«الأطلسي» يعلن خطط سحب قواته القتالية من أفغانستان ونشر الدرع المضادة للصواريخ في أوروبا

مسؤول في الحلف لـ «الشرق الأوسط»: لن نخرج من أفغانستان في 2014 لكننا سنسلم الأفغان القيادة

قادة قمة «الأطلسي» في ختام اجتماعاتهم بمدينة شيكاغو الأميركية أمس (أ.ب)
TT

نفى مصدر رفيع المستوى بحلف الشمال الأطلسي أن قوات «الناتو» ستخرج كليا من أفغانستان مع نهاية عام 2014، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «انسحاب قوات الحلف لن يكون كليا، القوات المقاتلة سيتم سحبها خلال 18 شهرا من الآن، ونحن لن نخرج من أفغانستان لكننا سنسلم الأفغان القيادة وندعمهم, وسنخفف من وجودنا هناك وسنمنح الفرصة للأفغان ليكونوا المسؤولين عن بلادهم».

وحول محادثات قمة شيكاغو التي تخص رسم خريطة بالانسحاب من أفغانستان، أكد المسؤول أن القمة أساسا تتحدث عن تحول في عمل الحلف في أفغانستان، وقال: «صحيح أن هناك سحبا لعدد كبير من قواتنا من على الأرض، لكن عددا منهم سيبقى ليكون حاضرا دائما خلف صفوف الجيش الأفغاني للتدخل متى ما احتاج لنا, ولندعمهم».

وأضاف: «سنقوم بدعمهم ماديا، ودورنا الآن هو أن نقوم بأكثر ما يمكن عسكريا لتحقيق التحول ولتقوية الثقة لمن سيقودون بأن نجعلهم في المقدمة ونكون وراءهم».

وفي حين ترتفع أصوات عدة من أفغانستان لتؤكد أن حكومة بلادها غير مستعدة لإدارة الأمور بنفسها وتوفير الحماية والأمن لشعبها في غياب الناتو, يرى الحلف أن الأوضاع تحسنت، وأن الوقت قد حان لتغيير وتحويل طبيعة الخدمات التي يقدمها، وسحب قواته من على الأرض. وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه: «نتفهم قلق الأفغان وحتى بعض دول المنطقة، ومنها روسيا, لكن حان الوقت ليعتمد الأفغان على أنفسهم لتحقيق الاستقرار لبلادهم وتسيير الأمور».

وأثار حضور الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري، القمة، الآمال بأن تكون حكومته مستعدة لفتح طريق إمدادات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، لكن المفاوضات حول هذه المسألة تعثرت حول مطلب باكستان تقاضي رسوم مرتفعة على عبور الحافلات الحدود.

وقال مسؤول غربي إن الدول التي تنشر قوات في أفغانستان تعهدت بتقديم مليار دولار للقوات الأمنية الأفغانية بعد 2014. ويتوقع أن يأتي القسم الأكبر من التمويل من الولايات المتحدة.

وسينضم زرداري وقادة نحو 30 دولة أخرى ومنظمة دولية إلى رؤساء دول وحكومات الأعضاء في حلف شمال الأطلسي الـ28 في اليوم الثاني من المحادثات في شيكاغو.

وهدفت المحادثات التي بدأت، أول من أمس، واستمرت، أمس، إلى اعتماد استراتيجية انسحاب والحصول على تعهدات حازمة من الحلفاء بتدريب القوات الأفغانية.

ومن جهتها، صعدت روسيا من لهجتها في الفترة الأخيرة نحو الناتو، بخصوص الدرع الصاروخي، التي ينوي الحلف إقامتها في المنطقة، والتي اعتبرتها استهدافا شخصيا لها، وهذا ما يفسر (حسب متابعين) غياب الرئيس السوري، فلاديمير بوتين، عن هذه القمة.

لكن المسؤول بالناتو، وعند سؤاله حول هذا الشأن، كرر نفس الكلام الذي كان رئيس الحلف راسموسن قد برر به غياب الرئاسة الروسية، وهي كثرة مشاغل بوتين, وقال المسؤول إن هناك محادثات متواصلة بين الجانب الروسي والحلف، وإن راسموسن سيقوم بزيارة لموسكو خلال الأيام المقبلة.

ووجهت حركة طالبان الأفغانية رسالة إلى قادة الحلف الأطلسي المشاركين في قمة شيكاغو الأمنية، أكدت فيها أن «الحرب على الإرهاب» مبرر للاستعمار، ودعتهم إلى الاقتداء بفرنسا والخروج مبكرا من أفغانستان.

وقال بيان طالبان إن «شبكات الاستخبارات الأميركية بما فيها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) تقول إن جميع عناصر (القاعدة) غادروا أفغانستان.. وبالتالي، فإن الوجود العسكري الأميركي ليس الهدف منه أمنها (الولايات المتحدة)، ولكن خدمة استراتيجيتها طويلة الأمد لتحويل بلادنا والمنطقة إلى مستعمرة تابعة لها».

