حملات مقاطعة البضائع الإسرائيلية أكثر صعوبة في الضفة منها في دول أخرى

كثير من الفلسطينيين لا يجدون سببا لذلك ويفضلونها

فلسطينيون يواجهون الجنود الإسرائيليين احتجاجا على مصادرة أراضي كفر قدوم أمس (أ.ف.ب)
TT

«إذا انتقل هذا إلى أماكن أخرى في العالم فسنواجه متاعب كبيرة». هذا ما قاله الأسبوع الماضي، شالوم سمحون، وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي، تعقيبا على سؤال حول إمكانية مقاطعة بضائع المستوطنات الإسرائيلية في مناطق أخرى في العالم على غرار ما يحدث في الأراضي الفلسطينية.

ولم يكن سمحون يعلم أن جنوب أفريقيا والدنمارك وكذلك آيرلندا، قررت أخذ خطوات على هذا الطريق.

والآن بعد عامين من بدء السلطة حربا على بضائع المستوطنات، أخذت دول أخرى في العالم تحذو حذو الفلسطينيين، لكن مع فارق مهم، وهو أن حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية بما فيها المستوطنات، في الأراضي الفلسطينية نفسها، نصف ناجحة. ففي مول «رامي ليفي» التجاري الكبير على مشارف مستوطنات قرب بيت لحم ورام الله، يتسوق مئات الفلسطينيين يوميا من بضائع إسرائيلية يجدونها في أسواقهم، وبضائع مستوطنات لا يجدونها، وهؤلاء لم يستجيبوا لحملات مقاطعة بضائع المستوطنات التي أطلقتها السلطة الفلسطينية، ولا حملات مقاطعة البضائع الإسرائيلية التي تقف وراءها حملات شعبيه مختلفة.

ويفضل الفلسطينيون البضائع الإسرائيلية على البضائع المحلية، ويثقون أكثر من جودتها، وهذا سبب رئيسي وراء فشل كل الحملات لمقاطعة هذه البضائع التي بدأت قبل أكثر من 25 عاما أي أيام الانتفاضة الأولى، أما السبب الثاني الذي يدفعهم إلى زيارة مول رامي ليفي، مثلا وشراء حتى بضائع المستوطنات، فهي العروض الكبيرة التي يقدمها المول ويقف أمامها التجار الفلسطينيون والسلطة عاجزين.

ويشتري المتسوقون الفلسطينيون من المول الإسرائيلي كل شيء تقريبا يحتاج إليه المنزل، وهناك يمكن مشاهدة حالة من التعايش قل نظيرها في الخارج، فلسطينيون مسلمون ومسيحيون ومستوطنون ومتطرفون ويهود وجنود، يشترون حاجاتهم من المكان نفسه.

وبعيدا عن الأراضي الفلسطينية، تتخذ بلاد أخرى إجراءات صارمة للحد من انتشار بضائع المستوطنات، مثلما فعلت جنوب أفريقيا وما تنوي الدنمارك وآيرلندا عمله، حين طلبت وضع تعريف خاص ببضائع المستوطنات، بينما قررت شركات بريطانية كبيرة المقاطعة، وهو تناقض يثير الدهشة.

وتنبهت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية لذلك، وقارنت كيف أن دولا مثل جنوب أفريقيا والدنمارك تقاطع بضائع المستوطنات، بينما المنتجات الإسرائيلية ما زالت موجودة في أراضي السلطة الفلسطينية، والناس لا يرون أي سبب لوقفها.

وكان وزير التجارة الجنوب أفريقي روب ديفز، قد أعلن هذا الأسبوع أن بلاده لن تسمح من الآن فصاعدا بأن تحمل المنتجات الإسرائيلية المنتجة في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تباع في جنوب أفريقيا بطاقة المنشأ «صنع في إسرائيل». وقال ديفز للصحافيين: «نطلب من خلال هذا الإشعار أن تكتب البطاقات بشكل صحيح وسيترك الأمر عندئذ للمستهلكين في جنوب أفريقيا ليقرروا ما إذا كانوا يريدون شراء تلك المنتجات أم لا».

كما أعلن وزير الخارجية الدنماركي، فيلي سوندال، أن الحكومة الدنماركية وجهت بوضع علامات واضحة على البضائع المصنعة والمنتجة في المستوطنات الإسرائيلية، وطلبت من برلمانها الموافقة على ذلك، تنفيذا لقرار الاتحاد الأوروبي بتشديد الرقابة على تنفيذ اتفاقية التجارة بين دوله وإسرائيل. وقال للصحافيين: «لا يمكن تهريب بضائع المستوطنات وتصديرها إلى أوروبا، فهذه البضائع لم تكن جزءا من هذه الاتفاقية ويجب تضييق الخناق على المستوطنات التي تعتبر غير شرعية وفق القانون الدولي».

وقبل ذلك كانت كبرى شبكات المحال التجارية التعاونية في بريطانيا، «كو أوب» قد أعلنت مقاطعتها للشركات التي تصدر منتجات المستوطنات، وقد مس هذا بتعاقدات بقيمة 350000 جنيه إسترليني تقريبا. ووصفت إسرائيل القرارات بالعنصرية.

أما في الضفة الغربية، فيمكن أن تشاهد على واجهات المحلات إعلانات كبيرة لشركات إسرائيلية معروفة، مثل (شتراوس)، و(أوسم)، و(تنوفا)».

ويبدو الأمر محل خلاف وحيرة. وقال عادل، 32 عاما: «أنا لا أشتري أي بضاعة عربية، أثق أكثر بصراحة بجودة المنتج الإسرائيلي، واعرف أن الرقابة هناك صارمة إلى حد كبير». وأضاف: «هذه أسبابي. إنها صحية بامتياز».

ويتفق حافظ، 40 عاما، مع عادل وقال: «أنا أذهب إلى رامي ليفي لأنه يعطيني بضاعة أفضل وبسعر أقل». وأضاف «حليب ماتيرنا الإسرائيلي (للأطفال الرضع) يباع في الأسواق الفلسطينية بـ65 شيقلا، بينما في (رامي ليفي) بـ40 فقط، هذا الفرق يستفيد منه أولادي وهم الأهم». لكن لا تعكس هذه الآراء موقف الجميع هنا، وقال عبد الرحمن، 17 عاما، إنه ضد أي بضائع إسرائيلية لأنها تمول الجيش والدولة المحتلة.

ويقاطع فلسطينيون كل ما هو إسرائيلي. ويطلق نشطاء هذه الأيام حملة «بادر» لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، واستهدفوا هذا الأسبوع عصائر ذائعة الصيت تدعى «توبوزينا»، وقاموا بإحراق مئات الصناديق منها. وبينما كانت السوق الفلسطينية تستهلك ما قيمته 500 مليون دولار سنويا من بضائع المستوطنات، تستورد السلطة بضائع من إسرائيل بما يزيد على 3 مليارات دولار سنويا. ولا تنوي السلطة مقاطعة البضائع الإسرائيلية، لأنها مكبلة باتفاقات اقتصادية في هذا المجال.