منظمة العفو الدولية تتهم النظام السوري باقتراف جرائم ضد الإنسانية

المجلس الوطني يكشف عن تشكيل مركز للعدالة والمحاسبة

مراقب يلتقط صورا للآثار الناجمة عن انفجار قنبلة في إحدى الحافلات بريف دمشق أمس (أ.ب)
TT

اتهمت منظمة العفو الدولية، التي تدافع عن حقوق الإنسان، النظام السوري بتعذيب وقتل معتقلين ومتظاهرين سلميين والقيام بأعمال قد تشكل جرائم ضد الإنسانية، فيما كشف المجلس الوطني السوري عن تشكيل مركز للعدالة والمحاسبة، يقوم على جمع الأدلة التي تدين النظام وتنسيقها لتقديمها في وقت لاحق لمحكمة دولية.

وفي تقريرها السنوي الذي نشر يوم أمس الأربعاء، أوضحت المنظمة الدولية أن «القوات الحكومية استخدمت القوة المميتة، وغيرها من صنوف القوة المفرطة، ضد المحتجين السلميين الذين خرجوا إلى الشوارع بأعداد غير مسبوقة للمطالبة بالإصلاح السياسي وإسقاط النظام»، لافتة إلى أنه «قد يكون نمط ونطاق الانتهاكات التي ارتكبتها الدولة بمثابة جرائم ضد الإنسانية». وكانت المنظمة حثت في شهر مارس (آذار) الماضي عقيلة الرئيس السوري أسماء الأسد على أن توظف نفوذها لصالح التأثير إيجابا في مجال حقوق الإنسان.

وبالتزامن، كشف مدير مركز «دمشق لدراسات حقوق الإنسان» ومدير العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري رضوان زيادة، أن مؤتمر «أصدقاء سوريا» انتهى مؤخرا إلى «تشكيل مركز العدالة والمحاسبة من دون الإعلان عن ذلك، وهو يضم أهم الخبراء القانونيين في العالم الذين تنحصر وظيفتهم في التعاون مع المجلس الوطني لجمع الأدلة التي تدين النظام وتنسيقها، لتقديمها في وقت لاحق إما لمحكمة دولية على غرار المحكمة التي أنشئت في يوغوسلافيا أو للحكومة الانتقالية إذا كان القرار اتخذ بأن يُحاسب القتلة على مستوى وطني».

ولفت زيادة إلى أن «تقرير المنظمة الدولية يُصدّق التقارير التي أصدرتها في وقت سابق بخصوص الوضع السوري، كما يتلاقى مع اتهام منظمة (هيومان رايتس ووتش) النظام بارتكاب جرائم حرب في منطقة إدلب». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الكل يتفق على أن نظام الأسد ارتكب ويرتكب مجازر جماعية فيما المطلوب اليوم وضع حد لهذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها»، داعيا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته ووضع أطر وآليات لوقف هذه الجرائم بأسرع وقت ممكن.

وفي الوقت الذي رفضت فيه دمشق مؤخرا تقديم تقرير إلى لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، نددت منظمة العفو الدولية بموقف السلطة السورية التي «تقاعست عن إجراء تحقيقات مستقلة في ما زعم وقوعه من أعمال القتل غير المشروع والتعذيب وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن وهي بمنأى عن المساءلة والعقاب».

واعتبرت المنظمة أن سلسلة الإصلاحات التي أعلنها الرئيس بشار الأسد في عام 2011، في محاولة للرد على حركة الاحتجاج غير المسبوقة في البلاد، ليست كافية.. وقد «ظلت حريات التعبير وتكوين الجمعيات والاجتماع تخضع لقيود شديدة على الرغم من رفع حالة الطوارئ وإصدار قوانين تسمح بالمظاهرات السلمية وتسجيل الأحزاب السياسية». وذكر التقرير السنوي للمنظمة أكثر من مثال عن تعرض الناشطين لجرائم ضد الإنسانية، فأورد حالة رجل لم يذكر اسمه في بانياس (غرب)، اعتقل لمدة ثلاثة أيام وتعرض للضرب والتجريد من الثياب وأرغم على «لحس دمه الذي سال على الأرض».

وفي حمص (وسط)، أشار التقرير إلى أن «جثة طارق زياد عبد القادر الذي اعتقل في 29 أبريل (نيسان) 2011 أعيدت إلى ذويه في يونيو (حزيران) وهو يحمل خصوصا حروقا بالكهرباء، وكذلك آثارا ظاهرة لتعرضه للضرب بالعصا والسكاكين، كما انتزع قسم من شعره».

ونددت المنظمة أيضا بمحاولة النظام سحق حركة الاحتجاج، مشيرة إلى حالة عازف البيانو مالك جندلي المقيم في الولايات المتحدة، والذي تعرض ذووه «للضرب في منزلهم بحمص، بعد أن تظاهر ولدهم ضد النظام في الولايات المتحدة». وأوضحت المنظمة في تقريرها أن «الأنباء أفادت بأن 200 معتقل على الأقل قد توفوا في الحجز في ملابسات مريبة وتعرض كثيرون منهم للتعذيب على ما يبدو». وأشار التقرير إلى أن هذا القمع لا يوفر الأطفال، وذكر حالة محمد المولع عيسى (14 عاما) في دير الزور (شرق) الذي قتل برصاص قوات الأمن بعد أن رفض المشاركة في مظاهرة موالية للنظام.

وأوضح التقرير أن «قوات الأمن قبضت على آلاف الأشخاص في ما يتصل بالاحتجاجات، وقبض على بعضهم أثناء المظاهرات، بينما قبض على البعض الآخر في مداهمات للمنازل أو حملات تفتيش من بيت لبيت أو غير ذلك من عمليات التمشيط».

وكانت منظمة العفو الدولية في تقريرها العام الماضي قالت إن «القوات السورية ربما ارتكبت جرائم ضد الإنسانية أثناء سحقها احتجاجات في بلدة تلكلخ في مايو (أيار)».

يذكر أن منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان اتهمت النظام السوري في وقت سابق بارتكاب جرائم حرب في إدلب قبيل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 12 من أبريل الماضي. وقالت المنظمة إن القوات الحكومية السورية قتلت ما لا يقل عن 95 مدنيا، وأحرقت ودمرت مئات المنازل أثناء عملية استغرقت أسبوعين في شمال محافظة إدلب، قبل وقف إطلاق النار بقليل، مشيرة إلى أن الهجمات وقعت في أواخر مارس (آذار) ومطلع أبريل، فيما كان مبعوث الأمم المتحدة الخاص كوفي أنان يتفاوض مع الحكومة السورية على وقف القتال.