زعيم صاعد يطرح أفكارا ثورية لتحريك الجمود السياسي في اليابان

يطالب بنقل السلطة من طوكيو ومنح المنتخبين صلاحيات غير مقيدة.. وبات يفوق شعبياً رئيس الوزراء

تورو هاشيموتو
TT

يعتبر عمدة مدينة أوساكا اليابانية تورو هاشيموتو، نتاجا طبيعيا لبلد يشعر بالضجر. ويطالب هاشيموتو، الذي يعد كبير محرضي الشعب الياباني، بتعديلات شاملة في الوضع الحالي للبلاد التي تتصف بالجمود. وأعرب هاشيموتو، الذي يحظى بطلة جذابة على شاشات التلفزيون، عن رغبته في نقل السلطة من طوكيو إلى مجموعة من المناطق الإقليمية الجديدة، التي يزيد مساحتها على مساحة المقاطعات الحالية، لتتولى هذه المناطق جمع الضرائب واتخاذ القرارات البسيطة. ويملك هاشيموتو فلسفة خاصة على طراز حكومة «حزب الشاي» في الولايات المتحدة، لكنه يتحدث عنها باستخدام ألفاظ قوية، لدرجة دفعت النقاد اليابانيين إلى إعطائها اسما مختلفا هو «هاشيزم»، نسبة إلى هاشيموتو.

وفي إحدى المقابلات التلفزيونية التي أجراها العام الحالي، يقول هاشيموتو، واصفا رؤيته في الإصلاح: «ستكون بمثابة الفوضى الخلاقة، حيث سنفكك كل شيء ونبدأ من نقطة الصفر».

ومن موقعه في هذه المدينة الصناعية المتآكلة التي تقع في قلب اليابان، يحظى هاشيموتو، 42 عاما، بنفس الشهرة وبثلاثة أضعاف القبول الذي يحظى بها رئيس الوزراء يوشيهيكو نودا.

وتُؤتي دعوات هاشيموتو للتغيير بثمارها في بلد يكتنفه القلق بشأن اقتصاده ويشعر بخيبة أمل كبيرة نتيجة لسنوات طويلة من ضعف الإدارة، فضلا عن الشعور المتزايد بالاشمئزاز من عجز الحكومة المركزية على اتخاذ بعض القرارات - بشأن سياسات زيادة الضرائب والطاقة وإعادة إعمار المناطق التي تتعرض للكوارث.

ويقول هاشيموتو، في نفس المقابلة التلفزيونية، إن الساسة اليابانيين: «لا يمكنهم التوصل إلى قرار بخصوص أي شيء. فمن دون إصلاح طريقة تشكيل الحكومة في البلاد، فسوف تغرق اليابان في غضون 3 إلى 5 سنوات».

وحتى قبل دخوله مجال السياسة، كان هاشيموتو، الذي كان يعمل بالمحاماة، يحظى بشهرة كبيرة على المستوى الوطني بسبب قيامه بتقديم الاستشارات القانونية على شاشات التلفزيون، ولكن الأسلوب السياسي الذي انتهجه قد زاد من شهرته بصورة كبيرة نظرا لقدرته الكبيرة على صنع الأعداء ومناظرتهم.

أصدر هاشيموتو مؤخرا قرارا يقضي بقيام كل موظفي المدينة، البالغ عددهم 30000، بالكشف عما إن كانوا يحملون وشما على أجسادهم، وهو رمز تقليدي في اليابان على عضوية الشخص في الياكوزا (المافيا اليابانية)، مؤكدا أن الأشخاص الذين يحملون هذا الوشم يجب أن يستقيلوا من وظائفهم.

واقترح أيضا بأن يحصل المسؤولون المنتخبون على ما يشبه «سلطة التفويض المطلقة»، وهو ما يعد بدعة في بلد تتوجس خيفة من أي سلطة غير مقيدة، بعد تراجع البلاد عن النزعة العسكرية في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

قال تسونيو واتانابي، رئيس مجلس إدارة صحيفة «يوميوري شيمبون القابضة» القوية في اليابان، واصفا هاشيموتو: «إنه يذكرني بأدولف هتلر».

