أوباما: لا تدخل عسكريا مباشرا.. لكن تعاون وثيق مع هادي

مصدر في الخارجية لـ«الشرق الأوسط»: منذ سنوات حذرنا من «القاعدة»

TT

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، إن التعاون مع صنعاء في الحرب على الإرهاب لن يقود إلى تدخل عسكري أميركي مباشر في اليمن، في وقت أدانت فيه الولايات المتحدة «بأقوى العبارات» الهجوم الإرهابي الذي قامت به منظمة القاعدة في العاصمة اليمنية، عشية احتفالات ذكرى الوحدة. فيما قال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الأميركية «ستفعل كل شيء تقدر عليه لمواجهة التوسع المخيف في نشاطات (القاعدة)».

وقارن الرئيس أوباما بين هذا النشاط المكثف لمنظمة القاعدة في اليمن وما حدث في باكستان قبل أربع سنوات عندما زحفت قوات طالبان إلى قرب العاصمة إسلام آباد، ثم تدخلت الولايات المتحدة بموافقة حكومة باكستان، واستطاعت تكبيد طالبان هزائم كبيرة جعلتها تنقل نشاطاتها بعيدا عن العاصمة والمدن الكبيرة، وتتركز في منطقة الحدود النائية مع أفغانستان.

وأشار أوباما إلى ذلك في تصريحات أدلى بها في شيكاغو، حيث كان يشارك في قمة حلف الناتو. وقال «جذب اليمن كثيرا من الناس الذين كانوا هددوا حكومة باكستان (في منطقة الإدارات الحكومية القبلية) قبل أن نبدأ الضغط عليهم هناك. الآن، نحن نواصل العمل مع الحكومة اليمنية في محاولة لتحديد القيادة والعمليات لـ(القاعدة) في الجزيرة العربية، ونحاول هزيمتها».

غير أن أوباما قال إن الهجوم لن يقود إلى تدخل عسكري أميركي مباشر في اليمن، وإن واشنطن ستظل تتعاون مع الحكومة اليمنية. وقال «أعتقد أن شيئا واحدا تعلمناه من تجربة أفغانستان، هو أن نركز على القضايا ضد الإرهاب، وأن نعمل مع الحكومة، وألا ننشر قواتنا العسكرية في أماكن بعيدة». وأشار إلى الدور الأميركي غير المباشر في الصومال ومالي ومناطق أخرى.

وقال مصدر في الخارجية الأميركية، بعد أن طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته «منذ سنوات، ظللنا نحذر من خطر (القاعدة) في اليمن، ومنذ سنوات ظللنا نقول إن (القاعدة) لا تريد غير تدمير الدولة اليمنية. الآن، هذا الحادث المؤسف في قلب صنعاء يؤكد للجميع أهمية عدم تقليل خطر (القاعدة)، ليس فقط على الحكومة اليمنية، ولكن أيضا على الدولة اليمنية، وعلى أمن المنطقة، وعلى أمن الولايات المتحدة، وعلى الأمن العالمي».

وقارن المصدر بين زيادة نشاط «القاعدة» ووصوله إلى العاصمة صنعاء وما حدث قبل أربع سنوات في باكستان عندما زحفت قوات طالبان نحو العاصمة إسلام آباد، وقال «لحسن الحظ، عندنا سوابق وتجارب في مساعدة حكومات المنطقة في مواجهة الإرهاب الذي لا يهدد الحكومات فقط، ولكن، أيضا، يهدد الدول». ورفض المصدر الحديث عن النشاطات العسكرية والاستخباراتية الأميركية في اليمن، وقال إن البنتاغون ووكالات الاستخبارات هي التي تقدر على الحديث عن ذلك، لكنه قال «من دون أي شك، نحن سنبذل كل ما نقدر عليه لمواجهة هذا الخطر العملاق. لحسن الحظ، لن يكون ذلك من دون سوابق، وذلك بسبب تعاوننا مع الحكومة اليمنية، منذ عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح. لن نبدأ من الصفر، مثلما بدأنا في أفغانستان وفي باكستان».

