وزير الخارجية الفرنسي: قلقون من امتداد الأزمة السورية إلى لبنان

مصادر فرنسية رسمية: ثمة «خطوط حمراء» في لبنان

TT

ولى الزمن الذي كان يعبر فيه المسؤولون الفرنسيون عن «إعجابهم» بوعي اللبنانيين الذين استطاعوا أن يبعدوا عن لبنان تأثيرات الأزمة السورية. وبدلا من ذلك، جاء أوان التعبير عن «القلق» والتحذير من «المنزلق الخطر» الذي ينحدر إليه الوضع اللبناني مع التفجيرات الأمنية المتنقلة من الشمال إلى بيروت ومنها إلى البقاع.

وتعي باريس خطورة الوضع اللبناني وتعمل على تدارك ما تستطيع تداركه عبر اتصالاتها الدولية والعربية والإقليمية، ناهيك عن تواصلها المستمر مع كل مكونات الطبقة السياسية اللبنانية بما فيها حزب الله.

وتستطيع باريس الاعتماد على معرفتها العميقة لتفاصيل الوضع اللبناني. ففي وزارة الخارجية، عين السفير السابق في بيروت دوني بيتون مديرا لمكتب الوزير لوران فابيوس بحيث يكون عين الوزير وأذنه على كل الملفات السياسية. وأمضى بيتون وهو يجيد اللغة العربية بطلاقة، ثلاث سنوات سفيرا لبلاده في بيروت، حيث أظهر دينامية واضحة واستطاع أن يقيم شبكة واسعة من العلاقات مع كافة الأطراف. وخلفه في منصبه باتريس باولي، المدير السابق لإدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية. والسفير باولي الذي وصل حديثا إلى بيروت يتمتع بمعرفة عميقة لشؤون لبنان والعالم العربي وهو أيضا يجيد اللغة العربية بطلاقة.

وتتفهم باريس التي التزمت حتى الآن موقفا متشددا من الأزمة السورية، وضع لبنان الدقيق «النائي بنفسه» عن الأزمة السورية، أنه عندما كان لبنان عضوا «مؤقتا» في مجلس الأمن الدولي أو في إطار الجامعة العربية. لكن مصدرا فرنسيا رفيعا قال إن ثمة «خطوطا حمراء» لا يمكن لفرنسا التخلي عنها في تعاطيها مع الوضع اللبناني ببعده السوري وذكر منها اثنين: تسليم لبنان اللاجئين السوريين إلى السلطات السورية ودخول الجيش السوري إلى الأراضي اللبنانية.

وحتى الآن، لم يظهر من الحكومة الفرنسية الجديدة ما يدل على حصول «تغيير ما» في كيفية تعاطيها مع الملف اللبناني باستثناء استشعارها باقتراب المخاطر منه ودعوتها اللبنانيين إلى التحاور سبيلا لتطويق ما يمكن تطويقه.

وأمس، قال وزير الخارجية لوران فابيوس عقب لقائه رئيسة الشيلي السابقة ميشال باشليه، إن بلاده «تنظر بكثير من القلق إلى تأثيرات المأساة السورية على لبنان»، معربا عن أمله في ألا تصل «عدوى الدراما السورية العميقة» إلى لبنان.

وسيكون الوضع السوري موضع تباحث في باريس بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال زيارة الأول إلى العاصمة الفرنسية بداية الشهر المقبل. وما زالت فرنسا تراهن على احتمال أن يتغير موقف موسكو من مجمل المسألة السورية، حيث إنها ترى أن موسكو «ليست متمسكة بالمطلق» بالنظام السوري الحالي، وأنه «سيحين الوقت الذي ستكون فيه روسيا جاهزة» للنظر في الحلول البديلة.

وتريد باريس أن تكون روسيا، التي صوتت على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2043 الداعم لخطة المبعوث الدولي - العربي كوفي أنان، مستعدة لـ«استخلاص النتائج» من فشلها، وبالتالي البحث عن حلول «بديلة». وقال فابيوس، إنه سيلتقي أنان «قريبا جدا».

وأمس، قالت الخارجية الفرنسية، إن باريس «تقف إلى جانب السلطات اللبنانية في سعيها للحفاظ على السلم الأهلي وتهدئة التوترات القائمة». ورحبت الخارجية بـ«الخطاب المسؤول» للقادة السياسيين اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وإجماعهم على الدعوة إلى التهدئة.