حياتهم سوءًا عما كانت عليه أيام حكم مبارك العودة بعقارب الزمن إلى يوم الرابع والعشرين من يناير (كانون الثاني) أي قبل يوم من اندلاع الثورة». الكثير من أنصار شفيق كانوا أعضاء في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في عهد مبارك والذي تم حله رسميًا في أبريل (نيسان) 2011 على حد قول حسن أبو طالب، المحلل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية التابع للدولة. وأوضح أبو طالب قائلا: «إنهم لن يعودوا إلى السلطة كما كان في السابق، لكنهم لا يزالون يشعرون بأنهم قادرون على إيقاع الهزيمة بالشعب الذي هزمهم. إنها حالة نفسية بحتة».

قضى صباحي، الذي يبلغ من العمر 58 عامًا، عمره بين المعتقل والبرلمان، حيث اُعتقل بسبب معارضته لنظام مبارك ودفاعه عن حقوق الفلاحين والعمال. لقد كان من أوائل النشطاء في حركة كفاية التي مثلت بداية احتجاجات الشوارع التي أدت في النهاية إلى وضع حد لحكم مبارك.

وحظي صباحي، الشاعر السابق الذي تخلى عن الكتابة من أجل السياسة، مؤخرًا بدعم عدد كبير من الفنانين والمفكرين من بينهم الروائي والناقد علاء الأسواني. وقال صباحي: «يجب أن تخوض مستنقعا من أجل تحقيق حلم الشاعر على أرض الواقع. علي أن أصارع في عالم السياسة على الأرض لا على الورق حتى أحقق حلمي الشعري». وتعهد حمدين بزيادة نفقات الرفاهية الاجتماعية الممنوحة للفقراء ووضع حد أدنى للأجور وتقديم دعم حكومي للمزارعين. كذلك وعد بتوفير ذلك المال بزيادة الضرائب المفروضة على الأثرياء. واقترح فرض ضريبة باسم «ضريبة التحرير» على اسم ميدان التحرير قلب الثورة المصرية. وبحسب هذه الضريبة، سيتعين على المصريين الذين يجنون أكثر من 900 ألف دولار سنويًا دفع 10 في المائة منها للدولة. ويعد صباحي أكثر عداء لإسرائيل والغرب من الإسلاميين أنفسهم، حيث كثيرًا ما يقول بشكل غامض إنه لا يعترض على نص معاهدة كامب ديفيد، لكنه يريد التخلص من «روح» الاتفاق ويرى أن على مصر الاستعداد لخوض حرب محتملة ضد إسرائيل. وأوضح صباحي قائلا: «سأدعم كل أشكال المقاومة (ضد إسرائيل)، سواء كانت من الأراضي الفلسطينية أو اللبنانية أو أي مكان آخر. لن تصبح مصر بعد الآن راعية إسرائيل في المنطقة. سينتهي كل هذا».

*شاركت مي الشيخ في إعداد التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»