اللواء سيف اليزل: «العسكري» مستعد لتسليم السلطة في مصر الأسبوع المقبل

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن «طنطاوي» سيعتزل السياسة بعد الانتخابات

TT

كشف الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل أن المجلس العسكري الحاكم في مصر مستعد لتسليم السلطة الأسبوع المقبل حال فوز أي من مرشحي الرئاسة في الجولة الأولى التي تبدأ غدا (الأربعاء) ولمدة يومين، مؤكدا أن المشير حسين طنطاوي القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيعتزل السياسة برغبته، ولن يكون وزيرا للدفاع ولن يقبل بأي منصب في الحكومة الجديدة التي سيشكلها رئيس مصر المقبل، موضحا أن المجلس العسكري لن يشارك في الحياة السياسية بعد تسليم السلطة.

وقال سيف اليزل في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الحديث عن انتشار الفوضى حال فوز المرشح أحمد شفيق بالرئاسة، محض «تهريج»، مؤكدا أن هناك خطة أمنية احتياطية معدة من الجيش ووزارة الداخلية لمجابهة أي انفلات أو أعمال شغب في أماكن غير متوقعة بمصر خلال عملية الاقتراع؛ لكنه في الوقت ذاته أعرب عن تخوفه من حدوث أعمال عنف.

وتحدث سيف اليزل، الضابط السابق بالمخابرات المصرية، والرئيس الحالي لـ«مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث السياسية والأمنية»، عن أن الأحزاب ما زالت في مرحلة إثبات الذات بعد عام ونصف من ثورة «25 يناير (كانون الأول)».. وإلى أهم ما جاء في الحوار.

* كيف ترى المشهد السياسي الآن في مصر؟

- المشهد السياسي له عدة جوانب؛ الجانب الأول منه يسير في اتجاه الاستقرار بترسيخ الدعامة الثانية من دعامات الاستقرار وهي الانتخابات الرئاسية، بعد الدعامة الأولى وهي الانتخابات البرلمانية، وتتبعها الداعمة الثالثة وهي كتابة الدستور، ليكون بذلك لدينا الدعامات الأساسية لبناء حياة سياسية جديدة في مصر بعد ثورة «25 يناير» بشكل جديد ديمقراطي. أما الجانب الثاني، فيتمثل في أن الأحزاب السياسية ما زالت في مرحلة إثبات الذات، فلدينا 57 حزبا و14 حزبا جديدا تحت التأسيس بالإضافة لـ668 تيارا وائتلافا شبابيا وسياسيا، وكل منها ورغم أننا في العام الثاني من الثورة؛ ما زال يحاول أن يضع نفسه على الخريطة السياسية المصرية ويحاول استقطاب الرأي العام نحوه وكسب مؤيدين له.. لكن، بشكل عام، المشهد السياسي في المجتمع يخيم عليه عدم الاستقرار.

* من وجهة نظرك.. ما الأسباب التي أدت إلى عدم الاستقرار؟

- أولا استمرار الاعتصامات والمظاهرات وارتفاع سقف المطالب الفئوية التي لا تتوقف، والوضع الاقتصادي غير المستقر، الذي أدى إلى انعكاسات على المجتمع تمثلت في زيادة البطالة وارتفاع الأسعار. وعلى الرغم من أن النظرة المستقبلية خلال النصف الثاني من العام الحالي فيها تفاؤل للمصريين؛ فإن المصريين في حالة قلق، وبالتالي حالة القلق انعكست على المجتمع وعلى تصرفات الجميع وعلى الوضع العام.

* كيف تقيم تجربة الانتخابات الرئاسية الجارية في مصر حاليا؟

- أرى أنها تسير في اتجاه ديمقراطي جيد، بغض النظر عن بعض المطبات الانتخابية المتوقعة التي قد تحدث في أي مكان في مصر؛ لكن، بشكل عام، كانت العملية الانتخابية منظمة خلال جولات المرشحين قبل الاقتراع، وكانت هناك تجاوزات خفيفة؛ لكنها لن تؤثر بشكل مباشر على سير الاقتراع يوم الانتخابات، وهناك بعض حالات العنف البسيطة التي حدثت خلال جولات بعض المرشحين (اشتباكات في بعض المحافظات بين أنصار المرشحين)، ونأمل أن تسير بهذا الشكل حتى نهاية الانتخابات؛ لكن اللافت خلال الدعاية الانتخابية أن لغة المال تحدثت بشدة.

