الصادق المهدي: الثورات العربية تلهم الشعب السوداني في إسقاط نظام البشير

دولة جنوب السودان تطالب مجلس الأمن بفرض «عقوبات مشددة» على السودان

TT

اعتبر الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي ورئيس وزراء السودان الأسبق، أن الثورات التي شهدها العالم العربي ستلهم السودانيين لإسقاط نظام الرئيس عمر البشير.

وقال المهدي: «إن فشل السلطة في إدارة الحكم، إضافة إلى رياح (الربيع العربي) وتقاليد السودان الخاصة في الثورات سوف تلهم الشعب السوداني الانتفاضة وإسقاط نظام البشير»، جاء ذلك في الدوحة، حيث يشارك في منتدى الدوحة الثاني عشر، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، أمس. وأضاف أن هذا أمر وارد وأن السلطة تعد نفسها لمواجهة هذه الثورات، وفق النماذج العربية التي أعقبت الثورة المصرية. وتابع: «الأوضاع الاقتصادية في السودان سيئة للغاية وتنذر بالويل والثبور وعظائم الأمور».

وفي ما يتعلق بعلاقة الخرطوم مع جوبا، قال المهدي: «إن السلطة في الخرطوم تتعامل مع جنوب السودان الحديثة من منطلق أقرب إلى الجانب العدائي». وأضاف: «نحن ضد هذا التوجه ونعد الآن في الخرطوم لمؤتمر ظل للسلام يضم مختلف القوى السياسية من خارج الحكومة، وسيتناول العلاقة بين الدولتين (السودان وجنوب السودان)، وحل المشكلات القائمة في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وأبيي، وموضوع البترول ومياه النيل والحدود وغيرها». وأوضح أنهم سيعدون للتعبئة لدعم مشروع السلام العادل بين الجنوب والشمال، «مشروعنا الذي نحن بصدده سيكون مرجعية للحوار بين السودانين».

وقال: «إن الموقف من التعامل مع الجنوب لا يمكن أن يكون محايدا، فإما أن يكون وديا وإما عدائيا، أعتقد أن الموقف العدائي سينتهي إلى حرب تدمر البلدين، وهذه خطة انتحارية.. البديل هو بناء علاقات تقوم على التعايش والسلام والتكامل.. إننا ندعو إلى توأمة بين البلدين». وحول قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2046 عقب النزاع بشأن منطقة هجليج في 24 أبريل (نيسان) الماضي، الخاص بدولتي السودان في الشمال والجنوب، قال المهدي: «إنه قرار صائب وسليم وهو مبني على القرار الأفريقي، كنا دائما ندعو لأشياء من هذا النوع وإلا فسوف يفرض السلام على الدولتين وهذا شيء ضروري ومهم ومنطقي، لأن الحرب بين البلدين ستشمل كل المنطقة».

وحول الوضع الاقتصادي الراهن في السودان واتجاه الحكومة السودانية لتعويم العملة (الجنيه السوداني)، عبر الصادق المهدي عن اعتقاده بأن إدارة الاقتصاد «بهذه الطريقة الانفعالية والارتجالية لن تقود إلى الإصلاح المطلوب للاقتصاد السوداني، ولذلك دعونا إلى مؤتمر اقتصادي قومي يحدد السياسات الكلية الواجب اتباعها في السودان».

وقال إن السلطة فشلت في توفير التحضيرات البديلة لمواجهة خسارة 75 في المائة من بترول السودان، «مما جعل السودان يواجه أزمة اقتصادية هائلة». وأضاف أن اتفاق السلام بين شمال وجنوب السودان قد ترك الكثير من القضايا من دون حلول وخصوصا ما تعلق ببروتوكول أبيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق إلى جانب ترسيم الحدود.

من جهة أخرى، قال علي أحمد كرتي، وزير الخارجية السوداني، في تصريحات صحافية، إنه لا يمكن التنبؤ بأي موعد لانطلاق المفاوضات بين الخرطوم وجوبا، موضحا أن رئيس الآلية الأفريقية ثابو مبيكي لا يزال يتحرك بين الطرفين تمهيدا للاتفاق بعد ذلك على موعد، مشددا على أن السودان لن يتفاوض في أي مواضيع أخرى قبل الجوانب الأمنية، مشيرا إلى أن هناك الكثير من الشواهد التي تدلل على أن إدارة الجنوب للعلاقة مع السودان يحكمها توجه أمني سلبي، مثل استضافته لمجموعات دارفور المسلحة ودعمه لمهاجمة الحدود السودانية مرة بعد الأخرى، فضلا عن دعمه لمجموعات جنوب كردفان والنيل الأزرق، معتبرا أن هذا مظهر من مظاهر تخلف جنوب السودان عن تنفيذ الترتيبات الأمنية في اتفاق السلام الشامل.