وفي رد المسؤول في الناتو على هذا البيان، قال: «لسنا قوى استعمارية ولم نكن كذلك في أفغانستان، وتحركنا قام بناء على طلب من الأمم المتحدة، وهو متواصل على هذا الأساس من أجل مساعدة الشعب الأفغاني وحمايته».

وأضاف: «نحن لسنا ضد عودة طالبان لأفغانستان، فهي بلادهم ومنطقي أن يعودوا لها، لكننا نتمنى أن يكون دورهم في السياسة لنترك في البلاد منظومة سياسية حيوية. وتنقل المعارك العسكرية إلى ممارسات سياسية للبحث عن مصلحة الأفغان».

ومن أهم الإنجازات المتفق عليها خلال القمة تحديد خطط الحلف لانسحاب قواته القتالية من أفغانستان، والالتزام بمبدأ أساسي عام 2013 بأن قوات الناتو في أفغانستان، ستتخذ دورا داعما، حيث تتولى القوات الأفغانية قيادة المهام القتالية.

وفضلا عن موضوع أفغانستان، توصل المشاركون في القمة إلى إضفاء الطابع الرسمي على المرحلة الأولى من مشروع الأطلسي نشر الدرع المضادة للصواريخ، الرامي إلى حماية أوروبا من صواريخ قد تطلق من الشرق الأوسط، وخصوصا من إيران.

ويستند هذا المشروع إلى تكنولوجيا أميركية يثير انتقاد روسيا التي ترى فيه تهديدا لأمنها. كما عرض راسموسن أيضا 25 مشروع تعاون في إطار برنامج «الدفاع الذكي» (سمارت ديفنس) الذي يهدف إلى الحد من تأثير خفض النفقات العسكرية، وخصوصا في أوروبا.

وفي حديثه أثناء القمة، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن «الناتو» يبني استراتيجية جديدة في قمته الأخيرة في لشبونة عام 2010، قائلا: إننا «في لشبونة، تعهدنا، وفي شيكاغو نوفي بتعهداتنا».

وأكد أوباما أن الحلفاء سيستثمرون في قدرات جديدة، وسيحشدون الموارد لمواجهة التحديات الأمنية الجديدة، وكذلك رسم المرحلة التالية للتحول في أفغانستان. كما يجتمع الحلفاء مع الدول المجاورة والشركاء لتعزيز شبكة شراكة الأمن العالمية لـ«الناتو».

من جانبه، قال سكرتير عام «الناتو» أندرس فوغ راسموسن، أول من أمس، إن القمة ستجدد الالتزام بـ«الرابطة الحيوية» بين أميركا الشمالية وأوروبا في القرن الحادي والعشرين».

كما أعلن الحلف عن شراء أسطول من طائرات المراقبة من دون طيار، والمشاركة في الأسلحة ومنشآت التدريب، ودعم الرادع النووي في أوروبا.

وسيتم نقل مكونات نظام الدفاع الصاروخي الأوروبي من الولايات المتحدة إلى قيادة «الناتو».

واختتمت، أمس، أعمال قمة الحلف الأطلسي، التي جمعت الرئيس الأميركي باراك أوباما مع 50 رئيسا من قادة الدول من كل أنحاء العالم، مما جعل هذه القمة «الأكثر أهمية» منذ إنشاء الحلف الأطلسي قبل أكثر من ستين عاما، بحسب الحلف.

وإضافة إلى الدول الـ28 في أوروبا وأميركا الشمالية الأعضاء في الحلف، شاركت في القمة دول من آسيا الوسطى والشرق الأوسط كانت انضمت إلى قوات التحالف الدولي في أفغانستان. وقمة شيكاغو هي الأولى التي عقدها الحلف على الأراضي الأميركية منذ أكثر منذ عشر سنوات.

وعلى الرغم من أن فرنسا قررت تسريع وتيرة سحب قواتها المقاتلة مع نهاية هذا العام، وتأكيد رئيسها الجديد فرنسوا هولاند أنه لن يتراجع عما وعد به شعبه، وهو انسحاب القوات الفرنسية مع نهاية 2012، أصر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، راسموسن، على ترديد مقولته: «دخلنا معا وسنخرج معا»، خلال اجتماعات القمة.

وفي غضون ذلك، قرر قاض في ولاية إيلينوي الأميركية فرض كفالة قدرها 1.5 مليون دولار على كل واحد من ثلاثة مشتبه بهم اتهموا بالسفر إلى شيكاغو «لارتكاب أعمال إرهابية» خلال قمة حلف شمال الأطلسي «الناتو»، التي تعقد في المدينة.

وقال الادعاء أمام المحكمة: «إن الرجال الثلاثة خططوا لاستهداف مقر حملة الرئيس الأميركي باراك أوباما ومنزل عمدة شيكاغو رام إيمانويل، وعدد من المواقع الأمنية والمالية في المدينة. واتهم ممثلو الادعاء الرجال الثلاثة بالتحضير لارتكاب أعمال العنف والدمار وحيازة قنابل مولوتوف وتخزينها وغيرها من الأسلحة والتخطيط لهجمات على الشرطة. وسيمثل المتهمون الثلاثة مرة أخرى أمام المحكمة، يوم الثلاثاء المقبل.