* وهل يمكن حسم الماراثون الانتخابي من الجولة الأولى؟

- لا.. ستكون هناك جولة إعادة ساخنة جدا، لكني أرفض أن أحدد من سيكون في جولة الإعادة، كما أنني أرفض تسمية بعض المرشحين للرئاسة بـ«مرشحي النظام السابق»، والأفضل أن نقول: «مرشح تيار إسلامي» و«غير إسلامي»؛ لكن هذا الوصف ليس معناه أنه ليس مسلما، ومن الصعب جدا تحديد من سيفوز بالانتخابات الرئاسية، فالمصريون مترددون جدا في اختيار الرئيس المقبل، ولا توجد دلالات واضحة على أنهم سينتخبون هذا أو ذاك بالتحديد، فضلا عن تخوفهم من انتخاب شخص ما، ثم يكتشفون بعد ذلك خطأ انتخابهم له.

* وهل نتائج التصويت في الخارج مؤشر على من سيحسم المنصب لصالحه في داخل مصر؟

- نتائج الانتخابات الرئاسية في الخارج ليست مؤشرا على شيء، لأن اهتمامات المصريين في الخارج مختلفة تماما عن اهتماماتهم في الداخل، كما أن عدد المصريين الذين صوتوا في الخارج ليس بكثير، ولن تحسم صورة الخارج نتيجة الانتخابات الرئاسية في الداخل.

* وهل تتوقع حدوث انفلات أمني في الانتخابات؟

- بعض التقارير تؤكد أنه ستكون هناك أعمال عنف؛ وأنا أتخوف من ذلك؛ لكن نأمل أن تمر بسلام، خاصة أن القوات المسلحة ووزارة الداخلية عقدتا اجتماعات لفترة طويلة خلال الأيام الماضية، ونظمتا التعامل في ما بينهما على أكمل وجه، ووضعتا خططا أمنية كاملة للدوائر الانتخابية، وأيضا وضعتا خططا احتياطية لمجابهة أي انفلات أو أي أعمال عنف تحدث في أماكن غير متوقعة، وبالتالي، نستطيع أن نقول: «جميع الخطط سوف تغطي جميع الاحتمالات سواء داخل القاهرة وخارجها».

* مؤخرا تعالت بعض الأصوات لتشكك في نزاهة الانتخابات.. ما تعليقك؟

- فرز الأصوات سيتم داخل مقار اللجان الفرعية، وكل مندوب عن مرشح سوف يحصل على ورقة مختومة وموقع عليها من رئيس اللجنة بالأصوات التي حصل عليها المرشح، وبالتالي لا توجد أي احتمالات تزوير بأي شكل من الأشكال، ومن يقول إن هناك تزويرا في الانتخابات الرئاسية يردد شائعات مغرضة لا أساس لها من الصحة، الغرض منها إفساد العملية الانتخابية، فلا يوجد مكان في العالم يمكن أن يتحدث فيه أحد عن التزوير ويحذر منه قبل إجراء الانتخابات، وقد يكون من يروج ذلك لا يريد أن يجد تيارا معينا مثل التيار الإسلامي مستحوذا على كل السلطات والمناصب، فنحن في بداية طريق الديمقراطية ولا بد من التنوع في الفصائل التي تتولى مقاليد الأمور في مصر.

* وهل تتوقع أن تكون نسبة المشاركة في التصويت كبيرة؟

- نسبة المشاركة ستكون كبيرة، فمجلس الشعب (الغرفة الأولى من البرلمان) صوت له 31 مليونا، وأتصور أن الرئاسة ستكون أكثر من هذا الرقم.

