باريس ترفع الإقامة الجبرية عن القيادي الإسلامي التونسي صالح كركر

الغنوشي جمد عضويته في «النهضة» عام 2002.. وعودته إلى تونس باتت وشيكة

TT

أكد نور الدين العرباوي، القيادي في حركة النهضة، خبر رفع السلطات الفرنسية الإقامة الجبرية عن الناشط الإسلامي صالح كركر (64 سنة)، الذي يعتبر أحد المؤسسين الثمانية للحركة الإسلامية في تونس، وأحد أهم المنظرين لها.

وقال العرباوي لـ«الشرق الأوسط» إن كركر عاش في فرنسا تحت الإقامة الجبرية ودون محاكمة منذ قرابة 18 سنة كان خلالها ممنوعا من مغادرة منزله، ورجح عودته القريبة إلى تونس بعد غياب عن المشهد السياسي التونسي فاق 20 سنة. وتحمل كركر لمدة طويلة مسؤوليات في حركة النهضة؛ من بينها نيابة رئاسة الحركة ورئاسة مجلس الشورى إلى أن ترأس حركة النهضة سنة 1987. وكان أيضا المسؤول عن الجناح العسكري للحركة.

ودخل كركر فرنسا بصفته لاجئا سياسيا بعد فراره من حكم بالإعدام أصدره ضده نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي وذلك سنة 1987، كما حكم عليه غيابيا بالسجن المؤبد سنة 1991 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.

وكانت السلطات الفرنسية قد اتخذت قرارا بفرض الإقامة الجبرية ضده منذ سنة 1993 على أثر زيارة لوزير الداخلية الفرنسي آنذاك شارل باسكوا إلى تونس ورجع منها بقائمة تضم 40 لاجئا سياسيا من حركة النهضة مطلوبين من نظام بن علي، على رأسهم كركر الذي وضعته السلطات الفرنسية تحت الإقامة الجبرية منذ ذلك التاريخ، ولم تسلمه للسلطات التونسية.

وكان راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة قد اتخذ قراره بتجميد عضوية كركر في الحركة منذ سنة 2002 بعد خلافات بين القياديين في الحركة حول موضوع تحرير المرأة، وانتماء أعضاء من الحركة إلى تشكيلات سياسية تونسية ذات توجهات علمانية.

ولم يتمتع كركر بقانون العفو التشريعي العام الصادر في 19 فبراير (شباط) 2011، ولم يعد إلى تونس بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس بن علي.

على صعيد آخر، كشف بلقاسم حسن، رئيس حزب الثقافة والعمل التونسي، عن وجود مشاورات معمقة بين حركة النهضة وستة أطراف سياسية تونسية غير ممثلة في المجلس التأسيسي.

وقال حسن لـ«الشرق الأوسط» إن ثلاثة لقاءات عقدت حتى الآن منذ بداية شهر مايو (أيار) الحالي، وشملت حركة النهضة وحركة الوحدة الشعبية (يقودها أحمد بن صالح)، وحزب الثقافة والعمل، والحزب الجمهوري المغاربي (يرأسه محمد البوصيري بوعبدلي) وحزب الأمان (تجمع لثلاثة أحزاب هي: «الأمانة» و«التحالف الوطني للسلم والأمان» و«تونس الكرامة»)، إلى جانب حزب الإصلاح والتنمية، الذي يقوده محمد القوماني.

وأوضح حسن أن ما يجمع بين هذه الأحزاب يتجاوز المواعيد الانتخابية والسياسية المقبلة، واعتبر أن ما يجمع بين الأحزاب الستة يمكن تلخيصه في الالتقاء حول موضوع الهوية، والقبول بالممارسة الديمقراطية، والاستجابة للمطالب الاجتماعية، وتنفيذ العدالة الانتقالية. وكشف الأمين العام لحزب الثقافة والعمل عن وجود اتفاق مبدئي حول ضرورة إفساح المجال أمام حكومة حمادي الجبالي من أجل إنجاز مطالب الثورة، وأن المسؤولية في تنفيذ تلك المطالب تعود إلى الحكومة، وأن من واجب الأقلية المعارضة وبقية الأطياف السياسية مساعدة الحكومة على تجاوز الظرف الاجتماعي والاقتصادي الصعب، وليس العمل على تعطيلها بكل الوسائل.

وحول عقبات التحاور مع حركة النهضة حول الملفات العالقة، قال حسن إن الحوار بين الأحزاب الستة كان مفتوحا ودون شروط تذكر ولم يكن هناك «فيتو» من أي نوع حول أي ملف من الملفات السياسية أو الاجتماعية. وأضاف أن الاجتماع الذي ضم تلك الأحزاب ليست له أبعاد انتخابية أو حزبية، وأن مجموعة الأحزاب لم تجد أي حرج أو عقد ما في الجلوس على الطاولة نفسها مع حركة النهضة وتقديم مجموعة من المقترحات البناءة التي تعني كل التونسيين.

وبشأن ما إذا كانت هذه اللقاءات مقدمة لتحالف انتخابي خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، نفى حسن أن يكون الرهان انتخابيا، واعتبر أن الأحزاب الستة تلتقي بصفة موضوعية حول مجموعة من النقاط الأساسية؛ من بينها عدم عودة النظام القديم إلى الساحة السياسية، وتحقيق أهداف الثورة بغض النظر عن النظام السياسي.

وقال حسن إن المعارضة خلال هذه الفترة ليس لها معنى كبير إذا كانت ستعطل السير الطبيعي لمجموعة أهداف الثورة، خاصة تشغيل مئات الآلاف من العاطلين، وإيصال مشاريع تنموية إلى المناطق المحرومة بالسرعة القصوى. وانتقد حسن اتكاء بعض الأحزاب السياسية التونسية على الحداثة والديمقراطية لتقف موقف المعطل لكل مشاريع التنمية، و«الحال أن البلاد في حاجة ماسة لمقترحات إيجابية تتجاوز التقسيم التقليدي بين من يحكم ومن يعارض».