نساء مصر يبحثن عن دور سياسي وسط شكوى من التهميش والإقصاء

حصلن على 2% فقط من مقاعد برلمان الثورة

مصريات يرفعن صورة المرشح الرئاسي محمد مرسي (واشنطن بوست)
TT

بعد أن وقفت المرأة كتفا بكتف مع الرجل خلال المظاهرات ونجحت في إسقاط حسني مبارك، تطلعت الكثيرات منهن للعب دور في خطوات الثورة المقبلة. مع ذلك وبعد مرور 15 شهرا ومع استعداد المصريين للإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس خلال الأسبوع الحالي، تشكو ناشطات في مجال حقوق المرأة من التهميش والإقصاء من عملية اتخاذ القرارات المصيرية. وتقول هدى بدران، رئيسة رابطة المرأة العربية التي كانت محظورة في عهد مبارك قبل أن تعود للعمل العام الماضي: «كان هناك حاجة للمرأة أثناء الثورة لزيادة العدد، أما الآن فلا يحتاج صانعو القرار النساء، وها قد عدنا مرة أخرى إلى النظرة الدونية للنساء وفكرة التفوق الذكوري». ولم تحصل المرأة في مصر سوى على 2 في المائة من مقاعد برلمان الثورة الجديد، في حين حصلت على 12 في المائة خلال الانتخابات السابقة التي أجريت خلال فترة حكم مبارك. وجاء هذا الانخفاض الحاد بعد إلغاء كوتة المرأة التي تضمن تمثيلها في البرلمان والتي كان ينظر إليها الكثيرون على أنها وسيلة لحشو البرلمان بأعضاء في الحزب السياسي الذي يرأسه مبارك. ولم يضم الحكام العسكريون أي سيدة إلى لجنة التعديلات الدستورية التي تم إقرارها في الاستفتاء الذي أجري العام الماضي. ولا توجد امرأة بين المرشحين الرئاسيين الثلاث عشر في الانتخابات التي تبدأ اليوم الأربعاء والتي تعد الأولى بعد خلع مبارك.

وتشعر بدران وناشطات أخريات في مجال حقوق المرأة بالقلق من استغلال جماعة الإخوان المسلمين، التي تتسم بالتنظيم، للجماعات الدينية والخيرية في حثّ السيدات الأميات الفقيرات على التصويت لمرشح الجماعة محمد مرسي. ويعارض مرسي ترشح السيدات لمنصب الرئاسة، ودعا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ووصف القرآن الكريم خلال أحد مؤتمراته الجماهيرية بأنه الدستور. واستأجرت الرابطة التي تترأسها بدران مئات الحافلات لنقل السيدات إلى لجان الاقتراع لمواجهة الإخوان المسلمين. وكذلك توزع منشورات تحثّ السيدات على التصويت لمرشحين يحترمون المرأة ولا يستغلون الدين في حملاتهم الانتخابية ولا يكذبون على حد قول بدران. ولم تدعم الرابطة مرشحا بعينه.

وتعد مصر من الدول العربية التي بها قوانين فاعلة تحمي المرأة، حيث تستطيع المرأة هنا إقامة دعوى خلع، وتعد جزءا من قوة العمل، ولا تخضع إلى قواعد محددة إسلامية تتعلق بالملابس. كذلك يحق لأبناء المصريات المتزوجات أجانب الحصول على الجنسية المصرية، في حين لا يوجد ذلك في بعض الدول المتحررة اجتماعيا مثل لبنان. مع ذلك يناقش البرلمان، الذي يهيمن عليه الإسلاميون، بعض المقترحات التي يمكن أن تغير وضع المرأة هنا ومن ضمنها خفض سن الزواج من 18 إلى 13 سنة وخفض سن حضانة الأم للابن إلى 7 والابنة إلى 9 بدلا من 15 سنة في خطوة يُنظر إليها كتفسير متشدد للشريعة الإسلامية. الجدير بالذكر أن سوزان مبارك، السيدة الأولى السابقة، كانت هي من دفعت باتجاه إقرار تلك القوانين المعمول بها حاليا حيث كانت من مؤديي القوانين التي تهدف إلى حماية حقوق المرأة والطفل. مع ذلك اتهمت باحتكار هذه القضية ووضع قوانين لم يتم تفعيلها، في الوقت الذي منعت فيه منظمات المرأة المستقلة النمو والازدهار.

من بين كل الكتل السياسية في مصر، لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، النصيب الأكبر من النائبات في البرلمان، رغم أن الكثير من ناشطات حقوق المرأة يقلن إنهن جزء من تنظيم ديني لم يمنح النساء عضوية عاملة كاملة. واجهت عزة الجرف، وهي أم لسبعة أبناء ونائبة في البرلمان، انتقادات حادة من الليبراليين ومنظمات حقوق الإنسان بسبب دعمها لتعديل قوانين تم إقرارها بشق الأنفس واعتقدت السيدات أنها غير قابلة للإلغاء مثل الخلع وسن الزواج.

وقالت الجرف: «ينبغي أن يُراعى عند وضع قوانين تهم الأسرة توافقها مع الشريعة الإسلامية»، لكنها أكدت أن التسع نائبات اللاتي تم انتخابهن مثلن تحسنا كبيرا لصورة المرأة في السياسة. وتم تعيين نائبتين مما يجعل إجمالي عدد النائبات في البرلمان 11. وتم توجيه الدعوة إلى المرشحين الرئاسيين إلى مؤتمر عقد نهاية الأسبوع في القاهرة لعرض برنامجهم الانتخابي ومقاربته لحقوق المرأة أمام آلاف الناخبات. ولم يحضر المؤتمر سوى خمسة مرشحين، في حين غاب عنه المرشحون الأبرز. قال أشرف رشيد، ممثل عمرو موسى، الرئيس السابق لجامعة الدول العربية ومن المرشحين الليبراليين الأوفر حظا، إنه في حال فوز موسى، سوف يعين له نائبة. وصفقت الحاضرات بشدة، لكنهن طلبن من رشيد توضيح سبب عدم حضور موسى.

وتشعر غادة كمال، ناشطة شابة، قالت إنها ضُربت واعتقلت على أيدي الشرطة العسكرية أمام مجلس الوزراء الشتاء الماضي، بالقلق من تحول هدف الثورة من القضاء على نظام مبارك إلى حقوق المرأة. ولم تقرر بعد ما إذا كانت ستنتخب أم لا. وأوضحت قائلة: «لقد اكتشفت المرأة المصرية قوتها وأنها ليست ضعيفة أو مقهورة كما كانت تظن، وأن لها دورا هاما لتلعبه مثلها مثل الرجل. لا أعتقد أن هناك فرقا بين المرأة والرجل فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية. لو كان ذلك قد تحقق، لكان بمقدورنا القول إن الثورة قد نجحت».

* خدمة «واشنطن بوست»

* خاص بـ«الشرق الأوسط»