وأشار المصدر إلى وجود «مستشارين» عسكريين أميركيين في اليمن، وإلى عمليات طائرات «درون» (من دون طيار) ضد «القاعدة». وقال «أعتقد، من دون مبالغة، أننا سنضاعف عملياتنا. ولحسن الحظ، جاءت إلى اليمن حكومة ديمقراطية، بانتخابات حرة ونزيهة، ونحن متفقون معها اتفاقا كاملا على مواجهة (القاعدة)». وأضاف «(القاعدة) لا تهدد حكومة اليمن والرئيس عبد ربه هادي.. (القاعدة) تهدد الدولة اليمنية». وفي إجابة عن سؤال عن دور الرئيس السابق صالح وأقربائه، الذين يتخلص منهم الرئيس هادي تدريجيا، قال المصدر «نعم، تعاونا مع صالح لمواجهة (القاعدة)، لكننا سعداء الآن لأننا نتعاون مع رئيس منتخب لمواجهة (القاعدة)».

في الوقت نفسه، أصدرت الخارجية الأميركية بيانا قالت فيه «تدين الولايات المتحدة، بأقوى العبارات، الهجوم الإرهابي ضد القوات العسكرية اليمنية. إننا نقدم تعازينا العميقة إلى أصدقاء وأسر العشرات الذين قتلوا، ونتعاطف مع الذين أصيبوا بجروح في هذا الهجوم». وأضاف البيان «يبرز هذا الاعتداء الجبان المدى الذي يمكن أن يصل إليه أعضاء منظمة القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهم يعيثون فسادا في اليمن». وقال البيان «تظل الولايات المتحدة ملتزمة بوضع استراتيجية شاملة تركز على الحكم، والتنمية الاقتصادية، فضلا عن جهود مكافحة الإرهاب في اليمن. وسوف تواصل دعم الرئيس هادي وحكومته والشعب اليمني، وهم يعملون على تحقيق تطلعاتهم لمستقبل أكثر إشراقا وازدهارا».

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن انفجار صنعاء سيزيد التعاون الأميركي اليمني زيادة ملحوظة خاصة في المجالين العسكري والاستخباراتي. وكانت الولايات المتحدة اتهمت منظمة القاعدة لدورها، عام 2009، في محاولة تفجير طائرة أميركية كانت تطير من أوروبا إلى ديترويت. وأيضا في مؤامرة عام 2010 بإرسال قنابل في طرود إلى شيكاغو داخل طائرات الشحن. وأيضا، قبل شهر، بعد اكتشاف خطة لإرسال انتحاري على طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة.

وقالت المصادر الإخبارية الأميركية إن الولايات المتحدة هذا العام صعدت تصعيدا جذريا الضربات الجوية في اليمن. ومنذ بداية السنة، قامت بعشرين هجمة جوية بطائرات «درون». بالإضافة إلى توسع عمليات القوات الخاصة الأميركية في إسداء المشورة، وتقديم المعلومات الاستخبارية للجيش اليمني. هذا بالإضافة إلى أنها شنت هجمات مباشرة على مواقع المتمردين في الجنوب.

وفي واشنطن، قال مسؤولون استخباراتيون أميركيون إنهم تأكدوا من مصداقية بيان أصدرته «القاعدة في الجزيرة العربية»، قالت فيه إن هجوم صنعاء رد على العمليات العسكرية الأميركية ضد «القاعدة في اليمن».

وقال بروس هوفمان، خبير الإرهاب في جامعة جورج تاون (في واشنطن العاصمة) «يوضح الهجوم أن (القاعدة) أكثر انتشارا وأوسع نطاقا مما سبق أن تصور الناس، فكونها تقدر على اختراق جهاز الأمن الذي يحمي البلاد، فإن ذلك يكشف عن القدرات الكبيرة للمجموعة، وأن المجموعة تتزايد في القوة، لا في الضعف».