مصادر أوروبية: رفضنا في بغداد طلب إيران بحث الوضع في سوريا والبحرين

قالت إن المفاوضات كانت صعبة وشهدت وفود «5+1» لأول مرة جليلي يبتسم

مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون لدى لقائها مع رئيس البرنامج النووي الإيراني سعيد جليلي في بغداد (أ.ب)
TT

كشفت مصادر أوروبية رفيعة المستوى شاركت في اجتماعات بغداد بين مجموعة الست «الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا» وإيران أن المجموعة التي رأستها كاثرين أشتون، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، رفضت الطلب الإيراني بمناقشة «المسائل الإقليمية» وخاصة الموضوعين السوري والبحريني. وردت المجموعة بأنها «غير مخولة» النظر في مواضيع لا تدخل في نطاق اختصاصها بموجب تفويض مجلس الأمن الدولي كما أنه «لا يجوز» مناقشة مسائل تغيب عنها الدول المعنية.

وفي لقاء مع مجموعة صحافية أمس، وصفت هذه المصادر اجتماعات بغداد التي دامت يومين بأنها كانت «مرهقة» وبأن آراء الخبراء الغربيين بشأن ما أفضت إليه «متضاربة» حيث يقول بعضهم إنها «وصلت إلى طريق مسدود» بعد أن رفضت إيران العرض الذي تقدمت به المجموعة. وبالمقابل، يرى خبراء آخرون أن ما حصل في العاصمة العراقية «يدخل في المسار المنتظر» للمفاوضات التي يسعى إليها الجانبان. وفي كلتا الحالتين، ترى هذه المصادر أن المفاوض الإيراني سعيد جليلي وصل إلى بغداد وهو يتمتع بـ«هامش ضيق» للمناورة وتقديم التنازلات فيما القرار الفعلي «موجود بيد خامنئي» مرشد الثورة الإيرانية. وتوقع هذه المصادر أن يكون خامنئي «مطلق اليدين» عقب الانتخابات الرئاسية المنتظرة العام القادم.

وتعتبر المصادر الأوروبية أن «الإنجاز» الوحيد الذي آلت إليه المفاوضات هو الاتفاق على جولة جديدة من المحادثات في العاصمة الروسية يومي 18 و19 يونيو (حزيران) القادم. وللوصول إلى ذلك، تعين على المجموعة أن «تناور» ما بين موقفين: الأول، التزام الحزم إزاء المطالب الإيرانية خصوصا في موضوع رفض السماح لطهران بالاستمرار في تخصيب اليورانيوم، والثاني التعاطي بـ«ليونة» بشكل لا يدفع المفاوض الإيراني إلى وضع حد للمفاوضات ورفض استئنافها الشهر القادم. وخيم في اليوم الأول جو «مريح» في الاجتماعات. والمفاجأة التي لفتت أنظار المشاركين الغربيين هي أن جليلي «يعرف أن يبتسم» حيث إنها كانت المرة الأولى التي يبدو فيها في مثل هذه الحالة النفسية.

وكشفت المصادر الأوروبية طبيعة «المقترحات» التي تقدمت بها المجموعة في الاجتماع الأول والتي رد عليها الإيرانيون بمقترحات مضادة مطالبين الست بـ«تعديل» مقترحاتهم. وطالبت الست إيران بأن توقف كامل نشاطاتها النووية في موقع فاردو النووي «القريب من مدينة قم» ووقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% «وهو يتم في فاردو وفي موقع ناتانز» وقبول إخراج كامل اليورانيوم المخصب بهذه النسبة إلى بلد آخر «وتقدر الوكالة الدولية للطاقة النووية هذه الكميات بـ140 كلغم». وبالمقابل، تقترح الست تقديم الوقود النووي «فورا» للمفاعل التجريبي الموجود في جامعة طهران وتقديم النظائر الطبية المستخدمة في بعض الحالات المرضية ومنها السرطان فضلا عن بدء العمل ببرنامج تعاون في ميدان الطب النووي وآخر لبناء مفاعل نووي جديد للبحوث العلمية والأمن النووي. ووعدت الست كذلك طهران بالامتناع عن اللجوء إلى مجلس الأمن لإدانة إيران بسبب جهودها في ميدان أسلحة الدمار الشامل. ويقوم العنصر الأخير على وعد أميركي بتليين العقوبات الأميركية في ميدان الطيران المدني والحصول على قطع غيار أميركية للطائرات الإيرانية المدنية.

