غليون: المجلس الوطني لم يرق إلى تضحيات الشعب.. والانقسام بين الإسلاميين والعلمانيين لا يجدي

طيفور لـ«الشرق الأوسط»: قناعتنا كـ«إخوان مسلمين» بأن تغيير الرئيس في هذه المرحلة لن يكون مجديا

صورة للبرلمان السوري خلال أولى جلساته في دمشق أمس بعد الانتخابات التشريعية في السابع من الشهر الحالي (إ.ب.أ)
TT

أقر رئيس المجلس الوطني السوري المستقيل برهان غليون، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أمس، بأن أبرز تحالف معارضة «لم يتمكن من أن يرقى إلى تضحيات الشعب السوري»، مشيرا إلى أنه تخلى عن مهامه خصوصا بسبب «انقسامات» بين الإسلاميين والعلمانيين.

وقال غليون بعدما أمضى سبعة أشهر في رئاسة المجلس «لم نتمكن من أن نرقى إلى تضحيات الشعب السوري. بالتأكيد لم نلب بالسرعة الكافية وبشكل كاف احتياجات الثورة». وأكد غليون أن «بطء» رد المجلس ناتج عن عمله بموجب «قاعدة التوافق». وقال إن «الصيغة الحالية هي صيغة ائتلاف عدة أحزاب أو تشكيلات سياسية تحتكر القرار ولا تعطي أي فرصة للأعضاء في المشاركة فعليا في القرار، مما أدى إلى جمود كبير». وتابع «كنا بطيئين، فالثورة تسير 100 كم في الساعة ونحن 100 متر في الساعة، ربما بسبب عرقلة قاعدة التوافق هذه»، مكررا عدة انتقادات صدرت عن لجان التنسيق المحلية التي تشرف على الاحتجاجات ميدانيا.

وأوضح غليون أنه أدرك أنه لم يعد موضع «إجماع»، وكتب في رسالة استقالته أنه يرفض أن يكون «مرشح الانقسام». وتابع «قدمت استقالتي لكي أقول إن طريق الانقسام هذا بين الإسلاميين والعلمانيين لا يجدي، وأعتقد أن النظام السوري هو الرابح لأنه حاول منذ البدء اللعب على هذا الانقسام». وأوضح «مع الأسف فإن بعض العلمانيين وحتى في أوساط المقربين مني لعبوا هذه اللعبة وباتوا اليوم يشكلون تهديدا بشق صفوف الثورة إلى جناحين قد يتواجهان حتى قبل الفوز، بدلا من أن يتعاونا».

ووافق المجلس الوطني السوري على استقالة رئيسه برهان غليون، التي قدمها قبل أيام، طالبا منه مواصلة مهامه إلى حين اختيار رئيس جديد في اجتماع يعقد في يونيو (حزيران) المقبل. وأوضح نائب المراقب العام لـ«الإخوان المسلمين» في سوريا فاروق طيفور أن «المكتب التنفيذي قبل استقالة غليون نظرا لإصراره عليها، على الرغم من أننا ضغطنا عليه ليتابع مهامه على رأس المجلس»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الآن تمت إحالة الاستقالة إلى الأمانة العامة التي ستكون لها الكلمة الأخيرة، فإما تُقبل الاستقالة أو تتم إعادة التكليف».

ولفت طيفور إلى أن «البحث قد بدأ لاختيار بديل عن غليون»، مشددا في الوقت عينه على أنه وحتى الساعة «لم يتم التوافق على أي من الأسماء». وأضاف «قناعتنا كـ(إخوان مسلمين) بأن تغيير الرئيس في هذه المرحلة لن يكون مجديا، لأننا نعتبر أن غليون أصبح خبيرا في المرحلة، كما أمّن شبكة علاقات واسعة مع قادة العالم، وبالتالي فإن التغيير حاليا قد لا يكون مناسبا».

ونفى طيفور أن يكون «الإخوان المسلمون» يرفضون ترؤس جورج صبرا للمجلس كونه مسيحيا، لافتا إلى أن «صبرا كان يتنافس مع غليون، وبالتالي فإن موقف الإخوان جاء نتيجة حساباتهم لاختيار الشخصية الأنسب للمرحلة»، مشددا على أن صبرا يبقى صديقا وحليفا.

وتطرق طيفور لملف إعادة هيكلة المجلس الوطني، مشيرا إلى أن اللجنة التي تم تشكيلها في وقت سابق انتهت إلى وضع 3 مشاريع لإعادة هيكلة المجلس وتوسيعه، لافتا إلى أنه سيتم بحث هذه المشاريع في اجتماع الأمانة العامة في 9 يونيو. وأضاف «كما أنه تمت إضافة أعضاء جدد إلى اللجنة التي لا تزال تضع مشاريع التوسعة بعد انسحاب الأعضاء من خارج المجلس الذين كانوا يسعون لنوع من الاستئثار بالقرار وبالمواقع».

وكان المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري أعلن أن أعضاء المكتب عقدوا دورة اجتماعات في مدينة اسطنبول التركية، خلال الفترة ما بين 21 و23 مايو (أيار) الحالي، لمناقشة «الوضع الميداني في سوريا كما الملف التنظيمي للمجلس».

وأفاد البيان الصادر عن المكتب التنفيذي بأنه ناقش رسالة غليون التي وضع فيها استقالته ودعوته الهيئة العامة للاجتماع من أجل إنجاز مشروع الهيكلة وتعديل النظام الأساسي وإصلاح أوضاع المجلس الوطني، وقرر قبول الاستقالة والطلب منه مواصلة مهامه إلى حين انتخاب رئيس جديد في اجتماع الأمانة العامة بالتاسع والعاشر من يونيو المقبل.

كما تقرر، وبحسب البيان نفسه، إنجاز مشروع التوسعة وإعادة هيكلة المجلس الوطني وتعديل النظام الداخلي ودعوة الهيئة العامة خلال شهر.

وفي شق العمل الميداني والسياسي، قال البيان الصادر عن المكتب إن المجتمعين بحثوا في سبل دعم الكتائب الميدانية والحراك الثوري وتوفير الوسائل اللازمة لتعزيز ثورة الشعب، كما في مضاعفة عمليات الإمداد، وزيادة مخصصات الإغاثة للمناطق المنكوبة بفعل جرائم النظام، وتقديم العون لقرابة مليوني لاجئ ومهجر في سوريا ودول الجوار. ولفت البيان إلى اتخاذ «جملة من الإجراءات والقرارات في هذا الشأن»، من دون أن يفصح عن طبيعتها.

وناقش المجتمعون كذلك «الواقع السياسي والتحركات ذات الصلة بمبادرة الجامعة العربية والأمم المتحدة، وأكد في هذا الإطار أن رفض النظام التجاوب معها ومواصلته عمليات القصف والقتل والاغتيال يمثل محاولة مقصودة لتقويضها».

ودعا المكتب التنفيذي للمجلس الوطني المجتمع الدولي إلى «التحرك العاجل لإقرار آلية جديدة عبر مجلس الأمن الدولي ترغم النظام على وقف جرائمه»، مضيفا أن النظام «لا يمكن أن يستجيب إلا لمنطق القوة»، على حد تعبيره.