السعودية تقدم 3.2 مليار دولار لدعم مشاريع تنموية في اليمن

مساعدات «عسكرية» لمحاربة «القاعدة».. والزياني لـ «الشرق الأوسط» : فريق دولي لمتابعة تنفيذ صنعاء للبرنامج المرحلي

ممثلو مجموعة «أصدقاء اليمن» بعد اجتماعهم في الرياض أمس (تصوير: خالد الخميسي)
TT

التزمت دول مجموعة «أصدقاء اليمن» بتقديم الدعم المالي واللوجستي لصنعاء رغبة في تحقيق استقرار ووحدة اليمن، في مقابل تعهده بتنفيذ خطة مرحلية من عام واحد تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية. وقدمت السعودية لليمن مبلغ 3.2 مليار دولار، مساهمة منها في دعم المشاريع وكل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية إلى جانب تمويل وضمان صادرات سعودية ووديعة في البنك المركزي اليمني.

وذكر الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في اجتماع أصدقاء اليمن الثالث، المنعقد بالرياض أمس، أن المملكة قدمت لليمن منحة في مؤتمر لندن للمانحين بلغ قدرها مليار دولار تم تخصيصها لمشاريع إنمائية عن طريق صندوق التنمية السعودي، كما قدمت المملكة مؤخرا دعما في قطاعي البترول والكهرباء وتم التوقيع على اتفاقيتين لمشروعين أحدهما في قطاع الكهرباء والآخر في مجال الخدمات الصحية بتكلفة إجمالية تبلغ مائة وخمسة ملايين دولار.

وقال الفيصل في هذا الصدد: «استمرارا لوقوف المملكة إلى جانب الأشقاء في اليمن ودعمها لهم، يسرني أن أعلن عن ترحيب المملكة باستضافة مؤتمر المانحين المقبل الذي نقترح أن يتم عقده خلال الفترة من 27 - 30 يونيو (حزيران) المقبل».

وقلل وزير الخارجية السعودي من الأصوات التي تشير إلى أن بلاده تتدخل في الشأن اليمني، مؤكدا أن السعودية تقف إلى جانب اليمن تحقيقا لاستقراره: «نخوض معركة حقيقية مع الإرهاب، وأمن اليمن مسألة مهمة في هذا الإطار».

وعد أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني، التدخلات الرامية إلى تحقيق وحدة اليمن مقبولة، رافضا في الوقت نفسه تدخلات إيران «كونها تلعب على الشأن الطائفي المفتت للوحدة الوطنية».

وقال وزير الخارجية اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده ستعمل على الالتزام بما تعهدت به لمجموعة أصدقاء اليمن، وأن كل ما سيتحقق من تقدم في الجوانب الاقتصادية والأمنية مرتبط بمدى ما سيقدم من دعم.

وحول مواجهة تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، أوضح القربي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك خطة لتوفير آليات عسكرية ودعم لوجستي للجيش اليمني من قبل مجموعة الأصدقاء، مبينا أن كثيرا من الدول تدرك خطورة الوضع بالنسبة للإقليم وللعالم أجمع، لذا ستقدم الدعم المطلوب، لافتا إلى أن «مواجهة (القاعدة) مسؤولية يمنية بالدرجة الأولى، لكن قوات الأمن بحاجة لدعم لوجستي لتحقيق ذلك».

واتضح في الاجتماع أن أساس العمل السياسي المقبل في اليمن، يرتكز على المبادرة الخليجية، وهنا كشف عبد اللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي لـ«الشرق الأوسط» عن تشكيل مجموعة عمل من سفراء دول الخليج الست في صنعاء، ومبعوث من الأمانة العامة لمجلس التعاون، وسفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، تتولى متابعة سير تنفيذ البرامج مع الحكومة اليمنية.

وكانت سبع وعشرون دولة والمنظمات الدولية الرئيسية من أصدقاء اليمن قد اجتمعت بالرياض أمس. وجدد أصدقاء اليمن التزامهم بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن، مرحبين بالتزام الحكومة اليمنية بالعملية السياسية المبنية على مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية، والتقيد بجميع عناصر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014م، معربين عن دعمهم الكامل لوحدة وسيادة واستقلال وسلامة أراضي اليمن، مثنين على وجه الخصوص على التقدم الذي تم في العملية السياسية منذ التوقيع على مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها.

واتفق المجتمعون على وجوب دعم العملية الانتقالية السياسية حتى نهاية المرحلة الثانية من مبادرة مجلس التعاون الخليجي وانتخابات عام 2014، على أن يتم بعد ذلك تقييم الدور المستقبلي لأصدقاء اليمن.

