نتنياهو يبرم صفقة مع المستوطنين لتأجيل هدم حي استيطاني

في أعقاب تمرد ثلاثة من وزرائه

الفلسطيني عزام عفيفي يهدم منزله في البلدة القديمة في القدس المحتلة لكي يوفر أجر هدمه من قبل المجلس البلدي اليهودي أمس (أ.ف.ب)
TT

شهد الكنيست الإسرائيلي، أمس، صداما دراميا صاخبا أطرافه نواب اليمين المتطرف، تجلى خلاله تمرد ثلاثة من الوزراء على رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وتم طرد نائبين من الجلسة، وكل ذلك بسبب خوف نتنياهو من الظهور وكأنه ضد الاستيطان والمستوطنين.

وفي ختام الجلسة أبرمت صفقة بين الحكومة ونواب المعارضة اليمينية المتطرفة يؤجل بموجبها الموضوع لمدة أسبوعين، تعهد نتنياهو أن يحاول استغلالهما لإيجاد حلول تقضي بالامتناع عن تنفيذ قرار المحكمة في هدم حي استيطاني قرب رام الله.

والقضية تتعلق بما يسمى «حي هأولبانا» في مستوطنة «بيت ايل» الواقعة شمال رام الله. فقد بني هذا الحي، وفيه 30 وحدة سكنية، قبل 19 سنة على أرض فلسطينية خاصة مسجلة على أنها يهودية. وحظي الحي بدعم من الحكومة الإسرائيلية بقيادة إيهود باراك، في حينه، ووفرت له كل التسهيلات والبنى التحتية والماء والكهرباء. لكن قبل خمس سنوات تبين أن أوراق بيع هذه الأرض الفلسطينية للمستوطنين كانت مزورة، وأن البائع المسجل هو شخص كان يومها طفلا في السابعة من عمره. وقبل أسابيع، نشرت صحيفة «هآرتس» تحقيقا أظهرت فيه أن التزوير تم بعلم عدد من أوساط المستوطنين.

ووصلت القضية إلى المحكمة العليا بواسطة أصحاب الأرض الفلسطينيين وبعض حركات حقوق الإنسان الإسرائيلية، التي طالبت بإخلاء المستوطنين وبهدم الحي وإعادة الأرض لأصحابها. وقبلت المحكمة العليا الإسرائيلية الدعوى، وأمرت بهدم الحي حتى مطلع مايو (أيار) الحالي. لكن الحكومة لم تنفذ القرار، وتوجهت إلى المحكمة بطلب إعطائها مهلة إضافية. وتجاوبت المحكمة مع الطلب، لكنها وجهت انتقادات لاذعة للحكومة على تقاعسها، واعتبرت الأمر مساسا بسلطة القضاء، وأمرت بإنهاء هذه القضية وهدم الحي وإخلائه حتى يوم الأول من يوليو (تموز) القادم.

وأثار هذا القرار المستوطنين والقوى التي تساندهم أو تنافق لهم في الكنيست وفي الائتلاف الحاكم، فراحوا يطالبون الحكومة بسن قانون يسحب من المحكمة صلاحيات إصدار قرارات من هذا النوع، لكن المستشارين القانونيين للحكومة وللكنيست اعترضوا على ذلك واعتبروه مساسا بالطابع الديمقراطي لإسرائيل. وبأمر من نتنياهو، امتنعت اللجنة الوزارية في الحكومة لشؤون التشريع، عن تقديم اقتراح قانون بهذا المضمون. وعندها، بادر عضو الكنيست يعقوب كاتس، رئيس حزب «البيت اليهودي»، إلى طرح مشروع قانون خاص به. وأعلن ثلاثة وزراء، هم يسرائيل كاتس وجلعاد اردان، المقربان من نتنياهو، وسلفان شالوم، أنهم سيؤيدون القانون في الكنيست.

وإزاء هذا التمرد، أمر نتنياهو نوابه بالالتزام بموقفه في رفض القانون. لكنه في الوقت نفسه، أدار مفاوضات مع صاحب مشروع القانون ومع رجال الدين الذين يديرون المستوطنات، لكي يسحب القانون ولا يحرجه في الحزب وفي الكنيست. وتعهد في مقابل ذلك بأن يحاول إيجاد حل يضمن بقاء الحي على حاله خلال الأسبوعين، وقال لهم «إذا لم أفلح في إيجاد حل، فلكم أن تطرحوا المشروع من جديد كما تشاءون».

وفي اللحظة الأخيرة تماما من بعد ظهر أمس، وافق كاتس على سحب مشروع القانون، وأعلن أنه يفعل ذلك بناء على أوامر رجال الدين. ووعد بأن يطرح قانونه من جديد بعد أسبوعين. وقال «أنا أتحدى نتنياهو ورفاقه في الليكود أن يرفعوا أيديهم ويصوتوا ضد هذا القانون. فأنا أريد أن أراهم وهم يخونون المبادئ التي تربوا عليها، ويديرون ظهورهم للمشروع الاستيطاني». واتهم كاتس نتنياهو ومن وراءه بأنهم بلا قلب ولا رحمة لأنهم يحاولون هدم بيوت عاش المستوطنون فيها 19 سنة وولد أبناؤهم فيها.

ورد باسم الحكومة عليه، الوزير بيني بيغن، فقال إن لدى كل وزير يوجد قلب، لكن هذه حكومة ويجب أن يكون في رؤوس وزرائها عقل أيضا، وعليها ألا تصطدم بالقانون وبسلطة القضاء.

وعقب رئيس حزب «كديما» نائب رئيس الحكومة، شاؤول موفاز، على القانون قائلا إنه قد حان الوقت لتحمل المسؤولية القومية بدلا من الانفلات الأمني. وحمل الوزير موفاز على من يسعون إلى شرعنة هذه النقاط الاستيطانية، وقال إنهم يسعون إلى الاستيلاء على أراض بشكل يتناقض مع مبادئ دولة القانون، ويمس بالمشروع الاستيطاني، مؤكدا أن أي حل لقضية النقاط الاستيطانية العشوائية يجب أن تقبل به محكمة العدل العليا.

من جهة ثانية، هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، خياما وبيوتا من الصفيح جنوب الخليل. فقد اقتحمت هذه القوات منطقة «واد جحيش» المحاذية لقرية سوسيا جنوب شرقي يطا الخليل، مصطحبة آلياتها الثقيلة، وهدمت ست خيام تعود ملكيتها للمواطنين خليل سلامة النواجعة وإبراهيم إسماعيل النواجعة. وقال الأهالي إن هدف الهدم هو تهجيرهم من تلك المنطقة وتوسيع مستوطنة «سوسيا» المقامة على أراضي المواطنين الفلسطينيين.

وفي إطار الهدف نفسه، هدمت قوات الاحتلال خياما في خربة الرهوة جنوب بلدة الظاهرية ومنطقة ودادي، وهدمت منزلا من الصفيح وخيمة تعود للمواطن شحدة محمد أبو عواد.