المصريون احتشدوا في أول يوم للاقتراع على رئيسهم الجديد

إشادة بالتنظيم واختفاء المشاجرات وإقبال كثيف على التصويت

TT

قنا: يوسف رجب

* بعد أن أدهشوا العالم بثورتهم في 25 يناير (كانون الثاني) من العام الماضي والتي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، وبعد أن قطفوا أولى ثمارها في انتخابات برلمانية نزيهة، للمرة الثالثة يثبت المصريون أنهم قادرون على مواصلة صناعة الدهشة، فمنذ صباح أمس توافد ملايين المصريين في القاهرة والمحافظات على صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الجديد في مشهد حضاري انتصروا فيه لقيم الحرية والديمقراطية، من أجل مستقبل أفضل للبلاد، ونتيجة للإقبال الشديد على التصويت اضطرت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة إلى مد فترة التصويت إلى التاسعة مساء بدلا من الثامنة كما كان مقررا، وأعلن الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء اعتبار اليوم الخميس إجازة رسمية في الحكومة لإعطاء الفرصة للمواطنين للتصويت.

ورغم اختلاف توجهات الناخبين فإن اللجان لم تشهد أي تجاوزات وظهر جليا أثر التنظيم الجيد للانتخابات على انتظام العمل الانتخابي منذ الصباح، حيث اختفى مندوبو المرشحين من أمام اللجان، التي أحكمت قوات الجيش والشرطة سيطرتها عليها منذ يومين، وسادت اللجان حالة من الهدوء باستثناء بعض التجاوزات الفردية التي لا تذكر.

وقال المستشار عمر سلامة عضو الأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات الرئاسية إن القوات المسلحة قامت بتوفير طائرات حربية لنقل القضاة المشرفين على الانتخابات الرئاسية في محافظات الوادي الجديد والبحر الأحمر وأسوان والأقصر وشمال سيناء، بينما تم نقل القضاة بجنوب سيناء عن طريق الأتوبيس لعدم وجود مطارات لهبوط الطائرة.

وقال عمرو حمزة مراقب الانتخابات من منظمة الاتحاد الأفروآسيوي للمحامين لـ«الشرق الأوسط» إن الإقبال على الانتخابات الرئاسية في يومها الأول كبير ولكن التنظيم الجيد من قبل القوات المسلحة حد من ظاهرة الطوابير أمام اللجان.

وأوضح أن الإقبال بدأ منذ صباح أمس وبلغ ذروته بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية، وتوقع مزيدا من الإقبال اليوم الخميس (اليوم الثاني للتصويت)، وقال: «بعض الناخبين تخوف من النزول في أول يوم لتجنب الحر الشديد بالإضافة إلى بعض المخاوف من حدوث مشاجرات أو اضطرابات بين أنصار المرشحين، ولكن اليوم الأول للتصويت بدد تماما تلك المخاوف».

وأشار إلى أن قوات الجيش والشرطة قامت بتأمين اللجان بشكل كبير من الخارج وصلت في بعض الأحيان إلى مئات الأمتار خارج اللجان، الأمر الذي أدى إلى اختفاء المشاجرات بين أنصار المرشحين، ودعا الناخبين إلى مساعدة قوات الأمن للقيام بعملها على أكمل وجه.

وحرص الناخبون على الإدلاء بأصواتهم رغم ارتفاع درجة الحرارة بشكل غير معتاد، وبدت حالة من الانسياب المروري ظاهرة في شوارع العاصمة المصرية التي تشتهر بزحامها، واختلفت الاتجاهات التصويتية باختلاف المناطق.

وتفقد المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة عددا من اللجان الانتخابية في منطقتي العباسية والظاهر برفقة عدد من قيادات القوات المسلحة وأعضاء المجلس العسكري، وانصرف سريعا بعد أن رفض الإدلاء بأي تصريحات للصحافيين.

وفرضت قوات الأمن إجراءات مشددة حول اللجان في مختلف المحافظات شملت فرض طوق أمني لمسافة 500 متر خارج اللجان، ومنع أي وسائل للدعاية لضمان عدم انتهاك الصمت الانتخابي، وشوهدت عدة طائرات مروحية عسكرية تحلق في سماء العاصمة المصرية لمراقبة الأوضاع.

