الأمن اللبناني يهتز مجددا.. ومنطقة الروشة تتحول إلى ساحة حرب لساعات

حزب الله يدعو لسحب السلاح من «الزواريب والشوارع»

جنود متأهبون في مواقعهم خارج البناية التي شهدت اشتباكات أمس في إحدى ضواحي بيروت (رويترز)
TT

عاشت منطقة الروشة في بيروت منذ منتصف الليل حتى فجر أمس اشتباكات عنيفة بين شبان مسلحين من جهة، وعناصر من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي من جهة ثانية، أدت إلى مقتل اثنين من المسلحين وإصابة عدد من العسكريين بجروح مختلفة، في وقت دعا فيه حزب الله قوى «14 آذار» إلى «موقف وطني مسؤول برفع كل السلاح من الزواريب والشوارع، وجعله جزءا من الاستراتيجية الدفاعية للبنان».

وبحسب مصادر أمنية لبنانية، فإن اشتباكات الروشة التي دارت في محلة كراكاس تحديدا، بدأت إثر إشكال فردي وقع عند الساعة الحادية عشرة من ليل أول من أمس، بخلاف بين شابين على استمالة فتاة. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «السبب الأساسي للإشكال يعود إلى أن الفتاة السورية غرام حسين، كانت على علاقة بمواطنها الشاب يمان سليمان الملقب بـ(محمد سليمان) والذي يحمل هوية لبنانية مزورة باسم فادي إبراهيم، وقد تعرفت حديثا على الشاب اللبناني سامر أبو عقل وهو مزين نسائي فقررت ترك الأول والعيش مع المزين، وطلبت من الأخير أن يرافقها إلى منزل يمان من أجل أن تحضر أمتعتها التي كانت عنده، وما إن وصلا وطلب منه سامر تسليمه أغراض غرام، حتى استشاط يمان غضبا وأشهر مسدسا وأطلق النار عليه فخر يتخبط بدمه، وما لبث أن فارق الحياة، وهنا فرت الفتاة إلى الشارع ولحق بها الجاني وراح يطلق النار في كل اتجاه، ولدى حضور قوى الأمن الداخلي والجيش تبادل إطلاق النار معهم وقد تحولت المنطقة إلى ساحة حرب حقيقية، وما لبث المسلح أن عاد ليتحصن في شقته في الطابق السابع في أحد المباني، واستمر بإطلاق النار من الشرفة، وبقي على هذه الحال حتى الساعة السادسة من صباح أمس، إلى أن جرت مداهمة الشقة من قبل الجيش وقد قتل يمان في هذه المداهمة، وفي هذه الأثناء خرج الشاب هاني الشنطي وهو أردني حائز على الجنسية اللبنانية من داخل الشقة وفتح قنبلة ليلقيها على عناصر الجيش لكنه أصيب إصابات بليغة في يديه وفي كل أنحاء جسمه، وقد ألقي القبض عليه ونقل إلى المستشفى للعلاج ووضع تحت الحراسة الأمنية، كما جرى توقيف الفتاة أيضا».

يذكر أن الشنطي كان موقوفا أمام القضاء العسكري من ضمن مجموعة الـ«13» التي حوكم أفرادها بتهمة «الانتماء إلى تنظيم القاعدة والتخطيط للقيام بأعمال إرهابية في لبنان»، وحكم عليه بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات، وخرج من السجن قبل نحو ثلاثة أشهر بعدما أنهى مدة حكمه.

