أولمرت: قائد شجاع يستطيع التوصل مع عباس إلى اتفاق سلام دائم

رئيس وزراء إسرائيل السابق يدلي باعترافات جريئة تزعزع القيادة الحالية

TT

أثارت اعترافات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، حول العقبات الحقيقية أمام طريق السلام، وقوله إن غياب السلام الحالي يعود إلى غياب قائد شجاع في إسرائيل، موجة غضب في الحكومة والبرلمان الإسرائيليين. لكن أحدا لم يواجه أولمرت بحقائق دامغة تنفي أقواله، بل راحوا يتهمونه بأنه يخدم العدو.

وكان أولمرت قد أدلى بتصريحات، أمس، بعد المسيرات الاستفزازية التي نظمتها مختلف أحزاب الائتلاف الحاكم بمناسبة ذكرى احتلال القدس وضمها إلى إسرائيل بما يخالف القانون الدولي. وقد صورت هذه الأحزاب مسيراتها على أنها «احتفالات نصر بتوحيد القدس تحت السيادة الإسرائيلية الأبدية»، لكن أولمرت فجر قنبلة في وجه المحتفلين معكرا صفو احتفالاتهم، حين قال إن «القدس لم توحد، وهي اليوم غير موحدة، ولن تكون في يوم من الأيام موحدة. وينبغي على كل قائد في إسرائيل أن يكف عن الكذب، وأن يروي الحقيقة للجمهور». وقال أيضا: إن من يطلقون اليوم تصريحات عن وحدة القدس، إنما يبحثون عن شعبية لإرضاء الجمهور. لكن «ثمن هذه الشعبية قد يكون باهظا، قد يكون دولة إسرائيل برمتها».

واعترف أولمرت أنه عندما كان رئيسا لبلدية القدس، وفيما بعد عندما أصبح رئيسا للحكومة، تعمد عدم تطوير القدس الشرقية لاقتناعه بأنها ستغدو في يوم من الأيام خارج تخوم إسرائيل، برغم القانون الذي سنه الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بضمها وتحويلها إلى جزء من إسرائيل. وأضاف أنه يفهم المسؤولين الإسرائيليين الذين يتحدثون عن القدس على أنها عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، ولكنه أضاف: «أنا أيضا كنت أقول ذلك. ولكننا جميعا نعرف الحقيقة. وعندما بدأت أفاوض الفلسطينيين بإخلاص بهدف التوصل معهم إلى اتفاق سلام دائم، وضعت خريطة القدس على المشرحة وطرحت فكرة تقسيمها، بحيث يكون جزء منها تابعا للفلسطينيين، للدولة الفلسطينية، ليعملوا فيها ما يشاءون».

وقد لمح أولمرت إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، بنيامين نتنياهو، خاضع لتأثير مجموعات من أعضاء مركز الحزب (الليكود)، الذين يستخدمون سياسة العربدة ويهددونه بإسقاطه ويتخذون مواقف متطرفة. وقال: «لكي تعرف القيادة كيف تقود جمهورها في الطريق الذي يجب فيه أن تقود إسرائيل وليس في الطريق غير المسؤول الذي يريده نفر من الأعضاء المتطرفين الجعجاعين معدومي المسؤولية، عليها أن تحسم الأمور وتواجه الجمهور بالحقيقة». وقال أولمرت إنه يعتز بأنه بعد سنين طويلة من سلوك طريق العربدة، توصل إلى قناعات جديدة جعلته يدير محادثات جادة مخلصة مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ويقترب فيها كثيرا جدا «إلى حد التماس مع اتفاق سلام دائم». وأكد أنه لو استمر في الحكم حتى نهاية دورته ولم تؤد تحقيقات الشرطة الظالمة إلى نهاية حكمه وتبكير موعد الانتخابات، لكان توصل إلى اتفاق سلام كامل وشامل مع أبو مازن.

ورفض أولمرت الادعاءات الإسرائيلية القائلة بأن الفلسطينيين رفضوا اقتراحاته السخية، وقال: إن الفلسطينيين لم يرفضوا اقتراحاته أبدا. وأضاف: «صحيح أنهم لم يردوا عليها بالإيجاب، ولكنهم لم يردوا أيضا بالسلب. ولو ظللت في رئاسة الحكومة وواصلنا التفاوض، لكنا توصلنا إلى اتفاق بشكل مؤكد. فقد أنجزنا خلال هذه المفاوضات تقدما في جميع القضايا، بما في ذلك موضوع القدس. وما بقي بيننا من فوارق كان بسيطا جدا».

وأوضح أولمرت أنه ما زال مؤمنا بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، إذا توفرت الشجاعة: «المسألة تحتاج إلى قرار شجاع من قائد شجاع وصادق مع نفسه، يعرف كيف يكف عن التمسك بالشعارات، ويجري الحسابات الصحيحة تجاه مستقبل شعبه». وتابع: «أنا أيضا استخدمت هذه الشعارات ذات مرة ولسنين طويلة. وأنا كنت أريد أن تكون هناك سيادة إسرائيلية على كامل أرض إسرائيل (فلسطين) وأن أستطيع تحقيق ذلك وتحقيق السلام في آن، وإبقاء إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية. ولكن من المستحيل أن نحقق لأنفسنا كل هذا. هناك أمور يجب أن نتنازل عنها ونحدث تغييرا متطرفا فيها، في سبيل تحقيق السلام».

وقبل أن يسمع أولمرت الانتقادات على أقواله، أكد أنه يعرف أن هذه الأقوال تصدم كثيرين وتسبب الغضب وربما الألم لآخرين، «ولكن القائد الحقيقي هو الذي يصارح شعبه، لا الذي يطلق الشعارات الكاذبة».

وقد اعتبر وزير المعارف، غدعون ساعر، كلام أولمرت «جريمة بحق إسرائيل». وقال: إنه يؤمن بصدق أن القدس لن تقسم. وقال رئيس الكنيست، روبي رفلين، بأن أولمرت «إنسان غريب الأطوار يوجد لديه شيء غير متوازن». وقال رئيس بلدية القدس: إن أولمرت فقد ثقته بالقدس منذ سنين طويلة.