من جانبه، أكد اللواء إسماعيل عتمان مساعد وزير الدفاع للشؤون المعنوية عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن مصر ستقدم نموذجا يشهد له العالم في اختيار الشعب للرئيس القادم، في ظل انتخابات رئاسية بإرادة شعبية حرة ونزيهة. وقال عتمان، في مؤتمر صحافي عقده أمس في محافظة المنوفية (75 كيلومترا شمال القاهرة) إن القوات المسلحة نفذت خارطة طريق لتسليم السلطة بدأت بانتخابات مجلسي الشعب والشورى وذلك طبقا لبرنامج زمني محدد، معتبرا أن إجراء انتخابات الرئاسة يؤكد أن القوات المسلحة ومجلسها الأعلى نموذج فريد في العالم ولا يوجد مثله في التاريخ حيث تقوم بتسليم السلطة من يدها إلى سلطة مدنية.

ورفض اللواء عتمان ما يتردد عن وجود تزوير بالانتخابات في ظل قضاء عادل ونزيه، مشيرا إلى أن إجراء الانتخابات الرئاسية يؤكد تحقيق الثورة المباركة لأعظم أهدافها وهي نقل السلطة إلى رئيس مدني منتخب بإرادة شعبية خالصة.

وفي الإسكندرية، تبادل أنصار المرشحين البلاغات القضائية والاتهامات بارتكاب خروقات وتجاوزات انتخابية، وقامت القوات البحرية التي تتولى تأمين العملية الانتخابية بالمدينة بتسيير دوريات مستمرة تمر من أمام اللجان سواء بالسيارات أو مترجلين لمتابعة سير العملية الانتخابية وما إذا كان هناك أي انتهاكات أو تجاوزات للتصدي لها.

وشهدت محافظات القناة الثلاث (بورسعيد والإسماعيلية والسويس) ومحافظتا شمال وجنوب سيناء، إقبالا متوسطا من جانب الناخبين أمس، وسجلت غرف عمليات المرشحين عدة مخالفات تمت من جانب جماعة الإخوان المسلمين وأنصار المرشح عبد المنعم أبو الفتوح، خاصة فيما يتعلق بأعمال الدعاية بمدينتي التل الكبير والقصاصين.

وبالتزامن مع الانتخابات تم تشديد الإجراءات الأمنية حول المجرى الملاحي لقناة السويس ومديرية الأمن والمنشآت الحيوية بالمحافظة.

وشهدت محافظة الشرقية، التي تعد ثالث أكبر محافظة من حيث كثافة الناخبين، إقبالا كبيرا من الناخبين على مراكز الاقتراع، يرجع إلى أن الشرقية هي مسقط رأس اثنين من المرشحين هما الدكتور محمد مرسى مرشح الإخوان المسلمين والفريق أحمد شفيق.

وفي محافظة قنا بصعيد مصر، شهدت اللجان الانتخابية إقبالا متوسطا من الناخبين، رغم قيام أعضاء الحملات الانتخابية للمرشحين باستخدام الرسائل القصيرة على الهواتف الجوالة لحث الناخبين على التصويت، وتضمنت الرسائل اسم المرشح ورقمه ورمزه الانتخابي، ويبلغ عدد الناخبين بمحافظة قنا 1.604.713 ناخب وناخبة، فيما يتم الاقتراع في 337 مركزا انتخابيا و625 لجنة انتخابية.

وفى محافظة الأقصر لم يختلف الوضع كثيرا عن محافظة قنا، فقد شهدت إقبالا متوسطا على العملية الانتخابية مع الكثير من التجاوزات والمخالفات من قبل أنصار ومنسقي حملات المرشحين، وقام الدكتور عزت سعد محافظ الأقصر بتفقد اللجان الانتخابية بمدرسة أبو الحجاج الابتدائية المشتركة بوسط مدينة الأقصر للاطمئنان على سير العملية الانتخابية بالمحافظة، مؤكدا أن تلك الانتخابات هي مكسب كبير للعملية الديمقراطية والتي ستكتمل بتمام عملية الانتخابات، مضيفا أن أيا من كان سيأتي بعد الانتخابات يجب أن نلتف حوله طالما أنه سوف يحكم وفقا لمعايير وقيم الديمقراطية التي أوصلته لحكم مصر، ويبلغ عدد الناخبين بمحافظة الأقصر 673986 ناخبا وناخبة يقترعون في 188 لجنة انتخابية.