وتعقيبا على هذه الحادثة، أصدرت قيادة الجيش اللبناني بيانا جاء فيه، أنه عند الساعة الحادية عشرة من ليل (أول) أمس وفور حصول إطلاق نار في محلة كاركاس - الروشة، حضرت قوة من الجيش إلى المكان، ولدى وصولها تعرضت لإطلاق نار من قبل مسلحين متحصنين في الطابق السابع من أحد المباني، فقامت القوة المذكورة بفرض طوق على المبنى وأنذرت المسلحين بوجوب الاستسلام، لكنهم رفضوا ذلك واستمروا في إطلاق النار ورمي الرمانات اليدوية باتجاه عناصر الجيش، وعند الساعة 6.15 صباحا (أمس) اقتحمت القوة العسكرية الطابق المذكور واشتبكت مع المسلحين مما أدى إلى إصابة ضابط وثلاثة عسكريين بجروح مختلفة، ومقتل مسلح وجرح آخر تبين أنه كان موقوفا سابقا في لبنان لعدة أعوام ولأسباب أمنية». وأكد البيان «العثور داخل الشقة على جثة أحد الأشخاص الذي قتل أثناء الخلاف الذي حصل بادئ الأمر بين المسلحين أنفسهم، كما ضُبطت كمية من الأسلحة الحربية الخفيفة والذخائر والرمانات اليدوية والأعتدة العسكرية». مشيرا إلى أنه «تم توقيف حارس المبنى للاشتباه به، وسلم مع المسلح الجريح والمضبوطات إلى المراجع المختصة، فيما بوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص».

إلى ذلك، يترقب اللبنانيون نتائج التحقيقات الأولية التي يجريها القضاء العسكري، في قضية مقتل إمام وخطيب مسجد البيرة الشيخ أحمد عبد الواحد، ورفيقه الشيخ محمد مرعب على حاجز للجيش اللبناني يوم الأحد الماضي، وأعلنت مصادر مطلعة على مجريات التحقيق أن «لائحة التوقيفات رست على ثلاثة ضباط و19 عسكريا محتجزين على ذمة التحقيق». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحقيق الأولي شارف على نهايته، وهو الآن في طور الاستماع إلى الأطباء الشرعيين ودراسة تقاريرهم وتقارير الأدلة الجنائية، ومقارنة الطلقات التي أصابت الشيخين عبد الواحد ومرعي والسيارة التي كانا بداخلها، مع بنادق العسكريين الذين كانوا على الحاجز، وتحديد هوية العناصر الذين أطلقوا النار بشكل مباشر على السيارة، وكذلك تحديد المسافة التي كانت تفصل بين السيارة ومطلقي النار».

وردا على سؤال حول الروايات التي تروج عن إطلاق النار من موكب الشيخ عبد الواحد على الحاجز وأدت إلى إصابة أحد العسكريين، أجابت المصادر: «هذه رواية من الروايات التي يجري التحقق من مدى صحتها، وهي لا تحتاج إلى جهد كبير لكشفها». مشيرة إلى أن «الجندي لم يصب بطلق ناري إنما بشظايا زجاج متناثرة، يرجح أنها تطايرت من سيارة الشيخ عبد الواحد إثر إصابتها بالرصاص».

وفي ظل الخوف من الانفلات الأمني في البلاد، دعا نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله نبيل قاووق، قوى «14 آذار» إلى «موقف وطني مسؤول برفع كل السلاح من الزواريب والشوارع»، وشدد على وجوب أن «يكون السلاح الذي استخدم في طرابلس والطريق الجديدة والمناطق جزءا من الاستراتيجية الدفاعية للبنان، وأن تكون له وجهة واحدة وهي العدو الإسرائيلي، لحماية عناصر قوة لبنان المتجسدة بالوحدة الوطنية والجيش الوطني». وقال: «نحن حريصون جدا على إبعاد لبنان عن أتون النار المشتعلة في سوريا، وأن عنوان المشكلة اليوم ليس في خدمة النازحين السوريين إنسانيا واجتماعيا، إنما تكمن في أن المسلحين السوريين جعلوا من بعض المناطق اللبنانية مقرا لانطلاق عملياتهم العسكرية ضد الجيش السوري». وختم قاووق: «ندعو إلى الاتفاق بين قوى (8) و(14 آذار) على موقف وطني مسؤول بعدم السماح بتحويل لبنان إلى مقر لهؤلاء المسلحين، لنعزز الوحدة الوطنية ونحمي الاستقرار السياسي والأمني».