اختطاف 12 لبنانيا في حلب قادمين من إيران يشعل ضاحية بيروت الجنوبية

رئيس المجلس العسكري للجيش الحر لـ«الشرق الأوسط»: لا علاقة لنا بالعملية ولا يمكن أن نرضى بها

محتجون يحرقون إطارات السيارات بمنطقة مار ميخايل في بيروت احتجاجا على خطف 12 لبنانيا في حلب أمس (رويترز)
TT

قالت أسر شيعية لبنانية أمس: إن معارضين سوريين مسلحين خطفوا ما لا يقل عن 12 من أبنائها في حلب بشمال سوريا بينما كانوا عائدين من زيارة لإيران عبر سوريا، كما أعلن مصدر رسمي إيراني أمس عن اختطاف 3 سائقين إيرانيين في سوريا، بينما أكد مسؤول إيراني وقوف بلاده إلى جانب سوريا فيما تتعرض له من «مؤامرة تريد النيل من دورها في المنطقة».

وقالت جماعة معارضة في وقت لاحق إن القوات السورية شنت غارات بالدبابات وعربات مدرعة أخرى أمس على منطقة بمحافظة حلب الشمالية، قرب المكان الذي خطف فيه اللبنانيون في وقت سابق، وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا: إن أناسا في بلدة أعزاز في حلب أبلغوه بأن القوات السورية تمشط بعض الأحياء.

وأوضح مسؤولون أمنيون لبنانيون أن اثني عشر لبنانيا شيعيا خطفوا أمس الثلاثاء في مدينة حلب شمال سوريا. ونقلت وكالة أسوشييتد برس عن المسؤولين، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أن المختطفين كانوا في طريق العودة إلى لبنان عن طريق سوريا بعد زيارة دينية في العراق. وتجمع أهالي المخطوفين في الضاحية الجنوبية في بيروت مطالبين بالإفراج عنهم. وتسبب الاحتجاج في قطع عدد من الطرق، بينها طريق المطار، بالإطارات المحترقة وحاويات القمامة.

وأثار توقيف الحافلتين اللبنانيتين اللتين تقلان الشباب اللبناني، وخطف 12 شابا لبنانيا منها، غضب عائلاتهم «الشيعية» في لبنان، بعد تأكيد تقارير إخبارية في بيروت أن عناصر من «الجيش السوري الحر» تقف وراء عملية الخطف التي حصلت تحديدا في قرية عزاز. وسارع أقرباء المخطوفين اللبنانيين فور شيوع الخبر إلى قطع طرقات عدة في بيروت، وتحديدا في مناطق الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله الذي سارع إلى دعوة الأهالي للاجتماع في أحد أحياء الضاحية للتباحث في الموضوع، فيما دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأهالي إلى عدم قطع الطرقات. وأجرى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالات مع دول وجهات معنية للعمل على الإفراج عن المخطوفين في حلب لم يسمها بيان صادر عن مكتبه.

وبينما هدد أقرباء المخطوفين بالقيام «بأعمال غير محمودة على الأمن في لبنان»، مؤكدين «أنهم يعرفون أماكن تواجد الجيش السوري الحر في لبنان»، إذا لم يتم الإفراج عن أفراد عائلاتهم، نفى رئيس المجلس العسكري في «الجيش الحر» العميد مصطفى الشيخ لـ«الشرق الأوسط» أي علاقة «للجيش الحر» بعملية الاختطاف، مؤكدا معرفته بالأمر من خلال اتصال ورده من لبنان طالبه القيام بوساطة للإفراج عن المخطوفين.

وأوضح الشيخ «أننا وصلنا إلى مرحلة فوضى كبيرة، ومجموعات مسلحة تدعي انتماءها للجيش الحر من دون أن يكون لها علاقة به»، مؤكدا أنه «لا يمكن لنا أن نقبل بأي شكل من الأشكال القيام بعمليات خطف مماثلة».

وتأتي هذه الحادثة بعد أسبوع متوتر شهدته منطقة الشمال اللبنانية، طالت تداعياته العاصمة بيروت ومناطق «سنية» عدة في لبنان تخللها قطع طرقات وسقوط قتلى وجرحى، على خلفية توقيف شادي المولوي وإطلاق حاجز للجيش اللبناني النار على الشيخ أحمد عبد الواحد ومرافقه في عكار.

وقالت قريبة أحد منظمي الرحلة الدينية لـ«الشرق الأوسط» إنها «ليست المرة الأولى التي تتوجه فيها رحلات من بيروت (تحديدا الضاحية الجنوبية) إلى إيران برا عبر سوريا، بعد اندلاع الأزمة السورية». وأشارت إلى أن «بين الشبان الاثني عشر المخطوفين شابين إيرانيين»، موضحة أنه «تم خطف الشبان فقط فيما لم يتم احتجاز السيدات المشاركات في الرحلة».

