قوانين حكام ليبيا الجدد ضد رموز النظام السابق تواجه صعوبات في التطبيق

اتهامات بالانتقائية في تشريعات بالإقصاء وفرض الحراسة على أنصار القذافي

TT

تواجه قوانين حكام ليبيا الجدد ضد رموز النظام السابق صعوبات في التطبيق. واتهم سياسيون وحقوقيون أمس المجلس الوطني الانتقالي والحكومة المؤقتة بالانتقائية في سن تشريعات بإقصاء وفرض الحراسة على أنصار العقيد الراحل معمر القذافي.

وقالت مصادر ليبية مطلعة في القاهرة أمس إن عناصر محسوبة على النظام السابق التقت موفدين من مسؤولين ليبيين، في فندق بالعاصمة المصرية، قبل يومين من إصدار قوائم بإقصاء سفراء وقيادات عملت مع القذافي وفرض الحراسة على أموال وشركات. لكنّ مسؤولا في مكتب رئيس الحكومة الليبية قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يوجد تنسيق مع كل من تلطخت أيديهم بدماء الليبيين».

وأثار قانون جديد أصدره المجلس الوطني الانتقالي مطلع هذا الشهر خلافات وجدلا في البلاد. ويختص القانون الصادر برقم 36 بوضع أموال أفراد ومؤسسات عامة وخاصة تحت الحراسة. وتشمل القائمة المطلوب وضع أموالها تحت الحراسة 331 فردا ومؤسسة عامة، ويأتي على رأس القائمة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها العقيد الراحل معمر القذافي وأفراد من عائلته وقبيلته، من بينهم أولاده سيف الإسلام المحتجز في غرب البلاد قيد التحقيق، وعائشة المقيمة في الجزائر، إضافة إلى أسماء من القيادات التي كانت تعمل مع النظام السابق.

وقال الهادي شلوف، المنافس السابق على رئاسة الحكومة الليبية الحالية، إن تطبيق فرض الحراسة الذي كان من المفترض أن يتم إنجازه يوم الخميس الماضي لم يبدأ تطبيقه لأن هناك صعوبات، وأوضح طارق القزيري، مدير المركز الليبي للدراسات والبحوث، أن «الأسماء (الواردة في قائمة فرض الحراسة) يلاحظ أنها وردت أحيانا ثنائية. ولا شك أن عدم اكتمال المعلومات سيجعل تنفيذ الشق الإجرائي معرضا للخروقات والمظالم، وكان القرار وضع على عجل لغايات لا يمكن أن تكون عدلية صرفة».

وكان محافظ البنك المركزي الليبي، الصديق عمر الكبير، وجّه تعليمات إلى مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد في البلاد بضرورة تنفيذ قرار فرض الحراسة «قبل نهاية دوام يوم الأربعاء» الماضي.

وعن رؤية البعض بأن القانون جاء متعجلا، وضم أشخاصا كانوا يساعدون الثورة سرا، ولم يشمل أسماء كانت تعمل بالفعل مع النظام السابق، قال الدكتور الهادي شلوف، المنافس السابق على رئاسة الحكومة الليبية الحالية، إن القانون 36 فيه قصور في عدم مطالبته لجميع الليبيين الذين كانوا متورطين مع النظام، ونحن طالبنا منذ البداية بأنه يجب أن يوضع تحت الحراسة وفق لوائح قانونية من القضاء الليبي كل الأشخاص الذين كانوا مع القذافي منذ 1969 حتى اليوم، وأن يخضعوا للتحقيق والمتابعة من نواحي انتهاكات حقوق الإنسان والاشتراك في الجرائم التي ارتكبت في ليبيا، ومن بينها التعذيب، والنقطة الثالثة هي المتعلقة بالفساد الاقتصادي.

وأضاف: «نطالب بأن يخضع كل من عمل مع النظام في منصب قيادي منذ 1969 للمتابعة والملاحقة القضائية، هذا من جهة، أما من ورد اسمه ويعتبر أنه ليس هناك ما يمكن الاستناد عليه لتوجيه اتهامات إليه، فيجب عليه أن يتجه إلى القضاء وأن يثبت براءته».