وأوضح كرتي عقب لقائه بالدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، أن الزيارة تمت بناء على اتفاق مسبق بأن تكون فاتحة لزيارات مختلفة من عدد من وزراء الخارجية العرب يبحث خلالها ما الذي يطلب السودان من أشقائه من أجل دعم قراره وموقفه في ما بعد هجليج، مذكرا في هذا الإطار بأن موقف الجامعة العربية كان هو الأقوى خلال تلك الأزمة ودعما للسودان في مواجهة ذلك الأمر.

ومن جهته، قال الدكتور برنابا مريال بنجامين، وزير الإعلام في حكومة الجنوب والمتحدث الرسمي باسمها، لـ«الشرق الأوسط»، إن ثابو مبيكي رئيس جنوب أفريقيا السابق الذي يترأس الآلية الرفيعة التابعة للاتحاد الأفريقي التقى رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت، أمس. وأضاف أن سلفا كير أكد أن بلاده تقف مع السلام في المنطقة وأن وفد حكومته جاهز اليوم قبل الغد للذهاب إلى طاولة المفاوضات متى ما حددت الآلية الرفيعة موعد المفاوضات، معتبرا أن الاتحاد الأفريقي تأخر عن موعد المفاوضات.

وقال بنجامين أن مبيكي وعد بتحديد انطلاق المفاوضات عند عودته إلى أديس أبابا. وأضاف أن حكومته ليس لديها مشكلة في الأجندة التي سيتم الإعلان عنها، لكنه قال أنها لا تقبل الشروط المسبقة التي تحاول الخرطوم أن تفرضها ليس على جنوب السودان وحده بل على الاتحاد الأفريقي، مشيرا إلى أن الملف الأمني الذي تكرر الحكومة السودانية البدء به كان وفد بلاده في آخر جولة جاهز للتوقيع على اتفاق وقف العدائيات.

وطالب بنجامين المجتمع الدولي بفرض عقوبات مشددة على الحكومة السودانية لرفضها الامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي بسحب قواتها فورا من أبيي. وأضاف: «على مجلس الأمن الدولي تنفيذ قراراته في معاقبة الطرف الذي لا يمتثل والآن ثبت أن الخرطوم ترفض تنفيذ القرارات بسحب قواتها من أبيي، لأننا نحن نفذنا القرارات وسحبنا قواتنا، لماذا يصمت المجتمع الدولي عن السودان الذي لا يرغب من سحب قواته»، معتبرا الشروط التي وضعتها الخرطوم لسحب قواتها بتعيين إدارة مدنية بغير المنطقي.

وقال: «الحكومة السودانية تضع العراقيل في أبيي وتشتري في الوقت، ويمكننا أن نرجع قواتنا إلى أبيي مرة أخرى إذا لم يتم سحب قوات الخرطوم». وتابع: «نحن مسؤولون عن حماية مواطني أبيي إذا فشل مجلس الأمن الدولي في توفير الحماية بسحب القوات المسلحة السودانية التي تحمي الميليشيات التابعة لقبيلة المسيرية في نهب أبقار دينكا نقوك». وقال إن مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي لا يمارسان الضغوط الحقيقية على الحكومة السودانية.

وفي تطور آخر، قال شيشيمبا كامبويلي وزير الشؤون الخارجية الزامبي في تصريحات صحافية، إن البشير سوف «يندم على اليوم الذي ولد فيه» إذا حاول الذهاب إلى زامبيا. وكان هذا ردا على سؤال حول ما ستفعله زامبيا مع البشير الذي ذهب لعدد من البلدان الأفريقية رغم لائحة اتهام المحكمة الجنائية الدولية المعلقة على رأسه.

وأضاف كامبويلي: «كموقعين على المحكمة الجنائية الدولية، فإننا سوف نعتقل أي متهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية، صدر أمر بالقبض عليه. إذا كانت هناك بلدان أخرى لم تفعل ذلك، فهي مشكلة خاصة بها. وعلى العموم، فإن زامبيا، سوف تتبع قرارات الأمم المتحدة التي أعطيناها توقيعنا». وقال: «اتركوا البشير يحاول الوصول إلى زامبيا وسوف يندم على اليوم الذي ولد فيه. زامبيا هي دولة ذات سيادة، ونحن لن نفعل شيئا لمجرد أن الآخرين لم يفعلوه».