وقالت المصادر الأوروبية إن نقطة الخلاف الجوهرية التي شدد عليها جليلي تتناول مسألة تخصيب اليورانيوم، علما بأن مقترحات الست تتوقف نصا عند اليورانيوم المخصب بنسبة 20% و«تترك جانبا» اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5%. غير أن هذه المصادر ردت هذه الطريقة في الطرح برغبة الست في «السير خطوة خطوة» ما يعني أن موضوع الـ3.5% «سيطرح لاحقا» لأن الست متمسكة بتوقف إيران تماما عن تخصيب اليورانيوم. وردا على قول جليلي وعلى الموقف الإيراني بشكل عام والقائل إن تخصيب اليورانيوم «حق» لإيران نصت عليه معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، قدمت المصادر الأوروبية قراءة مختلفة للفقرة المعنية التي تنص على حق البلدان الموقعة بالاستفادة من الطاقة النووية السلمية وليس حق التخصيب. وتذرعت الست بحجة إضافية هي ضرورة التزام إيران بالقرارات الخمسة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والتي تطلب من إيران وقف التخصيب بكافة أنواعه.

غير أن الرسالة الأساسية التي نقلتها أشتون إلى جليلي، وفق المصادر الأوروبية قوامها أن ثمة «خطوطا حمراء» لا تستطيع الست تجاهلها أو التخلي عنها، لكنها شددت بالمقابل على أن قبول إيران التوقف عن التخصيب بنسبة 20% «سيجعل كل الأمور اللاحقة ممكنة». وكان رد جليلي، عقب تكرار حق إيران به، القول إن «خطوة من هذا النوع لها ثمن» دون أن يحدد ما يعنيه بذلك.

وبحسب المصادر نفسها، لم يثر جليلي موضوع العقوبات الدولية، الأميركية والأوروبية صراحة ومباشرة. والمدهش أنه لم يتوقف أبدا عند العقوبات الأوروبية - الأميركية الخاصة التي ستدخل حيز الفعل نهاية يونيو وبداية يوليو (تموز) والتي تمتنع البلدان المعنية بموجبها عن شراء النفط الإيراني ما سيعني خسارة طهران ثلث عائداتها من النفط. وفي أي حال، كشفت المصادر الأوروبية أن «لا سبيل» لعدم بدء العمل بهذه العقوبات في مواعيدها المحددة ولا عودة عليها. وبرأيها، فإن «الفرصة الوحيدة» لدفع إيران لقبول تقديم تنازلات أي قبول مقترحات الست تتمثل في «استمرار الضغوط» الدولية عليها و«التهديد» بعقوبات جديدة. وبرأيها أن التهديدات بالتدخل العسكري «من واشنطن وإسرائيل» تشكل «جزءا من المشهد» الذي تدور في إطاره المفاوضات وهي «مفيدة».

ورد جليلي، «بعد أن تبين له وحدة موقف الست المتشدد» بما في ذلك روسيا والصين، بطرح مقترحات مضادة من 5 نقاط هي في واقعها 5 مطالب كالتالي: الاعتراف بحق إيران «غير المشروط» بالتخصيب، قبول تناول التخصيب بنسبة 20% شرط أن تحصل طهران «على ثمن»، الاعتراف بأن إيران «حرمت» دينيا السعي للسلاح النووي، الاعتراف بأن تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة «يسير في الطريق الصحيح»، تناول المواضيع الإقليمية خلال المناقشات التي يمكن أن تشمل الإرهاب، مكافحة القرصنة وتهريب المخدرات، وخصوصا الأوضاع في بلدان مثل البحرين وسوريا.