«القاعدة» تشرد عشرات آلاف النازحين في جنوب اليمن

وكالات الإغاثة: نصف السكان ليس لديهم ما يكفي من الغذاء

TT

ما زال عشرات الآلاف من اليمنيين يعيشون حياة بائسة بعيدا عن منازلهم منذ أن فروا من قراهم ومدنهم في محافظة أبين الجنوبية التي سيطر عليها تنظيم القاعدة العام الماضي. ويعيش نحو 160 ألف شخص في ظروف صعبة بحسب إحصاءات منظمة الأمم المتحدة التي يبدو أن لديها آمالا قليلة في عودة هؤلاء قريبا إلى منازلهم، خصوصا في ظل حملة عسكرية جديدة يشنها الجيش ضد «القاعدة» التي سيطرت على معظم مدن أبين، لا سيما على عاصمتها زنجبار، في نهاية مايو (أيار) 2011. وتجد المنظمات الإنسانية الدولية صعوبة في الرد على حاجات النازحين الذين غادروا أرضهم من دون أن يحملوا أي شيء معهم، فيما لا تتمتع هذه المنظمات بالموارد المالية والبشرية الكافية.

وقالت أروى، وهي أم لابنين فرت من مدينة جعار عندما سيطرت عليها «القاعدة» قبل سنة «لم يعد لدينا شيء على الإطلاق». وتعيش أروى مع زوجها وابنيها في مختبر العلوم في مدرسة المعصوم العامة في مدينة عدن، وتتقاسم العائلة المختبر مع عائلة أخرى تتألف من ثلاثة أفراد. ولا يملك الأشخاص السبعة هؤلاء إلا خمس فرشات مطروحة على الأرض، وهم يتبادلون الأدوار ليناموا، ويغتسلون ويغسلون ثيابهم في المختبر، ويشتكون من أن الحصص الغذائية التي يحصلون عليها من الأمم المتحدة غير كافية على الإطلاق. وعندما مرض ابنا أروى اضطرت إلى بيع الصابون الذي حصلت عليه من منظمة إنسانية لكي تشتري الدواء. وقالت «هذه ليست حياة».

لكن وضع أروى يظل أفضل من نازحين آخرين. وفي المدارس الـ78 في عدن التي تؤوي نازحين جنوبيين، تعيش كل أربع عائلات معا في كل صف، بينما تعيش عائلات أخرى في الممرات أو في الملاعب. وقالت سارة سليمان من منظمة «أوكسفام»: «هذه العائلات تعيش في ظروف صعبة جدا، والحالة هي ذاتها في جميع المدارس». وهناك في اليمن عموما أكثر من 535 ألف نازح جراء النزاعات الماضية أو المستمرة. وقد تمكن عدد محدود من النازحين من العودة إلى قراهم، وظلت الغالبية تعتمد على المساعدات الدولية للحصول على لقمة العيش، إلا أن هذه المساعدات ليست متوافرة دائما. وقالت اليسون باركر، من صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إن «الوضع قاتم جدا»، مشيرة إلى صعوبات ونقص في المساعدات الدولية.

وفي عدن، حيث تعيش غالبية الـ35 ألف أسرة النازحة من أبين، يبدو أن الأصعب بالنسبة للنازحين هو تأمين المأوى، بحسب ما يقول طارق طلاهمة من منسقية الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة. ويعيش نحو 20 ألف نازح تقريبا في المدارس العامة، مما يثني آلاف الطلاب عن متابعة دروسهم بشكل طبيعي. وفي مدرسة المعصوم، خصص مبنى من أصل ثلاثة لاستضافة الطلاب، بينما خصص المبنيان الباقيان لإقامة النازحين. والصفوف في المدرسة تكتظ بالتلاميذ بينما يبدو وضع المباني بشكل عام سيئا جدا. وبحسب «اليونيسف»، يؤثر وجود النازحين في عدن سلبا على تعليم نحو مائة ألف تلميذ. وقد أضاع كثير من هؤلاء سنتهم الدراسية. أما الأطفال النازحون فلا يحصلون على أي تعليم، بحسب «أوكسفام».

وتشكل مسألة استضافة النازحين في المدارس موضوع خلاف بين محافظ عدن الذي يريد جمع النازحين في مخيمات تديرها الأمم المتحدة، والمنظمة الدولية التي لا تؤيد هذه الفكرة. وقال طلاهمة «هذا ليس خيارا مطروحا بالنسبة إلينا، لأن هذه المخيمات لن تكون محمية، وهذا سيزيد من التوترات الموجودة». وقالت النازحة نعمة منصور، التي فرت من أبين وليست لديها غرفة لتنام فيها مع عائلتها في مدارس عدن «جل ما نطلبه هو القليل من الأمان، والعالم بأسره عاجز عن أن يقدم لنا هذا الأمان».

وتنام منصور مع عائلتها في خيمة منصوبة على ملعب مدرسة، وتتقاسم الخيمة مع عائلتين. وفي ظل حرارة الصيف الخانقة، يفضل النازحون تمضية أغلب وقتهم في العراء. وقالت منصور «بالكاد يمكننا التنفس في الخيمة». وتتساءل «متى أعود إلى منزلي؟».

وقالت سبع وكالات إغاثة أمس إن نحو نصف سكان اليمن ليس لديهم ما يكفي من الغذاء، وإن القوى العالمية غير مستعدة للمساعدة بسبب اضطراب الوضع السياسي في البلاد. ودعت وكالات الإغاثة إلى القيام بإجراء سريع لتجنب كارثة. وقالت بيني لورانس، المدير الدولي بمنظمة «أوكسفام»، إن المانحين يتبنون سياسية قصيرة النظر لتركيزهم فقط على السياسة والأمن في هذا البلد. وأضافت في بيان «عدم الاستجابة على نحو كاف للاحتياجات الإنسانية الآن سيعرض مزيدا من الأرواح للخطر، ويزيد من الفقر، وقد يقوض الانتقال السياسي في البلاد».

ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، أدت الاضطرابات في اليمن إلى معاناة طفل من بين كل ثلاثة أطفال من سوء التغذية في بعض المناطق. وقالت «أوكسفام» إن النساء بوجه خاص عرضة للخطر، وإن الزواج المبكر زاد لأن الأسر تزوج البنات حتى لا تضطر إلى توفير الطعام لهن.