تحذيرات سفارات خليجية من السفر إلى لبنان تهدد قطاع السياحة

السفير السعودي «مطمئن» للوضع.. والوزير اللبناني يؤكد أن الوافدين ليسوا في خطر

TT

لا ينذر الزحام في قاعات مطار رفيق الحريري الدولي بافتتاح الموسم السياحي الجديد، بل على العكس، فهو يدل على حركة المغادرين من سياح ورجال أعمال عرب وأجانب وفدوا إلى لبنان أخيرا مع بداية موسم المهرجانات الثقافية والفنية والمؤتمرات الاقتصادية والمصرفية.

وإذا كانت 4 دول خليجية حذرت رعاياها من المجيء إلى لبنان في الأيام القليلة الماضية بسبب الأوضاع الأمنية المتردية في الشمال والعاصمة بيروت، فإن سفارات دول غربية كبرى اكتفت بتنبيه رعاياها من التواجد في أماكن التوتر، فيما ارتأت المملكة العربية السعودية دراسة الوضع الميداني والتريث في إصدار تحذير لمواطنيها من زيارة بيروت، أو دعوة المتواجدين في لبنان إلى مغادرته فورا.

وقد لاقى موقف المملكة ردود فعل إيجابية في الأوساط السياسية والاقتصادية اللبنانية، وخصوصا لدى وزارة السياحة، حيث عبر الوزير فادي عبود عن تقديره للدعم السعودي الواضح للبنان من خلال التأكيد على أهمية التأني في مقاربة الواقع الأمني. وفي هذا المجال لفت الوزير عبود إلى أن رعايا الكويت وقطر والبحرين والإمارات يمثلون أقل من 10% من عدد السياح الذين يمضون عطلة الصيف في لبنان.

وإذ اعتبر أن الوضع الأمني ليس خطيرا، أكد أنه لا يشكل دافعا لإثارة الذعر لدى الدول العربية أو الغربية، لأن الإشكالات التي حصلت في عطلة نهاية الأسبوع الماضي بقيت محصورة في مناطق محددة، ولم تدم إلا ساعات معدودة، وبالتالي فهي لا تستدعي خروج السياح. وقال الوزير عبود إن الوافدين السعوديين يحتلون المرتبة الأولى بين السياح العرب في لبنان، ولم تبادر المملكة إلى مطالبة رعاياها بمغادرته، كما لم تحذر الراغبين في زيارته من السفر إلى بيروت.

وكشف وزير السياحة عن تحرك دبلوماسي باشرته وزارة الخارجية اللبنانية باتجاه حكومات قطر والبحرين والسعودية والكويت لإقناعها بالعودة عن قرارها لأنه غير مبرر، ورحب عبود بزيارة السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري لوزارة السياحة، مؤكدا أنها مهمة جدا، وتصب في إطار تعزيز الثقة بلبنان، وتشير إلى أن الاستقرار ثابت وأن السياح ليسوا في خطر.

لكن الكلام الإيجابي للوزير عبود لم ينجح في التخفيف من منسوب القلق لدى أوساط واسعة من الفاعلين في مجالات الأعمال والسياحة، إذ أن الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة كشف أن الصيف بدأ بكارثة سياحية، لأن التداعيات الخطيرة لأحداث الشمال الأخيرة زادت سلبية على التأثيرات غير المشجعة، لأن التوقعات الاقتصادية بدورها غير مشجعة وكان الاعتماد على قطاع السياحة والموسم الآتي لتعويض التراجع في أرقام الناتج المحلي الإجمالي، لكي تبقى نسب النمو المتوقعة للعام الحالي مستقرة عند عتبة 3%، وأضاف أن التأثير السلبي سيطال كل أنواع النشاطات الاقتصادية والتجارية والسياحية، فالفنادق تأهبت استعدادا لموسم واعد لكن الحجوزات بدأت تتلاشى، وكذلك بالنسبة للمؤسسات السياحية والمطاعم وشركات تأجير السيارات في كل المناطق والقرى السياحية.

في المقابل، تحدث نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر عن عدم تجاوز نسبة إلغاء الحجوزات في الفنادق حدود 20%، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الموسم السياحي لم يبدأ بعد، وإن السياح العرب لم يقرروا بعد وجهة سفرهم لتمضية إجازات الصيف. وشدد على أن الموقف السعودي الحريص على حماية لبنان من أي تأثيرات سلبية ناتج عن الأزمة السورية يشكل رادعا أمام انهيار آمال القطاعات السياحية والاقتصادية بموسم أعياد وسياحة خلال الصيف المقبل.

وأوضح الأشقر أن السياح السعوديين يشكلون العنصر الأساسي في السياحة العربية في لبنان، وبالتالي فإن عدم صدور أي بيانات تحذيرية من الحكومة السعودية لرعاياها من السفر إلى لبنان ما زال عاملا مطمئنا بالنسبة للموسم السياحي المقبل. لكنه استدرك لافتا إلى أن أي إشكالات أمنية - على غرار ما حصل في العاصمة وضواحيها من عمليات قطع طرق، وخصوصا قطع طريق المطار - ستكون لها نتائج دراماتيكية وكارثية على الواقع الاقتصادي بشكل عام، وليس فقط على الصعيد السياحي.