وعلى صفحات «تويتر»، ذكر هاشيموتو واتانابي أنه مسؤول عن أكبر صحيفة في اليابان وأشهر فرق البيسبول في البلاد، حيث كتب قائلا: «إنه أكثر بكثير من مجرد طاغية رائع». ويقول مناصرو هاشيموتو إن عمدة أوساكا يمثل تهديدا للأحزاب السياسية فقط، وليس للأمة بأسرها. وبعد أن أقنعهم بشكاواه المتكررة من إخفاقات طوكيو، يأمل كثيرون هنا أن يستخدم هاشيموتو حزبه السياسي، الذي تأسس في عام 2010، في الحصول على منصب رئاسة الوزراء. لكن المشهد السياسي في طوكيو يعتبر موصدا في وجه المنافسين الجدد والأحزاب الصغيرة، حيث يسيطر «الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني» منفردا تقريبا على السلطة في البلاد، منذ نصف قرن، حتى تمكن الحزب الديمقراطي الياباني من الإطاحة به في عام 2009، بعد الوعود بإجراء بعض الإصلاحات التي لم تتم حتى الآن.

ولا يمكن تقريبا التمييز بين الحزبين الرئيسيين في اليابان في الوقت الراهن، نظرا لنفس التصرفات والسياسات التي ينتهجها كل منهما، فضلا عن هبوط شعبية كلا الحزبين إلى ما دون مستوى 20 في المائة.

وأشار هاشيموتو، الذي رفض طلبا بإجراء مقابلة معه، إلى عدم اهتمامه بالسياسة الوطنية في الوقت الراهن، مؤكدا أنه ينبغي عليه في البداية إصلاح أوساكا من خلال القضاء على معدلات البطالة والبيروقراطية الموجودة في المدينة، ولكن تصرفاته توحي بخلاف ذلك. فمنذ شهرين، قام حزبه، «رابطة استعادة أوساكا»، بعمل برنامج تدريبي لإعطاء دورات مكثفة في السياسات لأعضاء البرلمان المستقبليين. ويقول مسؤولو الحزب إن الهدف من وراء هذه الدورة هو تدريب عدة مئات من الأشخاص الذين يمكنهم الترشح للانتخابات البرلمانية في العام الحالي في حال قيام رئيس الوزراء نودا بحل مجلس النواب والدعوة لانتخابات عامة.

ويقول حزب هاشيموتو، الذي لا يملك أي مقعد في مجلس النواب حاليا، إنه يريد الحصول على 200 مقعد، من أصل 480، في المجلس في الانتخابات المقبلة، مما قد يجعله الحزب المهيمن على البرلمان، ويمكن هاشيموتو من الوثب على منصب رئيس الوزراء. وعلى الرغم من ذلك، يؤكد المحللون السياسيون ومسؤولو الحزب إنه من المحتمل حصول الحزب على 20 إلى 50 مقعدا في الانتخابات المقبلة، نظرا لقلة النجاحات التي حققها الحزب خارج أوساكا.

شغل هاشيموتو منصب محافظ أوساكا بعد الفوز الكاسح الذي حققه في عام 2008، حين كان لا يزال في سن الـ38. استقال هاشيموتو من منصبه في أواخر العام الماضي، قبل انتهاء فترة ولايته، ثم شارك في الانتخابات على منصب العمدة. وفي محاولة رمزية لكسر علاقة التواطؤ بين عمال المدينة والنقابات العمالية، قام هاشيموتو بطرد هذه النقابات من المقار التي كانوا يستأجرونها في أحد المباني الحكومية نظير إيجارات متدنية. وأجرى هاشيموتو تخفيضات هائلة في رواتب موظفي الحكومة، بما في ذلك خفض بنسبة 40 في المائة من رواتب سائق الحافلات، الذين كانوا يحصلون على رواتب تبلغ 93000 دولار سنويا في المتوسط، وهو ما كان يعد أحد مظاهر الجموح في الإنفاق، على حد قوله.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»