شكوك وعدم ثقة في إمكانية تطبيق مصالحة حقيقية بين حركتي فتح وحماس

مراقبون يتحسسون ألغاما في الطريق.. ويحذرون من إدارة الانقسام لا إنهائه

TT

انتشرت على صفحات «فيس بوك» في الأيام الأخير صورة كاريكاتير، لكرسي كتب عليه السلطة، بينما يتزاحم شخصان ضخمان يمثلان حركتي فتح وحماس، على الجلوس عليه ويتقاسمانه بصعوبة. وتعكس هذه الصورة، السخرية التي أصبح معها الفلسطينيون يستقبلون الأخبار المتعلقة بالمصالحة.

ورغم أن فتح وحماس وقعتا في القاهرة اتفاقا تنفيذيا أو اتفاق إطار زمني، قبل ثلاثة أيام، لإعلان الدوحة الذي جاء بعد عدة اتفاقات سابقة، إلا أن التجارب والوعود والانتكاسات تجعل كثير من الفلسطينيين غير مصدقين لإمكانية تحقيق المصالحة فعلا لا قولا. وقال سفيان أبو زايدة، وهو عضو مجلس ثوري سابق لفتح، في مقال «ليس هناك سبب منطقي واحد يقنع الناس بأن ما تم الاتفاق عليه أمس في القاهرة بين حركتي فتح وحماس سيكون مختلفا عما سبقه من اتفاقات ابتداء من مكة مرورا بالقاهرة وصنعاء وباقي المحطات الأخرى».

وقالت عضو المجلس التشريعي الفلسطيني المستقلة رواية الشوا تعقيبا على كاريكاتير الكرسي، على «فيس بوك» إن «الشعب في انتظار مقعد (متين) يؤهل الإخوان الأعدقاء لتعديل جلستهم (على كرسي السلطة).. ومزاجهم الوطني».

وكتب المحلل السياسي أكرم عطا الله، على صفحته، يقول «حركتا فتح وحماس تتفقان على الاتفاق الذي تم الاتفاق عليه لتأكيد الاتفاق على إنهاء الانقسام. الشعب الذي يصل مستوى الاستخفاف به إلى هذا الحد ويسكت لا يستحق أكثر من ذلك».

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه، للإذاعة الرسمية، «إنه اتفاق الفرصة الأخيرة لإنقاذ المصالحة قبل الانهيار والوصول إلى طريق مسدود».

ومع أن الاتفاق ينص بوضوح على بدء عمل لجنة الانتخابات المركزية الأحد القادم مع بدء المشاورات لتشكيل حكومة الوحدة وعمرها 6 شهور تجرى بعدها انتخابات، إلا أن إعطاء لجنة الانتخابات المركزية كامل الحرية في العمل في غزة، والاتفاق على أسماء الوزراء، وإيجاد برنامج ولغة سياسية واحدة للحكومة، وتجاوز مشكلات إعمار القطاع، ووضع آلية متفق عليها لإجراء الانتخابات، والوضع الأمني في الضفة وغزة، ستبقى المحك الحقيقي لاختبار نوايا الطرفين، وإلى أي حد يمكن أن يذهبا في هذا الطريق.

وقال الكاتب والمحلل السياسي، خليل شاهين «هناك ألغام في الطريق». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا شكوك وعدم ثقة، شكوك في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وعدم ثقة في أن الاتفاق يمكن أن يؤدي إلى مصالحة حقيقية». وتابع القول «الخشية الحقيقية تنبع من أن الاتفاق يمكن أن يكون اتفاقا على إدارة الانقسام وليس إنهاء الانقسام». وأوضح أن «الاتفاق خلا من نقاط أساسية يمكن أن تقود إلى مصالحة، مثل البرنامج السياسي للحكومة، والإشارة إلى إعادة توحيد وهيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية، وحصر مهمة الحكومة في البدء في إعمار قطاع غزة، وإجراء الانتخابات». ومن وجهة نظر شاهين فإن المحك الحقيقي، «يكمن في التطبيق، والقدرة على تعديل مسار المصالحة ليحقق مصالحة».

ويتفق المحلل السياسي طلال عوكل مع شاهين، بقوله لـ«الشرق الأوسط»: «الآن فقط بدأت المصالحة، لكن التطبيق شيء آخر». وأضاف «التنفيذ سيواجه مشكلات وعقبات، وهذا ما سيكشف النوايا الحقيقية».

وكان لافتا أن الاتفاق الأخير في القاهرة جاء بعد أقل من أسبوع من تشكيل حكومة فلسطينية جديدة في رام الله، وهو ما يدلل على أنه اتفاق مفاجئ ولم يكن متوقعا.

ومن وجهة نظر شاهين وعوكل، فإن عدة أسباب قادت إلى توقيع اتفاق «رزنامة الوقت» لتنفيذ اتفاق الدوحة، الآن، ومن بين هذه الأسباب في ما يخص حماس، «تجاوز خلافاتها وفشل برنامج المقاومة الذي تقوده، ومحاولتها استباق نتائج الانتخابات في مصر حتى لا تتفاجأ برئيس من غير الإخوان». أما فيما يخص فتح، فهو فشل برنامج المفاوضات أو تأجيله لما بعد الانتخابات الأميركية.

وقال شاهين «المصالحة أخذت رهينة لخيارات سياسية».

أما أكثر المتضررين من الاتفاق، وهي الحكومة الجديدة في رام الله، برئاسة، سلام فياض، التي إذا ما طبق الاتفاق فلن تمضي شهرا كاملا من عمرها، فقد رحبت، أمس، باتفاق القاهرة، وبما اشتمل عليه من تشكيل حكومة برئاسة الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

واعتبرت الحكومة في بيان أن «إنجاز هذا الأمر يمثل استجابة لتطلعات وطموحات أبناء شعبنا لإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته من أجل ضمان إنهاء الاحتلال، واستكمال جاهزيتنا الوطنية لإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967».

لكن الحكومة اعتبرت أن الاتفاق يمهد لإجراء الانتخابات المحلية في أجواء توافقية، وبما يضمن سلاسة وسلامة إجرائها في كافة أنحاء الوطن، وقالت «إن هذه الانتخابات تمثل مهمة رئيسية للحكومة بموجب تكليف السيد الرئيس»، في إشارة كما يبدو لمواصلة الحكومة عملها حتى وقت طويل، وكأنها أيضا لا تثق بإمكانية التطبيق.

وطلبت الحكومة من وزير الحكم المحلي استكمال المشاورات واتصالاته مع لجنة الانتخابات المركزية لضمان جاهزيتها لإجراء هذه الانتخابات، وبما يمكن المجلس من اتخاذ القرار المناسب بتحديد موعد إجرائها وفق القانون.