القضاء اللبناني يطلق سراح شادي المولوي.. الذي أشعل اعتقاله شمال لبنان

أكد أن توقيفه كان سياسيا وتوجه بالتحية لـ«ثورة سوريا الشام»

شادي المولوي محمولا من حشد من الناس بعد اطلاق سراحه أمس (رويترز)
TT

أطلق القضاء اللبناني أمس سراح الشاب الموقوف شادي المولوي، الذي ادعت عليه النيابة العامة العسكرية بجرم «الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلّح (القاعدة) والقيام بأعمال إرهابية في لبنان والخارج، والنيل من سلطة الدولة وهيبتها». ليفكك بذلك القضاء الصاعق الأمني الذي انفجر على نطاق واسع إثر توقيف المولوي قبل عشرة أيام وتسبب باشتباكات مسلّحة في مدينة طرابلس، وكان أحد أبرز تداعياته حادثة مقتل الشيخين أحمد عبد الواحد ومحمد حسين مرعب بإطلاق النار عليهما على حاجز للجيش اللبناني في عكار (شمال لبنان) يوم الأحد الماضي، والتي خلقت ردود فعل ونقمة شعبية عارمة شملت معظم الأراضي اللبنانية، وأسفرت عن توقيف ثلاثة ضباط و19 عسكريا من الجيش.

فقد وافق قاضي التحقيق العسكري نبيل وهبة أمس، على طلب إخلاء سبيل شادي المولوي لقاء كفالة مالية قدرها 500 ألف ليرة (330 دولارا أميركيا) ومنعه من السفر، بعد أن استجوبه للمرة الثالثة بحضور وكيله المحامي محمد حافظة، وأفادت مصادر قضائية «الشرق الأوسط»، أن قرار إخلاء السبيل «جاء وفقا لرأي مفوض الحكومة لدى المحكمة القاضي صقر صقر، الذي درس بعمق نتائج التحقيق الاستنطاقي، ووافق على إطلاق سراحه لقاء كفالة مالية ضامنة، لا سيما جلسة اليوم (أمس) والتي خصصت لاستجوابه تفصيليا حول ما نسب إليه من انتمائه إلى تنظيم القاعد حيث نفى هذه الاتهامات بالمطلق». وإثر تسديد قيمة الكفالة خرج المولوي من سجن المحكمة العسكرية، وكانت بانتظاره سيارة لوزير المال محمد الصفدي أقلته إلى طرابلس.

وبعد الإفراج عن المولوي، اعتبر وكيله المحامي محمد حافظة، أن «القانون هو الذي انتصر بهذه القضية، وأن القضاء أثبت استقلاليته ونزاهته وتجرده». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الفضل الأكبر في ذلك يعود لقاضي التحقيق نبيل وهبه، من خلال فهمه القانوني العميق للملف، وتعاطيه معه بخلفيه قانونية بحتة، وبصلابة قلّ نظيرها». مشددا على أن «قرار إخلاء السبيل قانوني مائة في المائة، وجاء نتيجة خلو الملف من أي تهمة، وليس بسبب الضغط الشعبي والسياسي».

وقال حافظة «لقد توسّع قاضي التحقيق خلال الجلسة في إحدى نقاط الملف، والتي تتمحور حول انتماء شادي إلى مجموعات إرهابية أو إلى تنظيم القاعدة وما شابه، وقد أبرز القاضي مستندات وأوراقا حُرّرت من حساب شادي الإلكتروني على (سكايب)، وكان يستجوبه حول كل مستند من هذه المستندات». معربا عن قناعته ببراءة موكّله، و«بأنّ كل هذا الموضوع مدبّر، وما كتبه موكلي خلال تواصله مع أصدقائه عبر (سكايب) ليس فيه إطلاقا ما يدينه»، وأعلن أن موكله «عرف عن نفسه على صفحته الإلكترونية بأنه (سلفي حر) وهي حالة فكرية موجودة عند الكثير من شباب طرابلس الذين يسيرون على خطى السلف الصالح في معتقدهم الديني، وهذا أمر يكفله الدستور لجهة حرية الدين والمعتقد».

وفور تبلّغ أهالي طرابلس قرار القضاء بالإفراج عن المولوي، أطلقت الألعاب النارية، وجابت السيارات الشوارع، وبدأ المعتصمون في ساحة النور، عند المدخل الجنوبي للمدينة بفك اعتصامهم المستمر منذ عشرة أيام، وإزالة الخيم التي نصبوها في هذه الساحة. وتهيأوا لاستقبال المفرج عنه الذي وصل إلى مكتب الوزير الصفدي.

وقال المولوي لدى وصوله «إن إخلاء سبيلي أعطاني الثقة بالقضاء اللبناني، وإن خروجي هو عزة لطرابلس وتوقيفي هو توقيف سياسي»، موجها الشكر إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزير الصفدي وإلى شباب طرابلس «لوقوفهم إلى جانبه». وأضاف «أشكر بشكل خاص ثورة سوريا الشام التي جمعت هؤلاء الشباب الطيبين الموحدين»، ورد على سؤال عن ما نقلته بعض الصحف عن اعترافه بالانتماء لتنظيم القاعدة، أجاب «كل الأمور المنسوبة إلى كانت زورا»، و«اعترفت بهذا وبعدة أمور أخرى تحت الضغط والتعذيب؛ كأي شخص يتعرض لذلك، لكني أنكرت ذلك أمام القضاء». وتابع «إن موقفي من الثورة السورية معروف، فنحن ندعم الثورة السورية وندعم النازحين السوريين بالموقف»، وأكد أنه «خلال التحقيق سئلت عن جيراني وأقاربي».

ومن مكتب الصفدي انتقل إلى منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي استقبله وهنأه بإطلاق سراحه، قبل أن ينتقل إلى ساحة النور ليحتفل مع رفاقه وأقاربه والمتعاطفين معه.

إلى ذلك، أكّد وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، أن «قرار قاضي التحقيق بتخلية المولوي كان قرارا صائبا، لأن تهمته كانت بسيطة مع أنني لم أقرأ القرار، ولكنني عرفت أن من بين التهم أنه كان يساعد النازحين السوريين». وقال «إن المدير العام للأمن اللواء عباس إبراهيم أتته معلومات فألقى القبض على المولوي ولم يحقق معه، بل أرسله إلى القضاء ليحقق معه»، مشيرا إلى أن «اللواء إبراهيم والأمن العام من أهم الأجهزة موجودة في البلد». وإذ ذكّر بأن «الشخص الأهم في هذه القضية ما زال موقوفا، وهو المواطن الأردني»، مؤكدا أن «القضاء لم يتعرض لأي ضغط، ولو تعرض لكان منذ اليوم الأول أفرج عن المولوي».