وأضاف شلوف: «لكن في جميع الأحوال نحن نطالب أيضا حتى مصطفى عبد الجليل (رئيس المجلس الوطني الانتقالي الحالي)، باعتباره كان وزيرا للعدل، أن يخضع للتحقيق والمتابعة، وأيضا محمود جبريل (رئيس أول حكومة مؤقتة لثورة 17 فبراير)، باعتباره كان مع ابن القذافي (سيف الإسلام) وكان أيضا يتزعم ويتولى الكثير من المهام، من بينها الأعمال المتعلقة بالشركات والمصالح الحكومية».

وقال شلوف إن قضية فرض الحراسة «يجب أن تكون قضية قانونية ويجب أن تخضع للمتابعة العامة لا الخاصة، وأن يخضع كل من عملوا مع النظام السابق وتولوا فيه مناصب قيادية للمتابعة والتحقيق والتأكد من مصادر أموالهم».

وأضاف عن فرص تطبيق القانون 36 أنه لم يبدأ التطبيق لأنه هناك صعوبات، مشيرا إلى أن لجنة الشفافية والنزاهة تقوم حاليا بفحص الملفات، وتقوم أيضا بالتحقيق.

وكانت هذه اللجنة تقدمت منذ أيام فقط بتقديم أسماء بعض السفراء وبعض المسؤولين السابقين وبعض (القيادات) العسكرية، تم اتهامهم بارتكاب جرائم أيام النظام السابق، ومن المقرر أن يتم إبعادهم عن المصالح الحكومة، لكن شلوف أعرب أيضا عن اعتقاده أن مثل هذه القوانين تحتاج إلى فترة طويلة لكي يتم التمكن من تطبيقها وتحقيقها على الأرض.

ومن جانبه قال القزيري حول القانون 36 إنه «لا اعتراض على أساس القانون، فلا بد من متابعة الفلول وحصر ممتلكاتهم وتضييق الشقة عليهم لمنع رد فعل سلبي أو ثورة مضادة، خصوصا أن دماء الشهداء لم تجفّ بعد»، لكنه أضاف في ما يتعلق بـ«الناحية الإدارية الشكلية»، بقوله إن «الأسماء (الواردة في قائمة فرض الحراسة) يلاحظ أنها وردت أحيانا ثنائية.. ولا شك أن عدم اكتمال المعلومات سيجعل تنفيذ الشق الإجرائي معرضا للخروقات والمظالم، وكان القرار وضع على عجل لغايات لا يمكن أن تكون عدلية صرفة».

وتابع القزيري قائلا إن «هناك جزئية التنفيذ ثم الطعن، بدلا من عرض الأسماء و(إعطاء) فسحة زمنية للطعن فيها، كي لا تعاني عائلات وأطفال من جراء مثل هذه القرارات».

وأوضحت المصادر أن قيادات ليبية تبادلت اتهامات مؤخرا بوجود انتقائية في تشريعات بالإقصاء وفرض الحراسة على أنصار القذافي، وأنه تمت الإشارة في أحد هذه الاجتماعات إلى لقاء عقد في القاهرة مؤخرا بين مسؤولين سابقين عملوا مع القذافي ومندوبين من ليبيا، لكن القزيري قال إنه لو صحت هذه التسريبات فستكون الكارثة كبيرة، خصوصا أن التسريبات أشارت إلى أن أحد أعضاء اللجنة المشرفة على قرار فرض الحراسة التقى عدة مرات وفي يوم واحد مع شخصيات من «فلول القذافي».

ووفقا للمصادر ذاتها فإن قوائم فرض الحراسة خلت من أسماء عضو حرس ثوري وكان عضوا في الغرفة الأمنية الرئيسية في طرابلس خلال الثورة، وشارك في إدارة العمليات في الدافنية، وآخر هو منسق غرفة شؤون بنغازي خلال الثورة، وثالث يعتبر من أبرز الأصوات الإعلامية المضادة للثورة، وأسس مؤخرا جبهة من أجل تحرير ليبيا.