الشارع المصري.. «حدوتة» انتخابية

ملايين الناخبين يتطلعون لنهاية سعيدة لها

TT

حدوتة انتخابية يعيشها الشارع المصري اليوم، وينوع في حبكتها منتظرا أن يسفر المشهد عن نهاية سعيدة، تنتصر فيها روح الثورة، بعدما أجهضت على مدار 15 شهرا منذ اندلاعها في 25 يناير (كانون الثاني) العام الماضي. فبعد يومين من الصمت الانتخابي، تحين اليوم ساعة الصفر، حيث يدخل المصريون المعترك الانتخابي بالتوجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار أول رئيس للبلاد بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.

استعد المصريون للحدث الاستثنائي كل على طريقته، ووسط أجواء لم يعرفوها من قبل، تمثلت في سلسلة من الاستعدادات، بداية من معرفة اللجان الفرعية التي سيقومون بالتصويت فيها والتعرف على أرقامهم في القوائم الانتخابية المدرجة في قوائم خاصة على الإنترنت أعدتها اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، وهو ما جعلهم يهرعون إلى شبكة العنكبوتية للحصول عليها، وترتيب أوقاتهم وظروفهم الحياتية كون يومي التصويت لا يعدان إجازة رسمية في البلاد، وانتهاء باختيار مرشح بعينه.

ويشهد اليوم وغدا توجه نحو 50 مليونا و994 ألف ناخب للتصويت، لكي يواصلوا رحلة التغيير الذي بدأته الثورة، فيما تراقبهم وسائل الإعلام العالمية والمنظمات الحقوقية لرصد مضيهم في طريق الديمقراطية.

استثنائية هذا المشهد جعلت الطالبة الجامعية رضوى صلاح (20 عاما) تعيد ترتيب أوقاتها، خاصة أن الانتخابات الرئاسية تحل بالتزامن مع موعد امتحانات نهاية العام الدراسي. وتقول رضوى «التحدث مع زملائي عن بعض الأسئلة المهمة كان سيد الموقف في مثل هذا الوقت من كل عام، لكن الآن أصبح كلامنا يدور عن المرشحين للرئاسة وبرامجهم الانتخابية، وتحليل أحاديثهم للإعلام وكذلك شخصية كل منهم». وتذكر أن استعدادها لاختيار الرئيس يتقدم على الاهتمام بالدراسة، لافتة إلى أنها ستلقي ببطاقة الترشيح في الصندوق لصالح المرشح عمرو موسى، وتذهب سريعا للاستذكار استعدادا للامتحان صبيحة اليوم التالي.

أما نشأت عبد الهادي، الشاب الثلاثيني، فقد أعد العدة للسفر من القاهرة مقر عمله، إلى مسقط رأسه في صعيد مصر بمحافظة قنا حيث توجد لجنته الانتخابية. ويقول «أخذت إجازة خصيصا لهذا الحدث الاستثنائي في حياتنا كمصريين، وعلى الرغم من إرهاق السفر فإنني لن أفوت الفرصة التي جاءتنا لاختيار رئيسنا في جو من النزاهة والشفافية وبعيدا عن التزوير». ويبين أن صوته سيكون لأحد المرشحين من معسكر الثورة، كونهم الأقدر من وجهة نظره على إحداث التغيير الذي يتمناه كشاب.

وفي مشهد يعكس سخونة أجواء المشهد الانتخابي وتحسبا لحدوث أي تطورات غير آمنة على الساحة، سارعت بعض ربات البيوت إلى تخزين كميات من السلع والمواد الغذائية خلال الأسبوع الماضي.

وقبل ساعات من ساعة الصفر، لم تتوقف نقاشات المصريين وحواراتهم حول المرشحين وحظوظهم، بل زادت سخونتها سواء على أرض الواقع أو الفضاء الإلكتروني بين المؤيدين لمرشح ما والمعارضين له. فوسائل المواصلات كالميكروباص والأوتوبيس والمترو والتاكسي تحولت لما يشبه الورش السياسية، حيث يحلل ركابها على اختلاف أطيافهم الاجتماعية شخصيات المرشحين ليتوصلوا للقرار النهائي قبل التوجه للصناديق.

أما مواقع التواصل الاجتماعي فتحولت في الساعات الأخيرة لساحة مناظرات بين الأعضاء حول تأييد أو رفض مرشح ما، ونشطت الحملات التي تحذر من مرشحي النظام السابق، فيما تندر بعضهم بفترة «الصمت الانتخابي» التي شبهوها بالصوم في أول أيام شهر «رجب».

وعلى الرغم من تلك الأجواء الساخنة، وما سبقها من استطلاعات للرأي ونتائج تصويت المصريين في الخارج؛ يظل التكهن باسم المرشح أمرا يكتنفه الغموض. ويرى مراقبون أن الانتماءات السياسية والانطباع السابق عن المرشح وكذلك سماته الشخصية ستكون من أهم العوامل التي تؤثر على قرارات الناخبين، فيما تتذيل البرامج الانتخابية ترتيب هذه العوامل.

فالحاج صالح، وهو حارس عقار قاهري، يحدد شروطه في الرئيس المقبل بأنه «يجب أن تتوافر فيه الأمانة ومخافة الله، والحفاظ على أموال الشعب. أريد رئيسا يقضي على البلطجة، ويحافظ على الأمن والأمان». ويبين أن صوته سيذهب إلى المرشح عبد المنعم أبو الفتوح، كونه تتوافر فيه هذه الشروط على حد قوله.

أما رقية عيسوي، ربة منزل، فتقول «مش عارفين البلد رايحة على فين، لكن أنا سأرشح الفريق أحمد شفيق بهدف الاستقرار السياسي والأمني، فالرجل لديه خبرة ورؤية ويستطيع قيادة البلد بشكل صحيح وإصلاح أحوال الاقتصاد والتعليم والصحة والإسكان».

وفي ميدان التحرير، أيقونة الثورة، يبيع «محمود» الميداليات والبوسترات التي تحمل وجوه المرشحين، ورغم غلبة صور مرشحي التيارات الإسلامية على بضاعته، فإن الشاب العشريني يؤيد المرشح حمدين صباحي، ويعلل اختياره بالقول «حمدين يشعر بالغلابة أكثر من غيره، سمعته يتحدث في برامج تلفزيونية، وقررت اختياره». واختتم الشاب حديثه بدعاء أصبح يتردد حاليا بين المصريين «ربنا يولي من يصلح».