* البعض يرى أنه في حال فوز الفريق أحمد شفيق بالرئاسة ستعم البلاد حالة من الفوضى؟

- هذا كلام «تهريج» وغير مقبول «وعيب» أن يردده أحد، لأنه يجب أن نحتكم جميعا إلى الصندوق الانتخابي، وما دمنا احتكمنا إلى الصندوق، فيجب أن نرضي بنتيجته، لأن الشعب هو الذي اختار الرئيس.

* يتردد أن المجلس العسكري الحاكم يدعم مرشحين بعينهم في انتخابات الرئاسة.. ما تعليقك؟

- المجلس العسكري لو أراد ترشيح أحد للرئاسة، لكان ببساطة شديدة رشح واحدا من أعضائه بعد أن يخلع عنه زيه الرسمي، فضلا عن أنه لا توجد تفضيلات لدى «العسكري» تجاه أي مرشح رئاسي كما يشيع البعض، والمجلس يلتزم بالحيادية والموضوعية، وهما السمة التي تغلب عليه، كما أن «العسكري» سيتعامل مع أي رئيس مقبل أيا كان اسمه.

* وهل سيسلم المجلس العسكري السلطة في 30 يونيو (حزيران) المقبل؟

- المجلس العسكري لو انتهت الانتخابات الرئاسية في مرحلتها الأولى سيسلم السلطة الأسبوع المقبل، فليس لديه نية للمشاركة في الحياة السياسية من قريب أو من بعيد بعد تسليم السلطة.

* وماذا عن وضع المشير طنطاوي حال تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب؟

- المشير طنطاوي لن يكون وزيرا للدفاع في الحكومة المقبلة، لأنه لا يأمل في أي وظيفة أخرى مهما كانت، وسيعتزل الحياة السياسية برغبته وليس بإقالته، لأنه لا يرغب في أي مناصب جديدة نهائيا.

* وهل تتوقع أن يصدر إعلان دستوري مكمل قبل تسليم السلطة؟

- الدستور ستتم كتابته في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ويجب اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور بإرادة شعبية وبانتخابات حرة يصوت عليها الشعب، وأن تضم لجنة صياغة الدستور 25% على الأقل من فقهاء الدستور المصريين.. فلم يحدث أبدا في العالم أن تولى البرلمان كتابة الدستور؛ ولكن من الممكن أن يقوم البرلمان بتعديل فقرة في أحد بنوده ويتم عرض التعديل على الشعب للموافقة عليه.

* بصفتك ضابطا سابقا في المخابرات.. ما تعليقك على الاتهامات التي وجهت للجهاز خلال الفترة الماضية؟

- المخابرات العامة واجهت حملة شرسة من الداخل والخارج للتشكيك فيها، لكن المخابرات جهاز مسؤوليته الأولى والأخيرة حماية مصر خارجيا، ولا تُسأل قياداته عن الفساد الداخلي في مؤسسات النظام السابق، لأن المخابرات ليست مسؤولة عن العمل الداخلي في تلك المؤسسات وليس من ضمن اختصاصها.

* يرى البعض أن التوتر على الحدود يزيد من فرص إسرائيل للتدخل العسكري في مصر.. ما تعليقك.. وهل تؤيد قطع الغاز عن تل أبيب؟

- ليس من مصلحة إسرائيل في الوقت الحالي أن تحارب مصر، لأن حدودها ملتهبة مع الدول المجاورة، وأؤيد قطع الغاز عن إسرائيل؛ لكني ضد تفجير خطوط الغاز لأن بعضها يذهب إلى الأردن ولبنان، ولن تقبل مصر بأي تهديد من إسرائيل بعد قرار وقف تصدير الغاز، لأنه لا يوجد تعاقد مباشر بين مصر وإسرائيل في تصدير الغاز، والتعاقد كان بين الهيئة العامة للبترول و(شركة شرق المتوسط)، وهي الشركة الوسيطة، التي يمتلك رجل الأعمال المصري حسين سالم الهارب (الذي يواجه أحكاما بالسجن في قضايا تصدير الغاز والفساد المالي والإداري) جزءا منها، واتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل لا تتضمن نصا عن تصدير الغاز.