ووافقوا على تبني خطوات ملموسة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بحلول الاجتماع الوزاري المقبل على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر (أيلول).

وقدم اليمن في الاجتماع برنامجه المرحلي لعام واحد ينتهي في مايو (أيار) 2013، مبينا أن سينشئ لجنة الإعداد للحوار الوطني مع نهاية شهر يونيو (حزيران) ثم يستكمل مؤتمر الحوار الوطني بحلول شهر مارس (آذار) 2013، على أن يدعم أصدقاء اليمن العملية السياسية وأن يتم تزويد اليمن بالخبرات الفنية والدعم اللوجستي والمالي كما هو مطلوب. وسيقوم الأصدقاء بتشجيع كل الأطراف اليمنية كي يشاركوا بشكل كامل وبنشاط في مؤتمر الحوار الوطني.

وسيقدم أصدقاء اليمن الدعم الفني واللوجستي والمالي لكي تتمكن الحكومة اليمنية من تنفيذ خطوات المصالحة وتعويض المتضررين من الشعب وكذلك إعادة الإعمار في المناطق المتضررة أيضا.

وفي ما يتعلق بالمسار الاقتصادي، سيستكمل اليمن تنفيذ برنامج انتقالي مدته سنتان من أجل الترسيخ والتنمية ووضع أولويات واضحة للسنتين المقبلتين ووضع إطار لتنسيق الدعم الدولي، كما سينفذ الإطار الائتماني السريع الخاص بصندوق النقد الدولي وكذلك العمل مع صندوق النقد الدولي على وضع إطار تسهيلات ائتمانية طويل المدى.

وفي ما يتعلق بالمسار الأمني، سيعيد اليمن التنظيم العسكري والأمني، بما يحقق الاستقرار وإزالة عوامل التوتر وإعادة بناء القوات المسلحة وقوات الأمن وفق الخطة التي سيتم الانتهاء منها في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2012، وسيعد اليمن خطة شاملة لمكافحة «القاعدة في شبه جزيرة العرب» واستعادة السيطرة على جميع المناطق التي تحتلها عناصر «القاعدة» في البلاد. وستقوم قوى الأمن بضمان حماية الطرق السريعة لمنع أية هجمات أخرى على البنى التحتية الحساسة بما في ذلك أنابيب النفط والغاز.

وسيقدم الأصدقاء الدعم لمكافحة الإرهاب، وكذلك وحدات حرس السواحل كي تستطيع مواجهة تحديات تنظيم القاعدة والقرصنة.

وكان الأمير سعود الفيصل افتتح أمس الاجتماع الوزاري الثالث لمجموعة أصدقاء اليمن، وقال في كلمة استهل بها الاجتماع إن «أمن واستقرار وتنمية اليمن هي مسؤولية دولية ومردودها على الأمن الدولي مبرر للالتزام الدولي في تلبية متطلبات التنمية».

وأوضح محمد سالم باسندوة رئيس وزراء اليمن أن «ما حدث في صنعاء قبل أيام، من تفجير مروع راح ضحيته المئات من الشهداء والجرحى يستدعي وقوف أصدقاء اليمن بجانبه».

ووجه باسندوة كلامه للمجتمعين: «لا شك أنكم تدركون خطورة الأوضاع التي آل إليها اليمن خلال الأعوام الماضية، وهو ما دعا العديد من دولكم الشقيقة والصديقة لتكوين مجموعة أصدقاء اليمن لدعمه تنمويا وأمنيا، وهذا يكفيني مؤونة الإسهاب في شرح معالم الحالة المحزنة التي وصل إليها اليمن وحجم التركة الثقيلة التي ورثتها حكومة الوفاق الوطني».

وأكد أن اليمن يعوّل على أشقائه وأصدقائه في المساهمة بتمويل المشاريع التي تضمنتها الخطة المرحلية لكي يتمكن اليمن من مواكبة مسيرة التقدم التي يشهدها العالم، منوها بما أبداه المجتمع الدولي نحو دعم اليمن وتقديم العون له.

مشيرا إلى أنه «وبقدر ما يشعر اليمنيون بالارتياح لما توصلت إليه القوى السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة من اتفاق، وبقدر ما يثمنون للمجتمع الدولي دعمه لهذا الاتفاق، فإن اليمنيين يستشعرون أنهم مطالبون بترجمة هذا الاتفاق على أرض الواقع بما في ذلك التنفيذ الحثيث لإجراءات نقل السلطة كليا بطريقة سلمية إلى الشرعية الجديدة التي يقف على رأسها الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني، غير أن ثمة عراقيل مفتعلة ما زالت تعترض طريقهم».