وكانت مجموعة من الشبان الغاضبين بادرت فور انتشار الخبر إلى قطع طرق عدة كطريق المطار والشويفات والطيونة والمشرفية وبئر العبد. وأفاد أقارب المختطفين في بيروت أن هواتف المشاركين في الرحلة جميعها مقفلة، وعرف من المختطفين مساء كلا من: جميل صالح، عوض إبراهيم، عباس شعيب، حسن عباس، أبو علي أرزوني.

وفي المعلومات المتداولة في بيروت أمس، فإن تنظيم هذه الرحلة يأتي في إطار حملة دينية تحمل اسم «بدر الكبرى» لصاحبها الشيخ عباس شعيب. وذكرت قناة «الجديد» التلفزيونية في بيروت أن «معظم المخطوفين ينتمون إلى عشائر وعائلات تؤمن بمنطق الثأر، وهم يهددون بفعل شيء خطير، لم يفصحوا عنه، متحدثين عن اختطاف مماثل لجنود من (الجيش السوري الحر) المتواجدين في منطقة معينة من بيروت».

وأوضح شقيق صاحب حملة «بدر الكبرى» لزيارة المزارات في إيران، والذي اختطف مع باقي الرجال المشاركين في الحملة في منطقة عجاج في حلب أنه «بينما كانت الحملة عائدة من إيران أوقفها رجال ينتمون لما يسمى (الجيش السوري الحر) واحتجزوا كل الرجال الموجودين على متن الحافلة وقالوا للنساء: اذهبوا وقولوا لأول حاجز جيش سوري إننا نريد مقابل هؤلاء الرجال أسرى من الجيش السوري الحر».

ودان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ما أقدمت عليه مجموعات مسلحة من عملية اختطاف للبنانيين في حلب، معتبرا أن الأولوية لكيفية معالجة هذا الأمر.

من جانبه، استنكر رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري خطف المواطنين اللبنانيين في سوريا، معربا عن تضامنه الكامل مع أهلهم، ومطالبا بالإفراج الفوري عنهم. وقال الرئيس الحريري: «إننا نستنكر خطف إخوتنا اللبنانيين في سوريا كائنة من كانت الجهة التي تقف وراء عملية الاختطاف، ونطالب بالإفراج الفوري عنهم كائنة من كانت الجهة الخاطفة».

وأضاف: «إنها مناسبة للإعراب عن تضامننا الكامل مع أهل المخطوفين، الذين نعتبرهم أهلنا، وعلى الخاطفين أن يعلموا أن الشعب اللبناني هو واحد موحد في هذه القضية، وأننا نتعامل مع هذه القضية بصفتها قضية وطنية لبنانية لا تحتمل أي تأويل أو مساومات».

وعلى صعيد ذي صلة، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) أن القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية بدمشق عباس غلورو «أكد اختطاف 3 سائقين إيرانيين دخلوا إلى سوريا عبر الحدود التركية»، وأشار إلى أن السائقين الثلاثة اختطفوا أول من أمس الاثنين من دون أن يذكر المكان الذي اختطفوا منه، وأعرب غلورو عن أسفه لأن السائقين ورغم تحذير السلطات الإيرانية لمواطنيها من التوجه برا إلى سوريا، «دخلوا البلاد من دون التنسيق مع المسؤولين في السفارة».

ويتهم ناشطون إيران بإرسال خبراء عسكريين ومقاتلين إلى سوريا لمساعدة النظام على قمع التظاهر ضده، كما يتهمون التيار الصدري بالتحالف مع النظام السوري، وبث ناشطون فيديو يظهر احتجاز 3 أشخاص قالوا: إنهم من ميليشيا مقتدى الصدر وجاءوا إلى سوريا للقتال إلى جانب النظام.

من جانب آخر أعلن ناشطون عن منع وزير الإعلام الأسبق محمد سليمان من السفر إلى القاهرة، وذلك بعدما قامت المخابرات السورية وسلطات الهجرة في دمشق بمنعه من مغادرة سوريا أثناء تواجده في مطار دمشق الدولي متجها إلى القاهرة.

وكان وزير الإعلام السوري الأسبق محمد سليمان، وهو إحدى الشخصيات السورية العلوية البارزة ضمن ما يعرف بالحرس القديم (القيادات التي كانت تحيط بنظام الأسد الأب)، قد أطلق مبادرة وطنية ديمقراطية، تهدف للتوصل إلى حل للأزمة عبر الحوار والعمل السياسي، إلا أنه تلقى تحذيرات بعدم متابعة العمل في المبادرة. ما دفعه لإعلان وقف نشاط المبادرة الوطنية الديمقراطية، التي أنشئت منذ ما يقرب من 8 أشهر، دون تحقيق أي أهداف.