لبنان يلملم تداعيات مقتل الشيخ عبد الواحد ورفيقه.. والتحقيق يقترب من تحديد المسؤولية

قهوجي يشدد على دور الجيش في وأد الفتنة وفرض الاستقرار

لبنانيون يلوحون بأعلام بلادهم في مسيرات لدعم وتأييد الجيش الوطني في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

لا يزال لبنان يلملم تداعيات حادثة مقتل إمام وخطيب مسجد البيرة في عكار الشيخ أحمد عبد الواحد ورفيقه الشيخ محمد مرعب، على حاجز للجيش اللبناني يوم الأحد الماضي، سواء على صعيد المعالجة القضائية أو جهود التهدئة السياسية.

وتواصلت التحقيقات مع 3 ضباط و19 عسكريا موقوفين على ذمة التحقيق في هذه القضية بإشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، وأكدت مصادر مواكبة للملف لـ«الشرق الأوسط» أن «التحقيق الأولي شارف على نهايته، واقترب من تحديد هوية المتسببين بالحادث، ومن هم العسكريون الذين أطلقوا النار على موكب الشيخ عبد الواحد ومن أعطاهم الأمر بذلك»، مشيرة إلى أن «كل هذه الأمور ستتضح عند إحالة الملف للمحكمة العسكرية والادعاء على المتورطين»، ومؤكدة أن «القانون سيأخذ مجراه، ولن يكون هناك غطاء فوق رأس متورط، بقدر ما أنه لن يظلم أحد في هذه القضية».

وفي الاحتفال التأبيني الذي أقيم في بلدة البيرة مسقط رأس الشيخ عبد الواحد ورفيقه، في اليوم الثالث لوفاتهما، جددت القيادات السياسية الدعوة إلى التهدئة، وشددت على أن يأخذ القضاء مجراه لتحقيق العدالة في هذه القضية، وقد مثل النائب بطرس حرب رئيس الجمهورية ميشال سليمان وقدم التعازي باسمه، ووسط مشاركة ممثل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحضور واسع لقيادات «14 آذار» وتيار «المستقبل».

وفي كلمة له في الاحتفال، جدد محمود عبد الواحد شقيق الشيخ المغدور الدعوة إلى «وجوب تقديم الجناة للمحاكمة للاقتصاص منهم عما فعلوه»، وقال: «من جنوب الوطن إلى شماله نرفض الظلم، ومستعدون في حال لم تتم محاكمتهم لقطع الطرق في كل بقعة على أرض الوطن حتى تعود كرامة أبناء هذا البلد إلى أهلها». واستنكر «الكلام اللامسؤول من البعض الذين لا يعترفون بهذه الحادثة (في إشارة إلى النائب ميشال عون) ولا يعترفون بخطأ الجيش، فنحن نقدر الجيش، لكن نطالب بمحاكمة عادلة للفاعلين ليبقى هذا الجيش وطنيا لكل أبنائه».

في هذا الوقت، أعلن عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش، أنه «جرى تأليف لجنة لمتابعة التحقيق في اغتيال الشيخين عبد الواحد ومرعب، مهمتها الاتصال برئيس الجمهورية (ميشال سليمان) ورئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) من أجل إحالة الملف إلى المجلس العدلي ومواكبة تطورات التحقيق». ولفت حبيش في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «اللجنة تتألف من مفتي عكار الشيخ أسامة الرفاعي، واثنين من نواب المنطقة، والمحامي محمد المراد وممثلين لعائلتي الشهيدين وأحد رجال الدين المسيحيين وممثل عن تنسيقيات تيار المستقبل في عكار». مؤكدا «تمسك اللجنة وما تمثل بتأليف لجنة تحقيق برلمانية في موازاة التحقيق الذي يتولاه الجيش حاليا بإشراف القضاء العسكري، وإحالة القضية إلى المجلس العدلي».

وعما إذا كانت المطالبة بتحقيق برلماني يدل على عدم الثقة بالقضاء العسكري، أجاب «نحن لم نقل إننا لا نثق بالقضاء العسكري، إنما لدينا شكوك في التحقيق الذي يجريه الجيش، لأن المتهمين بارتكاب الجريمة هم من الجيش. نحن لا نستطيع أن نمنع الجيش من إجراء التحقيق وهذا حقه وواجبه، لكن لدينا شك بما إذا كان هذا التحقيق موضوعيا».

وردا على سؤال عن دفاع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون عن الجيش ورفضه توقيف الضباط العسكريين المشتبه بعلاقتهم بقتل الشيخين، قال حبيش: «كل الناس لها الحق أن تدافع عن الجيش باستثناء هذا الرجل، فالعماد عون الذي هو قائد سابق للجيش، هو من أهان الجيش عندما قتل حزب الله النقيب الطيار سامر حنا في الجنوب وغطى من قتله، وهو من هاجم قائد الجيش يومها لأنه لم يأخذ الإذن من ميليشيا (حزب الله) من أجل أن تسمح لهذا الضابط الطيار أن يحلق بطائرة للجيش في الجنوب، كما أنه (عون) أهان الجيش عندما غطى توقيف الضباط والعسكريين قرب كنيسة مار مخايل». وسأل «كيف كان مسموحا عند الجنرال عون توقيف ضباط وعناصر الجيش عندما كانوا في مواجهة حلفائه في مار مخايل بينما بات (التوقيف) ممنوعا اليوم؟».

وتزامنا مع المناسبة وجه أمس قائد الجيش العماد جان قهوجي أمرا إلى العسكريين أمس بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لعيد المقاومة والتحرير، أكد أن «أحداث منطقة الشمال العزيزة التي حصلت بالأمس القريب جاءت لتؤكد مرة أخرى رهان الجميع على دوركم في وأد الفتنة وفرض الاستقرار»، وخاطب العسكريين قائلا: «كونوا على قدر هذا الرهان واحرصوا أشد الحرص على أرواح أهلكم من خلال أداء مهماتكم بمنتهى الدقة والمسؤولية»، مؤكدا أن «مهمتي الدفاع والأمن تتكاملان معا في سبيل الحفاظ على السيادة الوطنية والمصلحة العليا للبلاد».

وأضاف: «فكما لا يجوز على الإطلاق التفريط بذرة واحدة من ترابنا الوطني وقطرة واحدة من مياهنا وثرواتنا الطبيعية، كذلك لا يجوز لأي كان العبث بأمن المواطن ورزقه وكرامته واستغلال مناخ الديمقراطية والحريات العامة التي ينعم بها لبنان وما يعصف بالمنطقة العربية من أزمات للإيغال في تهديم أركان الدولة وتصديع وحدة الوطن وضرب مكتسباته والتلاعب بمصير أجياله».